سد النهضة خيارات مصر الصعبة

اضغط لتحميل الملف

سد النهضة خيارات مصر الصعبة

تمهيد

في ظل التطورات العالمية التي تشهدها معظم دول العالم بسبب انتشار فيروس كورونا من منظور أحادي، تواجه مصر بجانب ذلك تهديدًا للأمن المائي المصري بانعكاساته على الأمن القومي، حيث يمكن أن تقوم إثيوبيا باستغلال الظرف الدولي والداخلي لمصر وتقوم بالبدء في عملية ملء السد، وقد أعلنت أثيوبية مؤخرا في ابريل 2020 عن انتهاء 73% من أعمال بناء السد وأنه سيتم ملء خزان السد في موسم الأمطار القادمة،[1] وقد سبق واستغلت إثيوبيا انشغال مصر مرتين، المرة الأولى بأحداث الثورة حيث قام رئيس الوزراء الإثيوبي السابق مريام ديسالين بوضع حجر الأساس في 2 أبريل 2011، بعد أن تم تحديد موقعين في منتصف 2010 لدراستهم قبل وقوع الاختيار النهائي على الموقع الحالي الذي تم فيه البناء، حيث قامت هيئة المساحة الأمريكية بتحديده سنة 1960 وذلك بعد زيارة وفدٍ كبير لأديس أبابا خلال فترة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي والذي كان ردًا على تمويل الاتحاد السوفيتي على بناء السد العالي[2]، وأخذت أثيوبيا القيام بتحركات سريعة لإبرام عقود مع الشركات وجمع الممولين والمتبرعين والتي حصلت عليه شركة إيطالية Saline Impregilo  بقيمة 4.5 مليار دولار، في المقابل شهدت السياسات المصرية تخبطًا وخطواتٍ غير مدروسة وعدم إعطاء الأمر وزنه الحقيقي والمناسب لما يمثله من تداعيات، أما المرة الثانية فكانت خلال فترة الانقلاب العسكري في 2013 حيث سرَّعت من إجراءات البناء. وعند استرجاع الذاكرة في التاريخ الحديث سنجد العديد من المواقف السياسية الحازمة في ملف السدود الأثيوبية سواء رسمية أو غير رسمية بداية من جمال عبد الناصر ومرورا بالسادات وحسني مبارك ومحمد مرسي، ويشاع أن السادات قام بتوجيه ضربةٍ لأحد السدود في أثيوبيا وذلك بعد أن نفت أثيوبيا قيامها بتنفيذ أي سد حينها، وبغض النظر عن صحة الأمر من عدمه إلا أن السادات خصَّص فرقةً داخل الجيش مسؤولة عن تدمير السدود في أثيوبيا في حال قامت ببنائها[3]، فالخلفية التاريخية فيما يتعلق بملف السدود بين مصر وأثيوبيا تحفل بالعديد من التصريحات العدائية تجاه أثيوبيا مستدعين خلفياتهم العسكرية بدلا من وضع خطة لحل جذور المشكلة، وتبقى الفترتان التي استطاعت أثيوبيا استغلالهما ولم تقم السلطة حينها باتخاذ أي مواقف حازمة هما فترة حكم المجلس العسكري بعد خلع مبارك في الثورة وفترة السيسي بعد الانقلاب على مرسي.

ومنذ الإعلان عن بناء السد في بداية سنة 2011 خلال أحداث الثورة، قام رئيس وزراء أول حكومة بعد الثورة “عصام شرف” بأخذ خطوة فردية متوجهًا إلى أثيوبيا والذي استُقبِل استقبالًا غير لائقا في أثيوبيا وسط تصريحات حادة وعدائية،[4] كاسرًا التقاليد والاتفاقيات المبرمة مع السودان كاتفاقية تقاسم مياه النيل الموقعة سنة 1959،[5] بأن يكون التحرك مشتركًا وموحدًا فيما يتعلق بالمسائل المائية ونهر النيل وهو ما جعل الأزمة تكبر وتتنامى بين البلدين مع مرور الوقت وتسارع الأحداث.

 يعتبر الموقف السوداني في ملف سد النهضة موقفًا استراتيجيًّا بالنسبة لمصر حيث إن مصر والسودان هما دولتا المصب الوحيدتان ضمن دول حوض النيل وبالتالي فإن أيُّ موقفٍ دوليٍّ قانوني أو حتى غير قانوني سيكون عاملَ ضغطٍ كبيرٍ على أثيوبيا. وقد حرصت أثيوبيا في بداية الأمر على استمالة السودان لما لها من أهمية سياسية وجغرافية وعسكرية بالنسبة للسد، حيث كشف مسؤولٌ في وزارة الموارد المائية والري والكهرباء السودانية “سيف الدين حمد عبد الله” أن أديس أبابا أخطرت الخرطوم بنيتها بناء سد النهضة قبل أشهر من الإعلان عنه رسميا في مارس 2011، وقال إن تصميمه الحالي يتوافق مع المواصفات التي طالب بها الجانب السوداني. وقال إن إثيوبيا تمثل عمق السودان الاستراتيجي لتخزين المياه وليس مصر. وقال إن إثيوبيا نفذَّت كل التغييرات المطلوبة لضمان سلامة السد، مبينا أن شركة “ساليني” الإيطالية المنفذة للسد سبق أن بَنَت أكثر من 200 سدٍّ حول العالم، وقال إن السودان سيجني العديد من الفوائد عقب تشغيله، داعيًا إلى أن تكون إثيوبيا هي العمق الاستراتيجي لتخزين المياه. وحذَّر من التوجه إلى تخزين المياه في السد العالي بمصر لعدم رجوع المياه إلى السودان نظرا لطبيعة الأرض السودانية المسطحة.[6]

تداعيات سد النهضة على مصر

تعد أكبر المشكلات والتهديدات التي تواجه مصر في تلك القضية هي في المآلات التالية:

  1. انخفاض حصة مصر المائية بمتوسط يقدر من 9 إلى 12 مليار متر مكعب بأقل التقديرات من أصل 55 مليار متر مكعب وهو ما يقارب الربع، وبعض الخبراء يتحدث عن 20 إلى 35 مليار متر مكعب، ويعتبر انخفاض حصة مصر المائية 12 مليار متر مكعب تهديدًا كبيرًا للأمن القومي المصري خاصة أن مصر مصنفةٌ ضمن الدول الفقيرة مائيًا بحسب حصة الفرد للمياه،و يعتمد حجم التأثير طبقًا لعدد السنوات التي ستسعى بها أثيوبيا لتخزين السد فكلما زادت المدة قلت الآثار السلبية المباشرة وتسعى أثيوبيا لملء السد في 3 سنوات وهو ما سيجعل مصر والسودان تفقدان حصة تتراوح بين 15 – 25 مليار متر مكعب قادمة من أثيوبيا وستضطر مصر للجوء لبحيرة ناصر لتعويض العجز الذي لن يصمد كثيرًا[7][8]، وقد قامت مجموعة من المتخصصين في جامعة الفيوم بعمل ورش عمل نُوقِشَ فيها حجم المآلات التي سيتركها السد في حال شرعت الحكومة الأثيوبية في ملئه بست سنوات وفي حالتين حالة الفيضان العادي و حالة الجفاف كما حدث بين عامين، وتلخصت في أنه في الحالة الأولى من غير جفاف ستفقد مصر 7ونصف مليار متر مكعب سنويًا أما في حالة الجفاف فستفقد نحو 36 مليار متر مكعب من أصل 55 مليار متر مكعب [9].
  2. بوار الأراضي الزراعية حيث تتراوح التقديرات والدراسات بين 2 مليون هكتار إلى 4 مليون هكتار من أصل متوسط 8 إلى 10 مليون هكتار[10]،موجودين حاليًا مما سيؤثر على الاقتصاد ومصانع التغذية والعاملين في الزراعة. وإذا بلغ الانخفاض مقدار 10 مليارات متر مكعب سنويًا فإن خسائر القطاع الزراعي ستصل إلى 150 مليارًا فى السنة.[11] وخسارة 2% من حصة مصر المائية سيُفقدها سنويا 200 ألف فدان حسب تصريح وزير الري محمد عبد العاطي،[12] وهو أمر غاية في الخطورة حيث إنه لو فقدت مصر 15 مليار مكعب سنويا ستتجاوز نسبة الفقد 18% أي أن حجم ما ستفقده مصر سنويا من الأراضي الزراعية ما يعادل مليون و800 ألف فدان زراعي من أصل 10 مليون أي 18 % من حجم الأراضي الزراعية.
  3. انخفاض النصيب الفردي للماء ويعتبر مؤشرًا خطيرًا مع زيادة أعداد المواطنين حيث إن مصر تعتبر من الدول التي تعيش عجزا مائيا يقدر بنحو 42% من احتياجات مصر وتقوم بإعادة تدويرٍ للمياه بنسبة 33 % لتغطية الاحتياجات، ويبلغ خط الفقر المائي 1000 متر مكعب سنويا حسب التصنيف العالمي بينما تبلغ حصة المواطن المصري حاليًا متوسطَ 640 مترا مكعبا بعجز 36% [13]. بينما ستلجأ مصر لمشاريع تحلية مياه البحر الباهظة الثمن.
  4. ارتفاع معدل الهجرة من الريف إلى المدن.
  5. ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية حيث إن ذلك التأثير سيكون بشكل كبير في الصناعات الغذائية ويتجاوز عدد المصانع الغذائية 1200 مصنع، علاوة على أن كل الصناعات والمصانع التي تعتمد على المياه ستتأثر وهو ما سيؤثر في معدلات الإنتاج والتكلفة والأيدي العاملة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وانخفاض حجم الصادرات الزراعية والغذائية، وزيادة حجم الواردات الغذائية التي تقدر بنحو 60 %.
  6. تقلص حجم بحيرة ناصر سيؤثر على عمل التوربينات الكهرومائية المرتبطة بالسد العالي، وقد يصل ذلك التأثير بنحو 30% من إجمالي الإنتاج، لكن النسبة ليست ثابتة، فهي مرشحة للزيادة والنقص، والقاعدة التي نعمل عليها حسابيا أن المليار متر مكعب من حصة مصر يعطي إنتاجية طاقة بمقدار 2% بما يعني أن انخفاض مليار متر من الحصة المقررة يقلل 2% من قدرات توليد الكهرباء” وذلك في حوار مع المهندس عبد النبي عبد الغنى رئيس مجلس إدارة شركة المحطات المائية لإنتاج الكهرباء “شركة كهرباء السد العالي” في حوارٍ أُجرِيَ معه في سنة 2013. [14]
  7. انخفاض ناتج محاصيل استراتيجية كالأرز وقصب السكر لكبر حجم احتياجها للماء وهو ما سيكون له أثر في تأثر الصادرات المصرية وارتفاع ميزان العجز التجاري، وهو ما تقوم به السلطات المصرية حاليا بمنع الفلاحين من زراعتهم وبتغريمهم ماليًا، حيث قام الوزير بخفض حجم الأراضي الزراعية التي تزرع الأرز من مليون و100 ألف فدان إلى 724 ألف فدانٍ فقط[15]. علاوة على توقف مشاريع استصلاح الأراضي، وتأثر مشروع (توشكا) لاعتماده الرئيسي على البحيرة .
  8. دخول المياه المالحة على منطقة الدلتا نتيجة انخفاض معدل تدفق مياه النيل وارتفاع مستوى البحر وسط تغيرات الطقس العالمية.[16] بجانب تأثر منسوب المياه الجوفية في الصعيد، وشحط الملاحة المائية بنهر النيل.

وقد بدأت الحكومة بالفعل من يناير 2018 باتخاذ مجموعة من القرارات والقواعد المنظمة للفلاحين من حيث تحديد المنتجات الزراعية المسموح بزراعتها، فتم حظر، أو تحديد حجم زراعة صنف بعينه كالأرز وقصب السكر لاستهلاكه العالي للماء .[17] هذا بجانب توجيه الرأي العام في نفس سياق سياسات الحكومة فيما يخص نوع المزروعات كالذي قام به عمرو أديب في إحدى حلقاته[18]. ويوجد في مصر قرابة 47 محطة تحلية، قامت مصر مؤخرًا ببناء 4 محطاتٍ لتحلية المياه 3 منهم بسعة إنتاج 150 ألف متر مكعب يوميا، والرابعة 164 ألف متر مكعب يوميًا حيث تمت الإشارة لها خلال اجتماع المتحدث العسكري مع مجموعة من الصحفيين بعد أحد المؤتمرات الصحفية، وهو ما يعادل 224724 ألف متر مكعب أي ما يعادل 2 مليار متر مكعب وهو لا يمثل إلا 10 % من حجم الحصة التي ستفقدها مصر والتي تقدر بأقل تقديرات 12 مليار متر مكعب[19].

ومن المهم أن نشير هنا إلى التبعيات السياسية لتلك المآلات، على المستوى الخارجي ستكون مصر أكثر تبعية للقرار الخارجي لعدم قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية الغذائية وهو ما سيجعل القرار السياسي في الأمور الاستراتيجية مرهونًا عند الدول التي يمكنها أن تقدم تلك الاحتياجات، هذا بخلاف أنه يمكن للدول التي تقوم بتصدير المواد الغذائية الأولية أن تضغطَ للحصول على امتيازات سواء داخليا أو في قضايا إقليمية ودولية منها القضية الفلسطينية والغاز  والبترول على سبيل المثال.

التطورات الأخيرة .. انسداد الأفق الدبلوماسية

كانت مصر قد طالبت بإشراك البنك الدولي في مفاوضات بناء السد إلا أنه تم رفض المقترح من جانب إثيوبيا والسودان حيث قال وزير الموارد المائية والري والكهرباء السوداني “معتز موسى” في تصريحات صحفية، بعد القمة التي انعقدت في إثيوبيا بين الدول الثلاث يناير 2018، إن السودان يرفض إشراك البنك الدولي في حل قضية “سد النهضة”.[20] وقد شاركت مصر في 18 جولةَ مفاوضاتٍ مع إثيوبيا والسودان، شهدت بعض تلك الجولات شدًا وجذبًا بين مصر وإثيوبيا، وحاولت السودان الوقوف بالمنتصف ولكن سرعان ما تغير الموقف السوداني نتيجة السلوكيات المصرية في دعم المتمردين بدارفور من جهتي ليبيا وجنوب السودان خلال فترة إدارة عمر البشير. وبالرغم من أن خروج ثورة في السودان كانت فرصة لمصر في استمالة الطرف السوداني في مفاوضات سد النهضة إلا أن الانطباع عند الشارع الثوري من السيسي لم يكن محل التقدير بل على النقيض كانوا يرون تدخلاته تهديدا للثورة، وهو ما ظهر بالفعل في العديد من الهتافات ضد السيسي خلال تظاهرات السودانيين، وفي المقابل كان التدخل الأثيوبي يميل لصف الثورة والشباب حيث أطلقت مبادرة لتتوسط بحل بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، واستضافت العديد من اللقاءات التي أدت إلى الاتفاق على تشكيل المجلس السيادي الحالي لإدارة المرحلة الانتقالية.

خلاصة التطورات الأخيرة في ملف سد النهضة هو أن طريق المفاوضات أخذ يصل لطريق مسدود بعد رفض الطرف الأثيوبي التوقيع على مسودة الاتفاق الأمريكي حيث صرح وزير الخارجية الأثيوبي “لن نقبل أن تطلب منا أمريكا أن نفعل شيئا لا نريده وأن تمارس الضغوط علينا لفائدة الآخرين”، وكان ذلك بعد عدة لقاءات جمعت وزراء الخارجية والموارد المائية لكلٍ من مصر والسودان وأثيوبيا في يناير 2020، وقد سلمت الإدارة الأمريكية نسخة يوم 24 يناير بعد تفويض الإدارة الأمريكية والبنك الدولي بكتابة الصياغة، والذي نص على اقتراح لبعض البنود الخلافية منها آليات ملء الخزان والفترة الزمنية لملئه، وقد نص على تقليص حصة مصر المائية من 55 مليار متر مكعب إلى 37 مليار متر مكعب، وهو الذي وافقت مصرُ عليه بالرغم من انخفاض حصتها وقامت بالإمضاء عليه بينما الطرف السوداني لم يوقع، وامتد الأمر أيضا إلى أنها رفضت التوقيع على بيان جامعة الدول العربية الذي انتقد السلوك الأثيوبي بل أصدرت بيانًا قالت فيه إنها فوجئت ببيان الجامعة العربية في 1 مارس.[21]

من المهم أن نشير هنا إلى أن اجتماع السيسي في مقر وزارة الدفاع داخل أمانة الوزارة يوم 3 مارس (يحتمل أن يكون اجتماع لجنة أزمة) تم فيه مناقشة الأزمات التي ستقبل عليها مصر ومن ضمنها ملف سد النهضة، والذي تبعه محاولة اغتيال فاشلة لحمدوك يوم 9 مارس والتي يرجح ألا تكون العملية بهدف اغتياله بقدر إيصال رسالة يرجح أن يكون وراءها المنتمين للبشير أو جهة خارجية (مصر , الإمارات , السعودية) بسبب رفضهم لمواقف قوى الحرية والتغيير ومن خلفهم تجمع المهنيين السودانيين.

تكوين المجلس السيادي السوداني وأثره على سلوك الفواعل الإقليمية

تكوين المجلس السيادي السوداني هو خليط من عدة قوى وامتداد لمكونات مختلفة وتقوم كل قوى إقليمية خاصةً مصر والإمارات والسعودية بلعب أدوارٍ داخل المجلس مع مكونات الأطراف السياسية في السودان لتحقق مصالحها وعلى رأسها البعد الأمني. فنجد الإمارات على علاقات قوية بحمديتي قائد قوات التدخل السريع وهي مليشيات الجنجويد التي عليها الكثير من الانتقادات خلال فترة الحرب في دارفور والتي ضمها البشير إلى تكوينات القوات المسلحة، ونجد عبدالفتاح برهان الذي كان يشرف على القوات السودانية في اليمن حيث كان يتنقل إلى الإمارات واليمن بشكل مستمر خلال فترات إشرافه على ذلك الملف وهو الطرف الذي تميل له مصر باعتبار رغبتها في التعامل مع مؤسسة عسكرية، ولكن بالرجوع إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها حمديتي إلى مصر قد نشهد تغيرا في موقف النظام المصري حيث استُقبل حمديتي من السيسي شخصيا بجانب زيارة عباس كامل إلى السودان فور العملية الفاشلة لاغتيال حمدوك والذي حمل ثلاث رسائل , واحدة للبرهان والثانية لحمديتي والثالثة لحمدوك، فالمجلس السيادي ليس على توافق وليس تحت قيادة متماسكة ولكنه بأطراف متعددة وغير متماسكة يحاول كل طرف إدارة المرحلة الانتقالية بما يعظم مكاسبه سواء برهان أو حمديتي من جهة و قوى الحرية والتغيير والمكونات السياسية المختلفة من جهة أخرى، وبتلك التباينات تقوم كل دولة بالدخول ومحاولة التأثير واستمالة القرار بما يصب في صالحها سواء في الملفات الاستراتيجية أو الفرعية والتي من ضمنها وعلى رأسها ملف سد النهضة الذي يعتبر أحد الملفات الاستراتيجية بالنسبة لمصر . فبوجه عام فإن هذه التباينات لا يمكن أن يخرج منها قرارٌ موحد تجتمع عليه الأطراف السودانية خاصة أنه يعتبر ملفًا استراتيجيا وحيويا بالنسبة للسودان أيضا ويمكن أن يساهم في التخلص من بعض المشكلات الاقتصادية ويساهم في التنمية.  

زيارات أمنية وعسكرية مكثفة بين 8 مارس و12 مارس.. هل هي مؤشر؟

1- زيارة عباس كامل للسودان وجنوب السودان، وزيارة وفد عسكري مصري لأثيوبيا

ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية أن وفدا عسكريا مصريا رفيعًا ذهب إلى إثيوبيا من دون إعلان رسمي، لإجراء مباحثات حول السد، ويأتي ذلك بالتزامن مع زيارة عباس كامل مدير المخابرات العامة للخرطوم وجوبا على التوالي حاملًا رسائل إلى رئيسي البلدين بخصوص السد. [22] وسبق وأن قامت المخابرات العامة بالعديد من الزيارات للضغط على الدول المانحة سنة 2014 دون أن تحقق أي جدوى أو تقدم.[23]

2- زيارة الوفد العسكري الأثيوبي للسد

زيارة الوفد العسكري الأثيوبي للسد

قال رئيس الأركان الإثيوبي الفريق أول آدم محمد إن الجيش مستعد للتصدي لأي هجوم عسكري يستهدف سد النهضة، وللرد على مصدر الهجمات بالمثل. وكان ذلك خلال زيارته موقع سد النهضة غربي البلاد، ويرافقه قائد القوات الجوية ومجموعة من كبار قادة الجيش الإثيوبي، فيما صرح العميد “يلما مورديسا” قائد القوات الجوية الإثيوبية أن القطاع الجوي للجيش جاهزٌ لإحباط أي هجمات جوية تستهدف منطقة السد. وتأتي هذه التصريحات في سياق تصعيد رسمي وإعلامي إثيوبي، عقب انسحاب أديس أبابا من المفاوضات مع مصر والسودان برعاية أمريكية، مؤكدة حقها في مياه النيل، وأنه لا توجد قوة تمنعها من استغلال مواردها في التنمية، وهو ما رفضته القاهرة واعتبرته تصعيدا غيرَ مبرر.[24]

3- زيارة وفد عسكري أثيوبي للسودان

وصل إلى العاصمة السودانية وفد عسكري إثيوبي رفيع المستوى برئاسة الفريق أول “برهان وجولا” نائب رئيس الأركان الإثيوبي، ونائب رئيس الأركان الفريق “فيشا كادنو” مدير العمليات بالجيش الإثيوبي. وقد صرحت السفارة الإثيوبية في السودان بأن الوفد سيبحث بالخرطوم مجالات التعاون والعمل المشترك بين الجيشين السوداني والإثيوبي وأعمال التنسيق في الحرب على الإرهاب وتأمين الحدود المشتركة، كما سيسلم الوفد رسالة من رئيس الوزراء آبيي أحمد إلى رئيس الحكومة السودانية حمدوك. [25]

يمكن أن تعطينا تلك الزيارات مؤشرا على أن النظام في مصر قد يسلك سياسة مختلفة عن السياسة التي كان يقوم بها خلال السنتين الماضيتين بعد قدوم عباس كامل بداية 2018 على رأس جهاز المخابرات العامة والتي اتسمت بالمسار الدبلوماسي بالمقام الأول، فتلك الزيارات تعطي مؤشرًا على احتمالية تبني مسار أمني بجانب الدبلوماسي للضغط على أثيوبيا، ويأتي في السياق ذاته اجتماع السيسي مع أمانة وزارة الدفاع فور إعلان فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات التي كانت ترعاها الإدارة الأمريكية والتي وقعت عليها مصر من طرف واحد كما ذكرنا بالأعلى، بجانب زيارة حمديتي لمصر وهو المقرب للإمارات بجانب تقاطعه مع مصر في ملف ليبيا وإرساله لمجموعات مقاتلة بجانب حفتر، وقد استقبله السيسي استقبالًا سياسيًّا مما يعطي مؤشرا على احتمال أن تتجه مصر لدعم حمديتي الفترة المقبلة خاصة أن النموذج الليبي ليس ببعيد ومشابه في تكويناته العسكرية للقوات التابعة لحمديتي والتي كان للمخابرات المصرية دور في توجيه وإدارة تلك القوات واستطاعت المخابرات العامة إكسابهم خبرة جيدة في ذلك الشأن، كذلك من المهم أن نقرأ عن الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الأثيوبي للسد بزاوية داخلية في سياق التجاذبات بين الأطراف في أثيوبيا ورفضه لبعض خطط رئيس الوزراء أبيي أحمد فمن الممكن أن تكون زيارة بمدلول داخلي بجانب مدلولها الخارجي، ويمكن أن تساهم مصر في دعم طرف عسكري لإدخال البلاد في فوضى داخلية تؤخر من خطط ملء السد وتعطي لمصر موقع المبادرة لا رد الفعل.

الموقف السوداني بين المنافع الاقتصادية من السد واضطرابات المرحلة الانتقالية

بوجه عام فإن السودان غير متضررة من السد بل على النقيض ستتحصل على العديد من الامتيازات الاقتصادية حيث سيتوفر لها كهرباء من السد الذي يبعد قرابة 16 كيلومترا عن الحدود السودانية،[26] والتي تشهد عجزا في إنتاج الكهرباء، بخلاف المشكلات الاقتصادية المتراكمة جراء العقوبات الأمريكية، بجانب تحسن الزراعة والإنتاج الزراعي وحجز الطمي في سد النهضة بدلًا من نزوله إلى النيل الأزرق الذي يكلف السودان قرابة 12 مليونَ دولارٍ سنويًا، وحجز الفيضانات وتحسين إنتاج الكهرباء من سد النيل الأزرق، هذا بخلاف التحركات الأحادية التي قام بها عصام شرف بعد الثورة في أثيوبيا والتي ناقضت وكسرت المعاهدات الموقَّعَة بين مصر والسودان، والتي اعتبرها بعض السودانيين أنها تصِفُ العلاقة بين مصر والسودان بأنها علاقة تبعية لا شراكة, بالإضافة إلى الخلافات بين قوى الحرية والتغيير ومصر فيما يتعلق بدعم الثورة.

والخلاصة هنا أن السد سيمثل حلا للعديد من المشكلات التي تعيشها السودان وعلى رأسها المشكلات الاقتصادية والتي ستأتي دون دفع تعويضات أو مفاوضات كبيرة أو تطبيق لشروط كبيرة كالتي تفرضها أمريكا مقابل إزالة اسم السودان من قائمة “الدول الراعية للإرهاب” وقائمة العقوبات الاقتصادية والتي قامت أمريكا برفع جزئي لبعض المؤسسات[27]، وهو ما يُعد تسهيلات شبه مجانية, في المقابل مصر لم تقدم حلولا ملموسة في التنمية والكهرباء كالتي يمكن أن تقدمها أثيوبيا في حال بناء السد، بل إننا نرى مقارنات عند بعض الساسة والشعب السوداني تحت سؤال ما الذي استفادته السودان من السد العالي، بخلاف أن مصر وسياساتها في استغلال ملف العقوبات صنع صورة سلبية تجاه السودانيين بوجه عام، حيث كشف وزير الخارجية السوداني “إبراهيم الغندور” في منتصف أبريل 2017، أن وزارته أرسلت رسالة إلى وزارة الخارجية المصرية للاستفسار حول الطلب المصري بالتصويت على إبقاء العقوبات المفروضة على السودان خلال جلسة العقوبات الخاصة بدارفور بمجلس الأمن الدولي، ووصف الغندور الموقف المصري بــ (الغريب والشاذ) عن مواقف مصر السابقة ويختلف عن الخط الداعم للسودان لكل الدول العربية والإفريقية، وهو ما نفته مصر مشيرة إلى أن لجنة العقوبات الخاصة بالأوضاع في دارفور لم تناقش من قريب أو بعيد مسألة تمديد العقوبات على السودان، وقد أصدر مجلس الأمن بالفعل القرار رقم ٢٣٤٠ يوم ٨ فبراير 2017 بتمديد تلك العقوبات لمدة عام [28]، فالسودان الشيء الذي ستقدمه في ذلك الملف هو تبني مواقف محايدة دبلوماسيا وقانونيا، وهي كفيلة بأن تحصل على المنافع التي وعدتها أثيوبيا بها.

الموقف الأثيوبي الداخلي وتأثيره في المفاوضات 

أخذ مجموعة من المسؤولين الأثيوبيين بداية من رئيس الوزراء أبيي أحمد ووزير الخارجية بتصريحات شعبوية وعدائية تجاه مصر، حيث صرح أبيي أحمد “سد النهضة أصبح قضيةَ شرفٍ وطنيّ لن نتخلى عنه”، وصرح وزير الخارجية “الأرض أرضنا والمياه مياهنا والمال الذي يُبنى به سد النهضة مالنا ولا قوة يمكنها منعنا من بنائه”. وتنوي الحكومة الأثيوبية البدء في ملء السد في شهر يوليو القادم.

من المهم هنا أن نشير إلى الاضطرابات التي تعاني منها أثيوبيا داخليا حيث تَعَرَّضَ أبيي أحمد إلى محاولة اغتيال في يونيو 2018 [29]، فيما اعتُقِل مسؤول أمني لاحقًا على خلفية الواقعة[30]، وقد اقتحم 250 عنصرًا بينهم ضباط كبار ديوان الرئاسة للمطالبة بزيادة أجورهم وقد تم احتواء الأمر، هذا بخلاف محاولة الانقلاب  الفاشلة على حكومة ولاية أمهرة التي قُتل فيها رئيس الأركان وجنرال متقاعد[31]، وعلى الرغم من الإجراءات التي قام بها أبيي أحمد في الإفراج عن المعتقلين السياسيين البالغ عددهم 10 آلاف شخصٍ من أصل 26 ألفًا اعتُقِلوا بموجب إعلان حالة الطوارئ، هذا بخلاف 50 ألفا تم إخلاء سبيلهم من جماعة الأورومو،[32] وقام بفتح المجال للأحزاب المحظورة بالنشاط، والقبض على بعض ممن ارتكبوا انتهاكات حقوقية إلا أن الخلافات العرقية لا تزال قائمة، حيث يوجد ما يقرب من 80 مجموعة عرقية وقبائل كبرى، وتتنافس تلك الجماعات والقبائل فيما بينها للحصول على امتيازات اقتصادية وسياسية، وتعاني جماعة الأورومو (المسلمة) الأكبر في أثيوبيا من تميز واضطهاد خلال فترة حكم التيجراي (المسيحية  أرثوذوكس) , حيث استطاع العديد من قطاعات الشعب الأثيوبي وفي مقدمتهم جماعة الأورومو إجبار رئيس الوزراء السابق مريام ديسالين على الاستقالة بالرغم من المساحات التي أعطاها لجماعة الأورومو والتي لم يسبق أن أعطاها لهم أحد من قبل، وكان تقديم الاستقالة بعد أن قطعت جماعة الأورومو وقطاعات أخرى من الشعب الطرق على العاصمة أديس أبابا بعد أن أصدر رئيس الوزراء السابق قرارًا بمصادرة أراضٍ بمساحات هائلة من جماعة الأورومو لعمل مشاريعَ زراعيةٍ كبيرة لصالح الصين في مساحة 2 مليون هكتار , وهو ما رفضته وأحدث بعدها مواجهات مع قوات من الشرطة والجيش سقط فيها ما لا يقل 800 شخصٍ في 2015 , ولاحقا قرابة 100 شخصٍ في 2016،[33] وقامت بعدها بعصيان مدني واسع ناجح أجبره على تقديم استقالته.[34] الشاهد من هذا هو أن الاضطرابات الداخلية في أثيوبيا لا تزال قائمة ويمكن أن تتجدد، ويعتبر ملف سد النهضة من الملفات الهامة في السياسة الداخلية خاصة أن الحكومة استطاعت جمع تمويل بناء السد من الاكتتاب العام من الجماهير، وتُقبِل أثيوبيا على انتخابات في شهر مايو القادم، ويخطط أبيي أحمد لإنشاء حزب جديد تحت اسم “حزب الازدهار” وهو عبارة عن اندماج ثلاثة أحزاب كبيرة، وهي التي تشكل الائتلاف الحالي لكن الأمرَ متعثرٌ بسبب رفض وزير الدفاع.[35]

السياسة الخارجية الجديدة لأثيوبيا وتأثيرها في المفاوضات 

شهدت السياسة الخارجية لأثيوبيا تطورا ونشاطا عاليا بعد 2010، فقد حاولت الحكومة جذب استثمارات من الخارج من خلال عشرات المشاريع ذات أثر اقتصادي يحقق نقلة وتنمية شاملة في البلاد، وترتكز المشاريع التي تروج لها أثيوبيا في الخارج على إقامة السدود لتوليد الكهرباء أو استصلاح الأراضي الزراعية أو الاثنين معا خلاف البنية التحتية والمطارات، حيث يوجد في أثيوبيا ما يفوق 30 سدا بعضها تم إنشاؤه  والبعض قيد الإنشاء والبعض الآخر يُطرح على هيئة مشاريع استثمارية لجلب رؤوس الأموال بخلاف المشاريع المرتبطة بتلك السدود لتحقيق التنمية في قطاع الكهرباء والزراعة والتجارة على وجه الخصوص [36]، وقد تبنت أثيوبيا سياسة مع دول حوض النيل امتدت لعدة سنوات وسط غياب مصر وذلك من خلال ترغيب الدول في التنمية من خلال اتفاقية “إطار العمل التعاوني” بمدينة عنتيبي الأوغندية التي أعطت غطاءً شرعيا للسدود والمشاريع حيث أمضت 4 دول هم أثيوبيا وأوغندا وتنزانيا و رواندا في عنتيبي في مايو 2010 وسط غياب مصري  ثم لحقت بهم بورندي وكينيا في فبراير 2011 وسط أحداث الثورة المصرية ، ويمثل ذلك الاتفاق حجرَ أساسٍ وشرعية دولية للمشاريع المقامة على النيل من خلال موافقة 6 من دول حوض النيل.[37]

ومع قدوم أبي أحمد لرئاسة الوزراء قام بمجموعة من التحركات الإقليمية في دول القرن الإفريقي في خطوة لمحاولة حل المشكلات مع دول الجوار، فقام بعمل اتفاقية صلح مع إريتريا بعد أكثر من 20 عاما من الحرب بين البلدين تبعها زيارات متبادلة بين البلدين، وتعتبر تلك التحركات خطوةً هامة نحو الاستقرار الإقليمي لتحقيق تنمية بالإقليم عن طريق إشراك دول الجوار جيبوتي وإريتريا والسودان في مشاريع تنموية، وقام بسلسلة من الجلسات مع الأطراف المتنازعة في دولة جنوب السودان بين سيلفاكير ومشار انتهت بمجموعة من المباحثات الجدية في الخرطوم بحضور الرئيس السوداني والأوغندي , ولم تخرج باتفاق ناجح لكن أدت لتفاهمات وخفت حدة الصراع بين الأطراف المتقاتلة، فيما توصل الأطراف لاتفاق أخيرٍ حيث أصبح مشار نائبًا للرئيس. هذا بجانب التغيرات الجذرية في هيكلة الحكومة الأثيوبية في بنيتها بعد مجموعة كبيرة من المظاهرات الشعبية التي شهدتها أثيوبيا يصفها البعض بثورة ، قامت بمحاصرة العاصمة أديس أبابا ورضخت لها حكومة ديسالين والجيش بعد سلسلة من الكر والفر انتهت بتنازله كما ذكرنا بالأعلى، وقد تم تجديد الثقة لأبيي أحمد من البرلمان، وقام بعدها بإعادة هيكلة الحكومة وإجراءات إصلاحية حيث ألغى مجموعة من الوزارات وقلصها من 28 وزارة إلى 20، بجانب تعيين 10 سيداتٍ منهم عائشة محمد موسى وزيرة للدفاع، وفيما يخص سد النهضة أعلن مجموعة من الإجراءات ضد الشركات الإثيوبية التابعة للجيش المرتبطة بأعمال بناء السد حيث سحب التراخيص منهم وأعلن فشلهم وقام بالبحث عن بديل دولي وأهم ما في الأمر أنه أعلن تأخر أعمال البناء كنوع من الشفافية أمام الشعب وسط اعتراف من قبل الحكومة بالانتهاكات السابقة التي قامت بها الدولة في 2015 وإنشاء وزارة جديدة اسمها وزارة السلام للمصالحة المجتمعية تتولاها رئيسة البرلمان الحالي [38].

وفي إبريل 2019 قام البرلمان الأثيوبي بمجموعة من التغيرات الوزارية في حكومة أبيي أحمد شملت 3 حقائب : وزارة الدفاع والخارجية , والتنمية العمرانية, والبناء، حيث تم تعيين حاكم إقليم أمهرا السابق “قيدو اندراقاشو” وزيرا للخارجية خلفا لـ”ورقنيه جبييو”، وتعيين حاكم إقليم أورومو “لما مقرسا” وزيرا للدفاع خلفا لـ”عائشة محمد”، فيما تولت الأخيرة حقيبة وزارة التنمية العمرانية والبناء خلفا لـ”جانترار آباي”، وكان ذلك بموافقة البرلمان (547 نائبا) بالإجماع على مقترحات أبيي أحمد.[39] ويمكن القول إن أبيي أحمد بتعيينه وزيرا للدفاع من إقليم أورومو فإنه بذلك يقوم باستيعاب أكبر كتلة عرقية في أثيوبيا كانت مهمشة إلا أنه كذلك يقوم باستيعاب قيادات قديمة كانت مشاركة في الحكومات السابقة، والشاهد هنا أن أبيي أحمد يمتلك حنكة سياسية في حل المشكلات الداخلية وعمل إجماع وطني ولكنه ليس بالأمر السهل الحفاظ على ذلك الإجماع حيث يوجد في أثيوبيا 80 جماعة عرقية يتوزعون في مناطق مختلفة على 9 أقاليم، تختلف التقديرات والإحصائيات حول حجم كل جماعة نقلا عن الجماعات أو الحكومة , ويستحوذ على المشهد 3 جماعات رئيسية هي الأورومو والمهرة والتيجري، تتنافس وتتصارع على النفوذ، وهو ما يؤكد إمكانية أن تتحول الأوضاع الداخلية في أي وقت.

دور المخابرات العامة المصرية في ملف سد النهضة 

اعتمدت السياسة الأولى للمخابرات العامة ومن خلفها نظام السيسي والمجلس العسكري على تأمين الحدود الشرقية والجنوبية وملاحقة المعارضين والتضييق عليهم، وكانت السودان ضمن الأولويات بالنسبة للسيسي لتصفية ملف المعارضين وكان أغلبهم من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، ومع استمرار الضغط على النظام السوداني وتبني سياسات عدائية تجاه نظام البشير سبق وأن أشرنا لبعض منها، أخذ ملفان يظهران على الساحة بشكل أساسي وهو ملف سد النهضة وملف حلايب وشلاتين الذي أُثير مع إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتي شملها المنطقة الجنوبية ومثلث حلايب وشلاتين, وذلك بعد أن منح السيسي جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وأخذ كل طرف يوظف الإعلام تجاه الآخر وقامت المخابرات المصرية بتوجيه منتجي الأفلام لتصوير مقاطع تؤكد أن “الإرهابيين” يأتون من السودان، وهو ما رفضته السودان على المستوى الرسمي والشعبي وقامت مصر بالتراجع , وتبنت سياسة مختلفة مع قدوم عباس كامل قائمًا بأعمال الجهاز حتى تعيينه بشكل رسمي مديرا للجهاز، والذي سارع بزيارة سريعة للسودان تزامنت مع إقالة مدير المخابرات السوداني محمد عطا. قامت السودان بتبني سياسة حيادية في ملف سد النهضة وكلما ضغطت مصر على النظام السوداني، تقوم السودان بالتحرك تجاه أثيوبيا، وهو ما تطور لاحقا إلى اتفاقيات دفاع مشترك وتعاون دفاعي شمله سد النهضة، بل إن الأمر تطور وقامت بإنشاء قوات مشتركة على الحدود الجنوبية للسودان وخاصة منطقة سد النهضة، وكان ذلك بعد أن مارس السيسي ونظامه ضغطًا سياسيًّا وأمنيا وعسكريا على السودان، ومن المهم أن نشير إلى أن دعم مصر لحفتر كان تقدمًا استراتيجيا على حساب السودان التي كانت تقدم دعما لمختلف الحركات الثورية ذات الانتماء الإسلامي، إلا أن الانقسام الذي حدث داخل مكونات الثورة الليبية انعكس على السودان وأربك حساباتها ميدانيا بالرغم من وجود دعم قطري تركي، ولم تستطع السودان الحفاظ على موقعها الاستخباري القوي خاصة في مدينة “كفرة” في جنوب شرق ليبيا لمراقبة حركات التمرد السودانية والتشادية كحركة “العدل والمساواة” وحركة “جيش تحرير السودان”، وكان ذلك خلال فترة إدارة خالد فوزي لجهاز المخابرات العامة والذي كان يشاع أن ملف سد النهضة كان تحت إدارته، فيما قُتل مدير مشروع سد النهضة المهندس سمونجو بغلي الذي تولى إدارة المشروع مع وضع حجر الأساس في 2011، وقامت السلطات الأثيوبية بفتح تحقيق خَلُصَ إلى أنه قُتل منتحرا[40] ، ويمكن أن نلخص أهم ما حدث على النحو التالي تراتبيا:

1- هجوم إعلامي وتحريض ضد أثيوبيا

قامت وسائل الإعلام بتناول الأحداث الداخلية لإثيوبيا بشكل فيه سخرية وتركيز على اعتداءات الأمن الإثيوبي، فيما خرجت مجموعة من المظاهرات في القاهرة أمام مفوضية اللاجئين تحمل الأعلام المصرية وجماعة الأورومو،[41] بينما قام الإعلاميون ومنهم أحمد موسى باستضافة متحدثين عن جبهة “تحرير شعب الأورومو” وعرض صورا ومقاطع فيديو عن الأحداث، وقام أفراد المعارضة الذين استضافتهم وسائل الإعلام المصرية بالترويج إلى أن أسباب اختيار مكان السد هو سبب سياسي وليس لأسباب فنية أو اقتصادية والإشارة إلى الأربعة أنهار الأخرى التي تصب في المحيط،  وأن جماعة التيرجي الأرثوذكسية المعروف كرهها للمسلمين ومصر هي من ضغطت في ذلك الاتجاه، وتقدم المعارضة الإثيوبية لوسائل الإعلام المصرية معلوماتٍ فيما يخص تحالف وزارة القوى العاملة في السعودية وإثيوبيا حيث يقوم رئيس البرلمان الإثيوبي بزيارات خارجية للجاليات الإثيوبية وتقوم السفارات بإجبار الجاليات على التبرع بــ 500 دولار على الأقل للسد مقابل تجديد جواز السفر[42]. بوجه عام تقدم مصر دعمًا للمعارضة الإثيوبية؛ بداية من استضافة المعارضة ومنح اللجوء السياسي لهم حيث إن العدد قارب 16 ألف لاجئٍ حسب تقرير مفوضية الأمم المتحدة بينما تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن أعدادهم تتجاوز 25 ألفا ويمثلون ثالث أكبر تكتل بعد اللاجئين السوريين والسودانيين[43].

2- دعم المعارضة المسلحة الأثيوبية

في شهر أكتوبر2016، اتَّهَم المتحدثُ باسم الحكومة الإثيوبية “جيتاجو ردا” مصرَ بتقديم كافة أشكال الدعم المالي للعناصر الإرهابية وبتدريبها، لنسف الاستقرار في بلاده. وقال إن حكومة بلاده تمتلك أدلة واضحة تثبت هذا الأمر. وفي مؤتمر صحفي سابق قال إن العناصر المناوئة للسلام في إثيوبيا، ويقصد هنا (جبهة تحرير أورومو) تتلقى دعمًا ماليًا وتدريبًا في القاهرة، وقيادات المعارضة المسلحة انتقلت من إريتريا إلى القاهرة لتتلقى الأوامر من الأخيرة، من أجل زعزعة الاستقرار واستهداف أمن إثيوبيا القومي.[44]

3- دعم هجوم تخريبي محدود على سد النهضة

كشف وزير الدولة الإثيوبي في مكتب الاتصال الحكومي ” زادقي أبرها “، تفاصيل الهجوم المسلح، الذي تعرض له سد النهضة يوم 2 مارس 2017، وقال إن مجموعة “إرهابية” (لم يسمِّها) كانت تسعى للقيام بأعمال تخريبية في مشروع سد النهضة، ولكن قوات الحماية (حماية السد) تمكنت من إفشال المحاولة التخريبية قبل وصولهم إلى موقع السد. وأوضح أن القوات المسلحة تمكنت من قتل 13 من إحدى الفصائل المعارضة المحظورة (التي حاولت تنفيذ المحاولة التخريبية)، واعتقلت 7 آخرين كانوا قد فروا إلى السودان وتم تسليمهم إلى إثيوبيا بعدها بيوم، ما يعطي دلالةً على وجود تنسيق أمني استخباري بين السودان وأثيوبيا فيما يتعلق بالسد، وقال إن المجموعة كان بحوزتها متفجرات وأسلحة آر بي جي وأسلحة خفيفة مختلفة ,و تم تدريبها لتنفيذ عمليات إرهابية وقتل العاملين في السد. ولم يقم الوزير بتوجيه اتهام لمصر إلا إنه حذّر إريتريا من الاستمرار في دعم المجموعات “الإرهابية” التي تحاول زعزعة الاستقرار والتنمية في إثيوبيا.[45]

4- تقديم دعم للمتمردين في الهجوم على دارفور من محورين

في 23 مايو 2017، قال البشير إن “القوات المسلحة استلمت عربات ومدرعات، للأسف مصرية، وقال المصريون حاربنا معهم منذ 1967 وظللنا نحارب لمدة 20 سنة، ولم يدعمونا بطلقة, والذخائر التي اشتريناها منهم كانت فاسدة”، ونشر سودانيون صورًا قالوا إنها للمدرعات المصرية التي صادروها في إقليم دارفور، وهو الأمر الذي نفته القاهرة. وقد صرح المتحدث الإعلامي لقوات الدعم السريع السوداني آدم صالح أن عدد الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من المتمردين خلال معارك من المحور الشمالي القادم من ليبيا بولاية شمال دارفور 75 عربة بكامل عتادها العسكري دمرنا منها 25 عربة، ومن المحور الجنوبي بولاية شرق دارفور، وقد تم الاستيلاء على 18 عربة بكامل عتادها”.[46] وقد قامت الخرطوم بعمل معرض لعرض تلك الأسلحة التي صادرتها.[47]

5- الدعم الاقتصادي والعسكري لدولة جنوب السودان “جوبا”[48] 

تتهم المعارضةُ المسلحة بقيادة “رياك مشار” مصرَ بتوفير دعم عسكري ولوجيستي لـ “سيلفاكير”، وكان “مشار” نائبا لسيلفاكير وتمت إقالته لاحقًا بسبب اتهامه بتدبير انقلاب عسكري عليه، فيما كشفت قناة الجزيرة في فيلم استقصائي “تجار التجسس”، عن أن النظام في جنوب السودان يستخدم أجهزة تجسس قام بشرائها من شركة إيطالية، وهي نفس الأجهزة التي تستخدمها مصر أيضا لمراقبة شبكات الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي، و ذكرت أن مصر أمدت حكومة جوبا بطائرات عسكرية تم استخدامها ضد مواقع ومعسكرات تابعة للمتمردين في بلدة كاكا القريبة من منابع النفط، فيما نفت وزارة الخارجية المصرية وحكومة جوبا ذلك.[49]

وكان “سيلفاكير” قد زار القاهرة في يناير 2017 لمدة يومين، أعقبه زيارة سرية لرئيس أوغندا إلى جوبا  بعد عودة “سيلفاكير”، فيما أشارت صحف سودانية إلى أنه تم الاتفاق بين مصر وجنوب السودان، على إنشاء معسكرات تدريب لحركات التمرد السودانية المعارضة “للبشير” وتوفير الدعم للحركات الأثيوبية المسلحة المعارضة، وكان “سيلفاكير” قد استغل توتر العلاقات المصرية مع السودان وإثيوبيا والانقلاب العسكري بمصر، لتعزيز علاقاته مع “السيسي” وبدأت العلاقة تتبلور مع بداية 2014 عندما قام وزير الدفاع ووزير الأمن القومي لجنوب السودان بزيارة إلى مصر وتوقيع اتفاقية تعاون عسكري بين البلدين , وأعلنت حركة “الجيش الأبيض” المتحالفة مع قوات “مشار” عن قتل 12 جنديًا وضابطٍ مصري كانوا يقاتلون مع قوات “سيلفاكير” بالإضافة إلى جنديين أوغنديين وتم نشر أسمائهم،[50] وهو ما نفته مصر بشكل غير رسمي[51]، كما أسرت أيضًا مجموعة أخرى من قوات العدل والمساواة السودانية والحركة الشعبية، التي على صراع مع “البشير” إثر نزاع في إقليم كردفان الحدودي مع دولة جنوب السودان، والذي نشب في 5 يوليو 2011. ومن الجدير بالذكر، أن “مشار” على علاقات وثيقة بأديس أبابا، وتلعب أديس أبابا سياسة محايدة تجاه الطرفين، فيما تقوم أوغندا بالوقوف مع حكومة جوبا، وتدخل مصر في تحالف مع أوغندا وسيلفاكير ضد الحركات المتمردة في جنوب السودان التي يقودها “مشار”، وعلى الرغم من أن مصر قالت إنها على مسافة واحدة بين قوات الحكومة والمتمردين إلا أنها لم تستقبل وفودا تابعة لــ “مشار” بشكل رسمي، كما قامت مصر بتسليم  9 شحنات غذائية لحكومة جنوب السودان، كمساعدات إنسانية بداية من 12 يونيو حتى 21 أغسطس 2017 ، وقدم الجيش المصري مساعدات بقيمة 3 ملايين جنيه لمستشفى جوبا العسكري، وتسعى مصر للتموضع في جنوب السودان لعدة أهداف منها الحصول على دعمها السياسي في ملف سد النهضة بجانب الضغط على النظام السوداني.

6- تقديم دعم للمتمردين بقاعدة ساوا الإريترية على الحدود السودانية (نقطة تحول في السياسات المضادة)

في إبريل 2017 قامت مصر بعمل اتفاق ضمني مع إريتريا برعاية إماراتية عبر تمركز قوات بحرية مصرية تتراوح أعدادها بين 2000 إلى 3000 بجزيرة Nora  أو Norah  في إقليم ” أرخبيل” الإريتري، وذلك نقلا عن المعارضة الإريترية “منظمة عفار البحر الأحمر الديموقراطية “،[52] وحتى الآن لم يثبت لنا إذا تم عمل القاعدة من عدمه، هذا بالإضافة إلى إعطاء السعودية مصر حق استغلال جزيرة فرسان ذات الموقع الاستراتيجي التي تقع بالقرب من اليمن وإريتريا وأثيوبيا وهي تعتبر قاعدة عسكرية مشتركة يتم استخدامها في العمليات الموجهة ضد الحوثيين باليمن وهو ما يمكن وصفه بشكل أدق ” حق انتفاع ” وليس قاعدة عسكرية بينما قامت العديد من المواقع والقنوات بترويج تلك الخطوة على أنها تهديد قوي لأثيوبيا[53]، كل تلك التحركات تتسم بالجدية تجاه السودان وأثيوبيا على حد سواء، ولكنها لا تمثل تهديدا حقيقيًّا تجاهها، وتستخدم تلك القاعدة في توجيه ضربات جوية ضد اليمن وتدريب قوات يمنية بها.[54]

وفيما يخص قاعدة ” ساوا ” القريبة من الحدود الشرقية السودانية، نقلت مصادر إثيوبية للسودان أن هناك تحركات عسكرية مصرية وإماراتية في القاعدة تجاه السودان، يأتي ذلك بالتزامن مع إبلاغ وزارة الخارجية المصرية للسودان بتاريخ 29 نوفمبر 2017، بوقف مفاوضات التشاور بخصوص سد النهضة، بالإضافة إلى زيارة وزير الخارجية المصري “سامح شكري” ورئيس إريتريا “أسياس الأفورقي” لـ(أبو ظبي)، وخروج بيان مشترك من قبل مصر والإمارات ينتقد التواجد التركي بالسودان وخروج تصريحات من قبل “الأفورقي” رئيس إريتريا على نفس الوتيرة بعد توجهه من (أبو ظبي) إلى القاهرة. تلى ذلك قيام السودان بإغلاق حدودها مع إريتريا وإعلان حالة الطوارئ في ولاية كسلا المحاذية للحدود مع إريتريا مع غلق المعابر الحدودية، وتم نشر قوات الدعم السريع على الحدود الشرقية وتعبئة الآلاف من الجنود السودانيين، أما على الجانب الإثيوبي فقد حشدت إثيوبيا قواتها في منطقة المثلث الحدودي بين السودان وأثيوبيا وإريتريا والتي تقدر بنحو 20 كيلو مترا، وقامت بعمليات تمشيط ومسح جوي بالمنطقة ورفع التعزيزات الأمنية على سد النهضة، علاوة على اتفاقية الدفاع المشترك المبرمة بين السودان وأثيوبيا. وتداولت بعض وسائل الإعلام السودانية أن إثيوبيا قامت بتسريب معلومات للحكومة السودانية عن هذه التحركات، ونقلت وسائل إعلام بأثيوبيا أن هناك اجتماعا حدث في القاعدة ضم عسكريين مصريين وإماراتيين وإرتريين وقادة من حركات التمرد بدارفور وحركات شرق السودان، فيما روجت بعض وسائل الإعلام أن التواجد كان في القاعدة العسكرية الإماراتية “عَصب” التي يتم استخدامها لتوجيه ضربات ضد اليمن، ومثلت التحركات المضادة من قبل السودان وإثيوبيا عقبة كبيرة للقيام بأي عملية عسكرية ضد السودان.[55]

من المهم أن نشير هنا إلى أن تلك التحركات تزامنت مع طلب مصر استبعاد السودان من المفاوضات، وهو ما تراجعت عنه لاحقا وقامت باتخاذ سياسة مختلفة مع تعيين عباس كامل قائمًا بأعمال جهاز المخابرات العامة.

وفي المقابل قامت السودان وأثيوبيا بالعديد من الإجراءات والاتفاقيات

حاولت السودان مواجهة السياسة المصرية من خلال ضبط النفس قدر المستطاع والتأكيد على استقلالية القرار وعدم التبعية ومع تزايد الضغط المصري على الطرف السوداني، قامت السودان بالتقارب مع تركيا وقطر مع الحفاظ على علاقات مع السعودية والإمارات عبر إبقاء القوات السودانية المقاتلة في اليمن، فكانت الزيارة التي قام بها أردوغان للسودان وتوقيع 21 اتفاقية تعاون في ديسمبر 2017 ومنح جزيرة سواكن لتركيا لإقامة عليها ميناء سياحي لوجيستي عسكري، بوجه عام فالتدخل التركي أثار حفيظة دول الخليج وخاصة السعودية واعتبروه تهديدا لهم، بينما اعتبرته مصر تهديدا مباشرا لهم وأنه يمكن أن يتم دعم “الإرهابيين” بالسلاح والحركة اللوجيستية، ويأتي ذلك بالتزامن مع التقارب المصري مع كل من اليونان وقبرص اليونانية، وتعتبر أهم الإجراءات التي اتخذها الطرف الأثيوبي والسوداني والتي كان سد النهضة أحد ركائزها:

1- اتفاقيات الدفاع المشترك بين تركيا وأثيوبيا 2013

قامت تركيا بالتوقيع على اتفاقية دفاع مشترك في 2013 وقام مجلس النواب الأثيوبي بالتصديق عليها سنة 2015، وهو ما يعطي مؤشرًا على احتمالية تطور العلاقات لتصل إلى إنشاء قاعدة عسكرية تركية في أثيوبيا لحماية مصالحها الاقتصادية التي أخذت تتطور بشكل سريع وتقفز بأضعاف في فترات صغيرة. 

2- توقيع مذكرات تعاون تركي سوداني قطري أثيوبي

عقد رؤساء أركان السودان وتركيا وقطر في السودان اجتماعا بتاريخ 25 ديسمبر 2017،[56] والذي تزامن مع الأزمة الحدودية التي وقعت بين السودان وإريتريا في ولاية كسلا، وقد أعلن أن تلك التحركات بغرض التدريبات المشتركة ولكن ضمنيا يعتبر ذلك الاجتماع مقابل الاجتماعات التي تمت بين إريتريا والإمارات ومصر، وكان الاجتماع الذي عُقد في السودان بغرض الاتفاق على تعزيز الأمن في البحر الأحمر وتحصين ميناء بور سودان , حيث قامت قطر بضخ استثمارات بقيمة 3.8 مليار دولار تشمل مجموعة من المشاريع لتنقل الميناء إلى أكبر ميناء يستقبل حاويات تجارية في البحر الأحمر.

3- اتفاقية الدفاع المشترك بين أثيوبيا والسودان وقوات دفاع مشتركة

تضمنت الاتفاقية إنشاء قوات دفاع مشتركة في ولاية النيل الأزرق جنوب شرقي السودان وإقليم بني شنقول قمز الإثيوبي، وهو المكان المتواجد به “سد النهضة”، ومنع تهريب السلاح والسلع وتعهد أثيوبي بمحاربة المتمردين الذين يقومون بتهديد السودان عبر الحدود، وقد تمت العديد من التدريبات المشتركة بين القوات الذي كان في بداية يناير 2018 وسط إعلان حالة الطوارئ في ولاية كسلا الحدودية مع إريتريا حيث تمت عدة زيارات لوزيري الدفاع والأركان لكلا البلدين، ويعتبر هذا امتداد لاتفاقيات سابقة تتعلق بضبط منطقة الحدود المشتركة بين إريتريا وأثيوبيا والسودان حيث قامت السودان بالانسحاب مساحات داخل العمق وإخلائها للجيش الأثيوبي للحد من تسلل عناصر من المتمردين من إريتريا إلى أثيوبيا عبر الحدود السودانية.

خلاصة الدور الذي قامت به المخابرات العامة المصرية

يمكن القول إن المخابرات العامة المصرية استطاعت تحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية في الملف الليبي خاصة في تأمين الحدود الغربية واستثمار ذلك التقدم سياسيا وميدانيا ضد السودان خلال فترة حكم البشير، وهو ما أعطى فرصًا للضغط على الطرف السوداني ولكن في المقابل فإن كل التحركات التي قامت بها مصر سواء المخابرات أو الجيش فإنها حفزت الطرف الأثيوبي وجعلته أكثر جاهزية وحساسية عالية جراء أي تحرك بسيط تقوم به مصر، وبوجه عام فمصر لم تستطع حتى الآن تحقيق أي تقدم استراتيجي يؤهلها للضغط على الطرف الأثيوبي وفرض سياستها وشروطها، وتمتلك مصر علاقات أمنية مع أطراف في جنوب أفريقيا وكذلك علاقات جيدة مع حركات التمرد السوداني التي استطاعت توظيفها خلال فترة إدارة البشير، لكن تظل تلك العلاقات حتى الآن غير مجدية في ظل القوى المتنافسة في إدارة المرحلة الانتقالية بالسودان، وعلى الرغم من قدرة مصر على تحقيق خطوات إيجابية في الصومال وإريتريا إلا أن ما قام به أبيي أحمد من سياسة تصفير المشكلات الحدودية مع دول الجوار الأثيوبي صعَّب من قدرة مصر على إثارة المشكلات وصُنعِ مشكلات وأزمات بين دول الإقليم، وكذلك فشلت بضرب الاستقرار الذي كانت أثيوبيا في طريقها له فكل ما حدث على الأرض هو نتاج حركة أثيوبية على الأرض وليس بدعم من المخابرات المصرية، ويمكن القول إن أثيوبيا تمر بمرحلة تحول ديموقراطي تهدف فيها إلى حل العديد من المشكلات الداخلية، ويمثل ملف سد النهضة والتنمية نقطة التقاء للعديد من الأطراف الأثيوبية. فالقدرات الأمنية قد تتطور إذا ما استطاعت مصر تحقيق تقدم في الملف السوداني ليدعم الموقف السياسي المصري في ملف سد النهضة أمام أثيوبيا.

كذلك من المهم أن نشير إلى أنه يوجد افتقاد للمعلومات عند الإعلام المصري وبعض أجهزة الدولة وهو ما يتوجب على جهاز المخابرات من توفير معلومات فنية وتقنية للعلن حتى يتسنى للعلماء والباحثين من دراستها والمساهمة في نشر وعي جمعي وضغط دولي وتشكيل رؤية فنية للسد، خاصة أن أثيوبيا لا تنشر معلومات أو دراسات دقيقة عن السد وقامت بتعطيل عمل اللجان الاستشارية الفرنسية التي كان يفترض أن تقدم حلولًا، وتعتبر أحد الإشكاليات هو المعلومات الفنية ومدى صحة المعلومات والدراسات المتعلقة بسد النهضة وحجم المياه التي ستحجزها علاوة على حجم المياه التي ستتبخر بفعل عوامل التعرية والمناخ الحار في الموقع الذي بُني فيه السد، وقد أخرج الدكتور علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة صورا لأقمار صناعية تثبت أن مساحة البحيرة التي ستكون خلف السد هي 2408 كيلو مترات وحجم المياه المتوقع حجزها 96.320 مليار متر مكعب وهذا ما يخالف الأرقام التي أعلنتها أثيوبيا حيث قالت إن مساحة البحيرة ستكون 1800 كيلو متر وأن حجم المياه خلف السد سيكون 75 مليار متر مكعب [57].

 علاوة على ما صدر من تصريحات عن مسؤولين حول بناء سدود داعمة في الخلف يرجح أن تزيد من حجم البحيرة وكمية الماء وهو ما ظهر في فيلم السد لبرنامج المسافة صفر لقناة الجزيرة الوثائقية[58] .

الدور الإسرائيلي في ملف سد النهضة نحو تعظيم مصالحها المائية والسياسية

بالنظر إلى العلاقة الإثيوبية-الإسرائيلية في الوقت الحالي، فهي من الناحية السياسية، وصلت إلى حدود اعتبار تلك العلاقة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّها استراتيجية، وقال إنّ يهود إثيوبيا تحديدًا، يمثلون الحلم الصهيوني، وباتوا رافعًا للدولة،[59] وكان هناك زيارتان رسميتان لرئيس الوزراء الإثيوبي الأولى 1993، والثانية 2017 التي اصطحب فيها رئيس الوزراء الإثيوبي 12 وزيرا من وزراء حكومته، وأكد فيها ضرورة تحسين العلاقات بين البلدين، وأنّ إثيوبيا مدينة لــ “إسرائيل”، وملزمة بتقوية علاقاتها بها. وقد استقدمت إثيوبيا مؤخرًا خبراء إسرائيليين كُثر في مجال التكنولوجيا، ومجالات أخرى،[60] ولم تُخفِ “إسرائيل” أنّ نيتها، مضاعفة الصادرات التكنولوجية إلى إثيوبيا، إلى عشرات المرات، وصولا إلى تبادل تجاري يصل إلى مليار دولار خلال السنوات الخمس القليلة القادمة، وفق ما وضعه اتحاد الصناعة الإسرائيلي كهدف،[61] وقبل الخوض في الإشارات التي تؤكد الدور الإسرائيلي في بناء السد الإثيوبي، لا يُمكن تجاهل المطالب التاريخية الإسرائيلية، التي أرادت أن يكون لها نصيبًا من مياه نهر النيل، تلك المطالب التي قوبلت بالرفض في السبعينات، ولدت الفكرة الإسرائيلية، بضرورة أخذ دور في مياه نهر النيل، حتى أنّ أساس النقد الإسرائيلي الموجه لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لأثيوبيا في العام 2016 كان تحت عنوان، هذه الزيارة ستؤكد الدور الإسرائيلي في سد النهضة، الأمر الذي يؤكد بشكل غير مباشر اللعب الإسرائيلي في تلك المنطقة.[62] ويُشير عاموس هرائيل[63]، أنه لا يُمكن إخفاء حقيقة أن “إسرائيل”، لها دور كبير فيما يحدث على الساحة الإثيوبية، ولها تأثير أكبر في قضية السد الإثيوبي، هذا التأثير لا يمكن فهمه، إلّا في إطار حقيقة أنّ “إسرائيل” لاعبٌ أساسيّ، ليس في بناء السد فحسب، بل في استراتيجية الاستفادة منه مستقبلًا.[64]

أولى الإشارات التي تؤكد الدور الإسرائيلي في سدّ النهضة، هو عدم إخفاء “إسرائيل”، دورها في المساعدة التكنولوجية في بناء السد، حيث تم توجيه اتهامات واضحة لــ “إسرائيل” بهذا الخصوص، اتهامات لم تنفها “إسرائيل”، ووضعتها في سياق الأمر الطبيعي، حيث تبيع “إسرائيل” تكنولوجيا لكل العالم.[65] إلى جانب ذلك، فقد شهدت الفترة الأخيرة ما قبل بناء السد، تواجدًا كبيرا للمهندسين الإسرائيليين، وزيارات متكررة، ساهمت باستقرار بعثة من المهندسين، الذين يُشار إلى دورهم في المساهمة ببناء السد، إلى جانب استحواذ الشركة الأم المشغلة لهم، على الدور الأبرز في بناء ميناء جديد لأثيوبيا (ميناء في جيبوتي، حيث ينقل ما يقرب من 80% من تجارة أثيوبيا) [66]، فالمحاولات الإسرائيلية، التي تتجاهل التعليق على الدور الإسرائيلي، في بناء سد النهضة، تصطدم بحقيقة النشاط الكبير لــ “إسرائيل” في تلك البلد خلال السنوات الأخيرة تحديدًا. وما يجعل من بناء السد، مطلبًا إسرائيليا، هو العائد الذي تتوقع “إسرائيل” تحقيقه من السد، فقد تَحدَّثَ العديد من الخبراء الإسرائيليين (يجباني كلاوبر، محاضر سياسي بارز في جامعة تل أبيب، وشاؤول شاي خبير عسكري إسرائيلي) أنّ انطلاق مشروع السد سيكون له إضافات نوعية تُساهم بدور إسرائيلي متصاعد في المنطقة، وهو ما تسعى له “إسرائيل” لكي تُحسن استغلال ذلك وتحقق عوائد كبيرة.[67]

إلى جانب ذلك، تُشير المعطيات إلى أنّ “إسرائيل”، قامت بالإشراف على تطوير الزراعة الإثيوبية، واشترطت أن يتم الاستمرار بذلك من خلال توفير حصة أكبر من المياه، دفعت للتعجيل في بناء سد النهضة،[68] للوقوف على الحاجات المائية وتوفير الطاقة , والتي يُشار إلى أنّ شركات إسرائيلية ضخمة تقف وراء مشروع توليد الطاقة وبيعها مستقبلًا ومنهم شركة الكهرباء الإسرائيلية التابعة للدولة والتي تستحوذ على 70% من سوق الكهرباء.[69] وقد تبنت قيادات إسرائيلية التوجه الأثيوبي ببناء السد حيث اعتبر تسابي ميزال وهو السفير الإسرائيلي الأسبق في مصر أنّ على القاهرة عدم التعامل بأن النيل مِلكٌ لها وعليها أن تتقبل وجود السد الإثيوبي، وأن على أثيوبيا أن تعمل على عقد تفاهمات تحفظ حقوقها في مياه النيل.[70] وفي العام 2014 توجه وزير الخارجية آنذاك أفيجدور ليبرمان زيارة إلى أثيوبيا، وكانت الزيارة تحت عنوان، توليد الطاقة والمياه، وقد تركزت تلك الزيارة في دول إفريقية منها إثيوبيا، في الوقت الذي اعتبرت فيه الصحافة العبرية حينها أن إفريقيا تستفيق خاصةً فيما يتعلق بقيام إثيوبيا ببناء السد.[71] وما يُمكن تلخيصه في هذا السياق، هو ما ورد في تقرير مطوّل لقناة لؤومنوت العبرية، تؤكد أنّ “إسرائيل” تدعم إثيوبيا في بنائها للسد، ووقفت بجانبها خطوة بخطوة، وقد تكون الأيام كفيلة بكشف حجم الدعم الإسرائيلي والدور في بناء سدّ النهضة.[72]

عوائد السد على “إسرائيل”

“إسرائيل” تعتبر أنّ التوجه نحو أفريقيا سيكون له عوائد كبيرة عليها، من النواحي السياسية، الاقتصادية وكذلك الأمنية، وهذا ما يُفسر الحركة السريعة الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة في الولوج إلى الساحة الأفريقية، وتمتين العلاقات، والتي وصفها نتنياهو تحت عنوان، أنّ “إسرائيل” وإفريقيا يعودان لبعضهم البعض.[73] ومن بين تلك الدول التي تعتبرها “إسرائيل” المكان الحيوي لإقامة علاقات استراتيجية هي إثيوبيا، حيث تعتقد أنها ستكون أقوى بعد إقامة سد النهضة وأكثر فاعلية، خاصة أنّ السد سيجعل من تل أبيب، محورًا مهمًّا في ترتيب العلاقات الأفريقية الداخلية، في ظل علاقاتها القوّية مع مصر ودول القرن الأفريقي.

1- الدافع السياسي والاقتصادي

من الناحية السياسية، تعتبر “إسرائيل” أنّ السد الإثيوبي، أعطى مزيدًا من القوّة السياسية لتل أبيب، فبعد انتهاء زيارة نتنياهو لأفريقيا جاء وزير الخارجية المصري في زيارة لتل أبيب، تحت عنوان، طلب مصري من أن تكون “إسرائيل” وسيطًا ما بين القاهرة وأديس أبابا، لمنع الحرب القادمة على المياه، وهذا إقرار ضمني من القاهرة، للقوّة السياسية الإسرائيلية التي تتصاعد في ظل علاقات “إسرائيل” مع دول القرن الأفريقي تحديدًا. والأبعد من ذلك سياسيًا، أنّ “إسرائيل” استطاعت استغلال هذه القضية، لصالحها لضرب القضية الفلسطينية، وِفق كلاوبر، فإنّ “إسرائيل” أصبحت الوسيط بين إثيوبيا ومصر، مقابل أن تقف مصر إلى جانب “إسرائيل” في وأد أي مبادرة للسلام تضر بــ “إسرائيل”، وأن يكون هناك تنسيق كامل ما بين الطرفين، لصالح الدولة العبرية.[74]

إلى جانب ذلك، فإنّ هذا السد، سيُعتبر فرصة إسرائيلية إضافية للتأثير في مصر، ولو بطريقة غير مباشرة، حيث في ظل امتلاك “إسرائيل” لتكنولوجيا متطورة في تكرير المياه، فإنّها من الممكن أن تبدأ ببيع المياه لمصر، وفق تقرير إسرائيلي مفصل، الأمر الذي سيمنحها فرصة إضافية في التأثير على القاهرة، في ظل تزايد ضعفها.[75] ويأتي التساؤل الأهم هنا، هل ستستطيع “إسرائيل” الاستفادة من مياه النيل، مقابل تقديمها خدمات معينة، لمصر ولأثيوبيا، قد يكون ذلك أبعد ما يفكر به الكثيرون، لكن هنا لا يُمكن تجاهل المطالبة التاريخية لــ”إسرائيل” بنقل مياه النيل لإحياء منطقة النقب، فهل ستتمكن “إسرائيل” من ذلك، تحت صيغة، المساعدة والوساطة السياسية، وتكرير المياه، مقابل نقل المياه للنقب؟.

وقد أنشأت إسرائيل ثلاثة سدود مائية كجزء من برنامج أمثل يستهدف بناء 26 سدًا على النيل الأزرق لري 400 ألف هكتار، وإنتاج 38 مليار كيلو وات ساعة من الكهرباء، وهذه المشاريع ستحرم مصر من 5 مليار متر مكعب من المياه، كما قامت إسرائيل ببناء سد على أحد فروع النيل الأزرق الذي يمد النيل بحوالي 75% من المياه لحجز نصف مليار متر مكعب من المياه[76]. إلى جانب ذلك، فإنّ “إسرائيل” توقعت في 2017 أن يكون هناك كوارث اجتماعية واقتصادية في مصر، والسودان، ورغم توقعها أن ينعكس ذلك في بعض الجوانب سلبًا عليها، لكن سيكون هذا مدخلًا لمزيد من التعاون مع مصر، وربما السودان، من النواحي ليس فقط الاقتصادية، ولكن أيضًا الأمنية، الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي على “إسرائيل”، ويزيد من قدراتها التجسسية.[77]

من جانب آخر، فإنّ الحاجة الإثيوبية لـ”إسرائيل” في تفعيل السدّ والاستفادة منها تكنولوجيًّا في إنتاج الطاقة، سيمنح “إسرائيل” فرصة إضافية للتأثير في دول القرن الإفريقي، حيث تدرك تلك الدول  حاجاتها للتكنولوجيا المتطورة، وتحديدًا المائية منها، حيث تعاني أفريقيا من نقص حاد في المياه، أمر أبدعت “إسرائيل” في تطويره، وأعلنت مؤخرًا عن طريق سفيرها في الأمم المتحدة داني دانون، إقامة مؤتمر يضم الدول الأفريقية وعشرات الشركات الإسرائيلية من أجل اطلاعهم على التكنولوجيا المعَدَّة خِصيصًا للتغلب على مشاكل المياه والزراعة ونقص الدواء، وستكون هذه فرصة كبيرة لتلك الشركات للتواجد بشكل فعّال وأكبر على الساحة الإفريقية.[78] إلى جانب ذلك، فإنّ “إسرائيل” تسعى من خلال تأثيرها الاقتصادي، تحقيق مكاسب سياسية، كزيادة نسبة التصويت الإفريقي لصالحها في المؤسسات الدولية، وهذا ما حدث حينما امتنعت دولتان إفريقيتان في مجلس الأمن، نيجيريا ورواندا من التصويت لصالح إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في العام 2017.

2- دافع الفقر المائي

دافع الفقر المائي

تعتبر فلسطين المحتلة ضمن أكثر المناطق في العالم التي تعيش فقرا مائيًّا، وهو ما دفع إسرائيل للضغط سابقًا لإيصال مياه النيل إلى صحراء النقب خلال فترة حكم السادات والذي عارضه حيث كانت ستدعم مشاريع في السودان ودول المنبع لزيادة حصة مصر المائية من 7 إلى 9 مليار متر مكعب على أن تحصل على 2 مليار متر مكعب من مياه النيل وكان من ضمنها مشروع قناة جونقلي[79] بجنوب السودان، كما هو موضح في الخريطة المرفقة بالمسار ذو اللون الأزرق على الخريطة ، وهو المشروع الذي باشر فيه حسني مبارك وتوقف لاحقًا بسبب الحرب السودانية حيث تم استهداف المشروع وأجهزة الحفر التي كانت تقوم بحفرها شركة فرنسية وقد تم إنجاز 260 كيلو من أصل 360 كيلو من طول القناة وقد حصلت الشركة على تعويضات لاحقا من مصر والسودان. وتورد إسرائيل للجانب الأثيوبي تكنولوجيا المعلومات والطاقة، حيث تستثمر في 187 مشروعا بواقع 58 مليون دولار، وتعتزم إسرائيل الاستثمار بـ 500 مليون دولار في مجال الطاقة الشمسية والرياح.

مؤخرا، قامت الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة المصرية بتنفيذ مشروع تفريعة سحارة التي تمر تحت قناة السويس وتصل إلى شمال سيناء، وقد صرح كامل الوزير الذي كان يدير الهيئة حينها أنه تم إنشاء 3 مشروعات وسحارة في سرابيوم لنقل المياه من ترعة السويس غرب القناة بروافع وشبكات ري وطرق لاستصلاح 13680 فدانًا ببئر العبد من إجمالي 400 ألف فدان.[80] ويمكن أن نعتبر ذلك المشروع خطوة لتوصيل مياه النيل إلى صحراء النقب المحتلة [81]. وتوضح الصور التالية بعض من مراحل تنفيذ المشروع.

 هذا بخلاف مشروع ترعة السلام، وهو أحد مشروعات الري لشق ترعة لنقل مياه النيل إلى أراضٍ جديدة في مصر. ويساهم المشروع في إضافة نحو 620 ألف فدان للرقعة الزراعية تُروى بمياه النيل بعد خلطها بمياه الصرف الزراعي وتمتد ترعة السلام وفروعها بطول 262 كم. ويشتمل المشروع على ثلاث مراحل، حتى توقف المشروع في 2010، تم تنفيذ المرحلة الأولى منه وتوقف العمل عند المرحلة الثانية بدعوى أن المرحلة الثالثة ستحتاج تمويل كبير لمد المياه حتى السر والقوارير في وسط سيناء، حيث 140 ألفَ فدانٍ من أخصب أنواع التربة في العالم، وكان من المقرر إنشاء 24 ترعة فرعية تصل إلى هناك، وكانت عمليات الحفر تحتاج إلى مضخات رفع للمياه، في المنطقة بعد الكيلو 80، لأن الأرض في هذه المنطقة أعلى بنحو 115 مترا، وستتكلف بذلك عمليات الحفر ما يقرب من 5 مليار جنيه.

الاستثمارات الأجنبية في أثيوبيا وتأثيرها في صنع السياسات الأثيوبية

تعتبر أهم الفواعل حول ملف سد النهضة هي أمريكا، والصين، وإسرائيل، والاتحاد الأوروبي، والسعودية بجانب دول أخرى، وتلعب تلك الدول واستثماراتها دورا في استقرار السياسة الداخلية والحد من المشكلات التي تمثل تهديدات لتلك الاستثمارات، سنقوم بالمرور على كل دولة وتوضيح حجم استثماراتها وارتباطها بالسد وخريطة الاستثمار بشكل عام لبيان حجم التأثير في صناعة القرار الأثيوبي، والهدف هنا من ذكر تلك القائمة هو توضيح حجم النفوذ الذي تمتلكه ويمكن أن تمارس ضغوطا على أثيوبيا في مقابل المصالح الاستراتيجية بينها وبين مصر، ويمكن ترتيب تلك الاستثمارات على النحو التالي:

1- الصين

تستثمر الصين بقرض قيمته 1.8 مليار دولار في بناء سد النهضة، وتعتبر الصين بجانب البنوك الصينية الدولة الأولى في حجم الاستثمارات بأثيوبيا، وقد استثمرت في معظم السدود المقامة في أثيوبيا وتستفيد من العائد سواء من الكهرباء أو الزراعة، ويبلغ حجم الاستثمارات 12 مليار دولار وتأتي استثمارات الصين في البنية التحتية كذلك، حيث قامت ببناء الطرق السريعة التي تربط العاصمة الأثيوبية بجيبوتي وتسيطر الصين على أعمال الطرق بواقع 60 % من مشاريع الطرق. ويوجد ما يزيد عن 500 شركة صينية واستثمارات تفوق بليون ونصف دولار، بلغ عدد المشاريع في سنة 2017 إلى 624 مشروعًا ما يعادل 4 مليار علاوة على توفير 100 ألف فرصة عمل نصفهم دائم.

2- تركيا

تستثمر تركيا في 17 مشروعًا قيمتهم 2ونصف مليار دولار فيما يصل حجم التبادل التجاري 500 مليون دولار والذي تضاعف من 26 مليون دولار منذ قدوم أردوغان رئيسا للوزراء بتركيا 2002, وتوفر الشركات التركية في إثيوبيا أكثر من 30 ألف فرصة عمل في مختلف المجالات. وتعمل الاستثمارات التركية في الخطوط الجوية إلى جانب خطوط السكك الحديدية. وتخطط تركيا لبناء أكبر مطار في أفريقيا على بعد حوالي 50 كيلومترا من العاصمة أديس أبابا، ومن المتوقع أن يكون المطار الجديد أكبر من مطار شارل ديغول في فرنسا، باستثمار قدره 5 مليارات دولار.[82] وبذلك تأتي تركيا في المرتبة الثانية، وقد وعدت أثيوبيا بتسليم مدارس جولن (المنظمة التي قادت الانقلاب العسكري سنة 2016 في تركيا) للحكومة التركية [83].

3- أمريكا

تساهم أمريكا في أدوارٍ بشكل غير مباشر في بناء السد فضلا عن أنها من قامت بتحديد موقعه كما ذكرنا في مقدمة الورقة، وتقدر المساعدات الأمريكية لإثيوبيا بأكثر من 870 مليون دولار سنويًا، أي ما يقرب من المساعدات العسكرية التي تعطيها أمريكا إلى مصر والبالغة 1.3 مليار دولار، وتقوم أمريكا بالتشويش على الأقمار الصناعية لعدم قدرة النظام المصري على معرفة التطورات التي تحدث في بناء السد، حيث توفر كلا من موقع وزارة الزراعة الأمريكية وموقع USGS  تحديثا دوريا كل 10 أيام لكل البحيرات حول العالم وقد توقف التحديث بتاريخ 22 مايو 2017 وقت أن بدأ بعض الخبراء المصريين التحدث عن أن مصر تقوم باستخدام مخزون بحيرة ناصر لتعويض الفاقد من الحصة المائية بعد أن قامت أثيوبيا ببدء التخزين التجريبي مع زيارة وفود من الدنمارك للموقع وتداول صورٍ للمياه المخزنة هناك[84]. وقال حسين الشافعي رئيس “المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم” إن مصر دفعت ٣٠ مليون دولار لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، مقابل بعض الصور لسد النهضة في إثيوبيا ليتبين أنها صور خادعة ثبت بعد ذلك عدم صحتها، إذ تشير المعطيات إلى اكتمال بناء السد بنسبة 60% [85]. وتأتي الشركات الأمريكية المساهمة في بناء السد على النحو التالي:

  1. شركة سباير كورب تساعد مع شركتين واحدة فرنسية والأخرى صينية , شركة Metals & Engineering العسكرية الأثيوبية على امتلاك الآلات والتكنولوجيا التي تساعد على بناء السد.[86]
  2. شركة ألستوم المسئولة عن توريد 8 توربينات ومولدات بقيمة 250 مليون يورو للشركة الإثيوبية لوضعها في السد.[87] أوضح علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، أن أديس أبابا انتهت من بناء 16 بوابةً كاملة في جسم السد الضخم، موضحًا أن البوابات من ماركة Francis الأمريكية الصنع، وتعمل حينما يكون عمودي المياه فوقها بـ 40 مترا، وهذا يعني أن أمريكا تشارك إثيوبيا في بناء السد ولو بصورة غير مباشرة، بحسب ما نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية.[88]

4- إسرائيل

يرتكز الدور الإسرائيلي على إنشاء شبكات توزيع الكهرباء للدول المجاورة لأثيوبيا , وقد قارب الانتهاء من الشبكات الموصلة لدولتي كينيا والكونغو، فيما ستنشئ شبكات أخرى لجيبوتي والصومال وجنوب السودان نقلًا عن وكالة وطن، ويعتبر إنشاء تلك الخطوط هو بمثابة رسم السياسة التشغيلية للسد وتحديد أمكان توزيعها.

إلى جانب ذلك، فإنّ العلاقات الاقتصادية ما بين البلدين، آخذة في التصاعد، وفي الوقت الذي كان حجم التبادل التجاري لا يصل سوى لبضع ملايين، قفز في 2018 إلى حدود 100 مليون دولار.[89] وخلال العام 2017، قفزت صادرات “إسرائيل” الزراعية لأثيوبيا بنسبة 902%، بالمقارنة مع العام 2016، وقفزت الصادرات الصناعية بنسبة 162% بالمقارنة مع العام 2016.[90]

5- السعودية

يلعب رجل الأعمال السعودي محمد العمودي الذي أُفرج عنه،[91] هو وبعض أفراد أسرته دورا كبيرا في هندسة العلاقات بين السعودية وأثيوبيا حيث يمتلك العديد من المشاريع داخل أثيوبيا وازداد نفوذ العمودي مع تولِّيه إدارة أعمال وزير الدفاع الراحل سلطان بن عبدالعزيز وتوسعت شركاته في العديد من القطاعات الزراعية والبناء ومرافق النفط ، استطاع العمودي بإقناع الملك عبدالله الراحل بالاستثمار في أثيوبيا لزراعة الأرز للسعودية تحت مشروع ” النجمة السعودية للتنمية الزراعية”، وصفته مجلة فورسي الأمريكية بأنه ثاني أغنى رجل عربي حيث تقدر ثروته بـ 13 ونصف مليار دولار، وكانت السعودية احتجزته في الريتز هو ومجموعة من أقاربه لرفضه التنازل عن مجموعة من أملاكه، وصفته وزارة الخارجية الأمريكية في وثائق مسربة عنها بأنه يحصل على أغلب الامتيازات لأكبر المشاريع في أثيوبيا، حيث يقوم العمودي بتوريد الإسمنت لسد النهضة من خلال مصنعين إسمنت قام بإنشائهم بالشراكة مع شركات إثيوبية لإمداد المشاريع القائمة في إثيوبيا، وقد تبرع العمودي بـ 88 مليونَ دولارٍ لأعمال بناء السد، فيما أثارت بعض وسائل الإعلام المصرية تأثر بناء السد بسبب اعتقاله. وقد ناقش أبيي أحمد الموضوع وأشار له على حسابه على تويتر عند زيارته للسعودية، وقامت السعودية بإخلاء سبيله في يناير 2019 والذي أشار أبيي أحمد إلى الدور الذي لعبه لخروجه.[92] وتساهم السعودية بــ5.2 مليار دولار بنحو 294 مشروعا علاوة على وجود استثمارات من قِبَل 400 رجلِ أعمالٍ سعودي تقدر بنحو 13.3 مليار دولار.

6- المغرب

تقوم المغرب ببناء أكبر مصنع للأسمدة في إثيوبيا لينقل إثيوبيا من دولة مستوردة للأسمدة إلى دولة مكتفية ذاتيًا خلال عدة سنوات إضافة إلى مجموعة من الاستثمارات الأخرى التي تبلغ قيمتها 5 مليار دولار فيما قامت أثيوبيا بفتح سفارة لها في المغرب وهو ما سيحد من الخلافات عند الاتحاد الإفريقي ودور أثيوبيا في التأثير على صناعة القرار الإفريقي، يعتبر ذلك القرار له اعتباراته السياسية فيما يخص علاقة مصر والمغرب حيث تقوم مصر بدعم جماعة الصحراء الجنوبية للمغرب وحضور اجتماعات لهم تحت مظلة الاتحاد الإفريقي واستضافتهم في مصر وقد يكون ذلك القرار له اعتبار ولكن العوائد الاقتصادية لا تُقارَن بالنسبة للمكاسب السياسية التي يمكن أن تحققها المغرب من ذلك.

تمتلك تلك الدول علاقات ومصالح استراتيجية مع مصر خاصة في الجانب السياسي والاقتصادي والأمني والذي يمكن أن تمارس دورا إيجابيا بالتأثير على الطرف الأثيوبي، وتأتي عدة دول أخرى باستثمارات ومنح كبيرة، على سبيل المثال يقدم الاتحاد الأوروبي ما يقرب من مليار يورو لمشاريع تنموية، فيما أنشأت الإمارات 37 شركةً و 23 شركةً أخرى تحت الإنشاء بواقع استثمارات تقدر بنحو 3 مليار دولار بجانب مليار دولار تبادل تجاري، وكذلك تستثمر قطر بنحو 500 مليون دولار في مجال الأمن الغذائي، وبالرغم من خروج الصحافة المصرية بعد فشل المفاوضات الأخيرة في أمريكا باتهام قطر بأنها هددت أثيوبيا بسحب وديعة قيمتها 3 مليار دولار إذا ما وقعت على الاتفاق الأمريكي،[93] ولا يوجد إثبات بوجود وديعة قطرية في أثيوبيا في حين أن دولًا على علاقة قوية بمصر يمكن أن توصف بتحالف كالإمارات والسعودية يمكن أن تمارس ضغوطا اقتصادية كبيرة على أثيوبيا لكنها لم تقم بذلك، وهو ما يطرح تساؤلات عن جدوى ذلك التحالف وهل مصر تأتي في تحالفات فقط لتنفيذ مصالح تلك الدول دون أن تساهم تلك الدول بأي أدوار من أجل مصالح مصر والتي هي بالأساس مهددة إذا ما حدث ضغوط شعبية غيرت النظام الحالي وسط تفاقم المشكلات الاقتصادية والمعيشية والتي ستتضاعف بالتأكيد إذا ما تم حجز المياه في السد.

معادلة التنمية المشتركة

إن وضع خطة مشتركة للتنمية المستدامة بين دول حوض النيل يعتبر أحد الركائز الاستراتيجية لبناء حل على المستوى البعيد يحد من فكرة نشوب حروب في المستقبل وهو ما يحتاج إلى قيادة وحوار مجتمعي وجهود دولية كبيرة للتوصل إلى حلٍّ متوازنٍ ينصف جميع الدول الأعضاء، ويجب أن نستحضر هنا مقارنة هامة بين دول حوض النيل من حيث الموارد المائية لبيان مدى الاعتماد الذاتي من عدمه، وهو ما يحتاج إلى نقاش جاد على المستوى السياسي والشعبي لوضع خطة متوازنة[94]، ومن خلال تلك المقارنة مع التعداد السكاني ونسبة الاعتماد على مياه النيل في الإنتاج الزراعي والصناعي، ويعتبر ذلك المدخل من أهم المداخل في التفاوض بين الدول للتوصل لحل يتناسب معها.

محددات خيار التدخل العسكري لمصر

في فترة حكم الدكتور محمد مرسي اجتمع مجلس الأمن القومي مرتين خلال شهر يونيو قبل الانقلاب عليه وتمت مناقشة ملف سد النهضة في تلك الاجتماعات، وكان السيسي الذي كان وزيرا للدفاع حينها يتحدث عن تدخلات محدودة بعد أن اقترح هشام قنديل بتوسيع العلاقات مع الصومال والقيام بزيارة عسكرية رفيعة المستوى وهو ما رفضه كخطوة للضغط على الطرف الأثيوبي[95]، فيما صرَّح المتحدث العسكري أحمد علي حينها لقناة العربية عن أن الخيار العسكري ليس ضمن الخيارات الحالية[96].

فقرار الحرب عند المؤسسة العسكرية يبدو أنه ليس ضمن القرارات التي تُطرح بجدية بالمقارنة مع التدخلات الأمنية التي تسعى لممارسة ضغوطٍ سواء على السودان أو أثيوبيا، وبوجه عام فإن اجتماع السيسي الأخير مع أمانة وزارة الدفاع يعطي دلالات خاصةً أنه تزامنَ مع زيارات أمنية وعسكرية في المنطقة، ولا تزال هناك العديد من الخطوات التي يجب أخذها قبل الإعلان عن الحرب منها تجييش الشعب وهو ما يمكن أن يبدأ فعليا بعد اجتماعات مجلس الأمن القومي ويليه اجتماع في مجلس الدفاع الوطني وهو المجلس المختص باتخاذ القرار ومن بعده موافقة البرلمان، وكل تلك الخطوات تتطلب تهيئة مناخ شعبي وسياسي عام للقيام بذلك في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المجتمع وبخلاف الاستقطاب السياسي والمجتمعي الموجود بعد أحداث الانقلاب وفض رابعة.

وبأقل تقدير فإن مصرَ ملزمةٌ بوجود علاقات قوية مع دول الجوار لأثيوبيا خاصة إريتريا أو الصومال أو جيبوتي حتى يكون للقوات البحرية والجوية القدرة على دخول الحدود، هذا بخلاف السودان التي تعتبر دورها محوريا في المستوى السياسي والعسكري على حد سواء، لذلك فإن أي تدخل عسكري يتطلب وجود حليف في المنطقة وعلى رأسهم السودان.

تعتبر القواعد العسكرية في القرن الإفريقي أحد التحديات التي ستواجهها مصر في حال قررت توجيه ضربة للسد، فهناك 16 دولة تمتلك 19 قاعدة عسكرية بجانب 4 قواعد عسكرية محتمل أن تُنشئَها تركيا وروسيا والسعودية، ويتكون القرن الإفريقي الصغير من 4 دول هي : الصومال التي تمتلك أطولَ سواحل المنطقة، تليها إرتيريا، وجيبوتي، بينما لا تمتلك إثيوبيا أي منفذ بحري. كما هو موضح في الخريطة، وتمثل القاعدة العسكرية الصينية أحد التحديات الكبرى خاصة أن لها استثمارات كبيرة في أثيوبيا كما ذكرنا وعلى رأسها السدود، كذلك فإن القواعد العسكرية التركية قد تتدخل في ضوء اتفاقيات التعاون الدفاعي التي أبرمتها مع أثيوبيا في 2013 واعتمدها البرلمان الأثيوبي في 2015، بخلاف أنه يجب أن يكون هناك تفاهمات مع أمريكا وإسرائيل في ضوء المآلات التي يمكن أن يترتب عليها هجوم كهذا في تصاعد جماعات على الساحة في القرن الإفريقي تصنفها أمريكا على أنها “إرهابية”، لذلك قد تعارض قيام حرب وقد تقف في صف أثيوبيا، وتعتبر مسألة تأمين التجارة والملاحة الدولية ومواجهة القرصنة ومكافحة الحركات والجماعات المصنفة “إرهابيا” كحركة الشباب الصومالية التي تهدد مصالح الغرب ضمن المهام الأصيلة لتلك القواعد، وتوجد بأثيوبيا قاعدة عسكرية أمريكية لطائرات بدون طيار، ومع تداخل تلك المصالح الدولية والإقليمية فإن فكرة حرب شاملة هي فكرة صعبة التطبيق في ظل تعقد وتداخل المصالح بين تلك الدول.

في المقابل تقوم إسرائيل بالتعاون في المجال الدفاعي مع أثيوبيا، حيث قامت في يوليو 2016 بتوقيعٍ على اتفاقية تعاون وعدة مذكرات تفاهم، وقد سعت إسرائيل إلى القيام ببناء نظام الدفاع الجوي المتقدم (Spyder-MR) في إثيوبيا عَقب بدء العمل في مشروع سد النهضة  وذكر موقع “ديبكا” الاستخباراتي الإسرائيلي مؤخرًا أن إسرائيل قد بدأت في بناء نظام الدفاع الجوي [97](Spyder-MR) حول سد النهضة العملاق في أوائل شهر مايو 2017 وانتهى بعد أقل من شهرين ونصف فقط، وذلك عقب قرار إثيوبيا شراء النظام الإسرائيلي المضاد للطائرات بعد تتبع أدائه خلال الاشتباكات العسكرية التي وقعت قبل خمسة أشهر بين الهند وباكستان في منطقة كشمير. وبحسب موقع ديبكا فإن نظام Spyder-MR المضاد للطائرات هو الوحيد في العالم القادر على إطلاق نوعين مختلفين من الصواريخ من قاذفة واحدة والتي يتراوح مداها ما بين 5 و50 كم.[98] وسبق أن قام وفد عسكري يضم 50 ضابطًا إسرائيليًّا بزيارة أثيوبيا لمدة أسبوع في 2014 , وهي زيارةٌ كان لها علاقة بتأمين سد النهضة.[99]

وقد أرجع معهد “سترات فورد” الأمريكي[100] الخيارات العسكرية المصرية ضد سد النهضة سنة 2013 إلى أحد خيارين، أولهما توجيه ضربة جوية مباشرة للسد وهو ما يصعب بسبب الخلافات السياسية المتواجدة مع السودان والاتفاقيات المبرمة مع أثيوبيا وعدم استثمار مصر في الطائرات المزودة للوقود لما ستحتاجه من قطع مسافة كبيرة، وأما الأمر الثاني فهو إرسال مجموعات من الصاعقة المصرية وهو خيار يَصعُب تحققه بسبب التمركزات الأمنية حول السد إضافةً إلى التضاريس والجبال المحيطة بالموقع، ولن يسبب كلا الخيارين توقف أثيوبيا عن بناء السد حيث ستستأنف البناء لاحقا.[101]

ويجب أن يؤخذ في الاعتبار الدور الفرنسي العسكري في ملف سد النهضة، فقد شرعت العلاقات الفرنسية الأثيوبية بأخذ منحنى مختلف بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي مع وفد رفيع لأثيوبيا في مارس 2019 حيث تم توقيع اتفاق تعاون عسكري يعتبر إطار عمل تقوم فيه أثيوبيا بتطوير قدراتها العسكرية والأمنية وكذلك الاقتصادية حيث قدمت فرنسا 100 مليون يورو لأثيوبيا للمساعدة في التحول الاقتصادي للبلاد، وقد صرح ماكرون في المؤتمر الصحفي مع أبي أحمد “إن اتفاق التعاون الدفاعي غير المسبوق هذا يوفر إطار عمل … ويفتح الطريق بشكل خاص لفرنسا للمساعدة في إنشاء قوات بحرية إثيوبية”.[102]  وقد سبق تلك الزيارة زيارة وزير الدفاع الأثيوبي لفرنسا لبحث سبل الحصول على معدات عسكرية من فرنسا في يناير،[103] وقد سبق تلك الزيارة إعادة توقيع اتفاق لشركة GE Hydro France الفرنسية في يناير 2019 وهي شركة لتصنيع المحركات والتوربينات بعد أن ألغاه أبي أحمد بسبب تأخرها في التزاماتها ليكون الاتفاق مع شركة الكهرباء الإثيوبية بدلا من شركة تابعة لوزارة الدفاع الموقَّعُ خلال فترة رئيس الوزراء الأسبق[104] مع دفع 53.9 مليون يورو[105]. وتمارس القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي دورا هاما في العمق الأثيوبي وقد أشارت سفارة فرنسا في أثيوبيا لبعض المهام التي تقوم بها بداية من تعليم الجيش الأثيوبي قرابة 5000 جنديٍّ للغة الفرنسية , وتخريج مجموعة مظلات تدربت على يد القوات الفرنسية وذلك خلال احتفال نظمته السفارة الفرنسية،[106] فالدور الفرنسي هنا يجب أن ينظر في مقابل العلاقات المصرية الفرنسية العسكرية والأمنية وتطوراتها وكيف تقوم وزارة الدفاع الفرنسية بممارسة المزيد من الضغط حتى لا تخرج مصر بصفتها أحد العملاء المهمين في الشرق الأوسط وفي إطار التنافس مع كل من ألمانيا وإيطاليا، بجانب العلاقات الأمنية التي تربطها في إطار مجموعة G5  في دول الساحل الأفريقي، وفي مارس 2020 قامت وزيرة الجيوش الفرنسية “فلورنس بارلي” بزيارة لمصر, قامت بلقاء السيسي ووزير الدفاع ورئيس الأركان،[107] وتأتي تلك الزيارة بعد توقيع صفقة بين مصر وإيطاليا في 12 فبراير، ويعتبر ذلك مؤشرا هامًّا على القدرة التي يمكن أن تمثلها القواعد العسكرية المنتشرة في منطقة القرن الأفريقي وتأتي في المقام الأول القواعد العسكرية الصينية والأمريكية ثم تليها فرنسا والدول الأخرى. 

وفي كل الحالات إذا كانت هناك رغبة سياسية وعسكرية بضرب السد فيتوجب أن تكون الضربة الموجهة للسد قبيل ملئه لما سيترتب عليه من آثار سلبية على السودان وإغراقها في حال تم توجيه الضربة وهو ممتلئ، وقد شرعت الحكومة الأثيوبية بملئه وذلك في إطار الملء التجريبي لاختبار السد، علاوة على أن تلك الضربة لن توقف أعمال البناء بل ستستأنفها لاحقا وستصنع زخمًا شعبيًّا ودوليا ضد مصر. وقد تلجأ مصر للضغط على دول الجوار وتوجيه ضربة للسد بشكل غير مباشر وسط استراتيجية لمنع وصول مواد البناء لمتابعة أعمال البناء والانتشار في جيبوتي المنفذ الرئيسي للاقتصاد الأثيوبي , حيث إن 80 % من حجم التجارة يمر عبر ميناء جيبوتي الذي تتواجد حوله مجموعة من القواعد العسكرية الصينية والأمريكية والفرنسية والتي تمثل تحديًا كبيرا للقيام بأي عمل عسكري.

وفي ظل تلك التحديات فإن أقصى الخيارات العسكرية التي يمكن أن تقوم بها مصر هو حرب محدودة بغطاء سياسي وحملة علاقات عامة وتشبيك دبلوماسي قبل وأثناء وبعد توجيه الضربة بحيث لا تُحَمِّل ميزانية الدولة كثيرا ولا تجر مصر لحرب شاملة لا تستطيع الاستمرار فيها لعوامل اقتصادية وجغرافية، وذلك مع إشراك حلفائها الحاليين عبر الضغط على مصالحهم بالمنطقة لتمارس ضغوطا على أثيوبيا، وبالرغم من وجود خيارات أخرى في المستوى الدبلوماسي والتي ذكرتها صفحة الموقف المصري[108] والتي أرى أن معظمها غير مجدي باستثناء أمرين : الأول بمساهمة الدول المتحالفة مع مصر حاليا وهو ما يمكن تحقيقه , لكن يصعب الحصول على دعمهم خاصة أن مصر لم تقدم أي دعم يذكر في إطار التوترات والحرب غير المباشرة بين السعودية والإمارات من جهة وإيران ووكلائها من جهة أخرى، وكل ما قدمه السيسي هي تصريحات إعلامية مثل “مسافة السكة”، وبغض النظر عن أن البرلمان المصري قد يصوت ضد اتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي في 2015 إلا أنه ضمنيا خطوة شكلية وليست ذات دلالة شعبية، ويمكن أن نقول أن أهم خطوة مجدية هي رفع شكوى دولية لمجلس الأمن والتي يمكن من خلالها معرفة وزن مصر الفعلي على الساحة الدولية والذي فقدته بعد الانقلاب العسكري، وبالرجوع إلى سلوك مجلس الأمن تجاه العديد من القضايا في الشرق الأوسط فإنه لا يتوقع شيء جديد ولا يمكن الاعتماد عليه، ويبقى الطريق الوحيد الذي يمكن لمصر أن تحصل على حقوقها هو استعادة مكانها وفاعلية دورها.

التوصيات

  • إدارة أزمة سد النهضة من منظور استراتيجي في رسم المصالح الدولية والإقليمية من حيث إعادة تقيم وتنظيم الأدوار التي تقوم بها مصر في الملفات الأخرى.
  • فمصر تمتلك موقعا جغرافيا يعطيها مزايا جيوسياسية عالية، وهو من أكثر المواقع المؤثرة في العالم والذي يمكن أن يمثل نقطة لإدارة أزمة سد النهضة بمستويات مختلفة ومن خلال محاور متعددة، وعليه يجب  إعادة النظر ورسم العلاقات مع دول المنطقة والعالم في إطار ملف سد النهضة بحيث تدار المصالح مع تلك الدول في إطار مركزية ملف سد النهضة وتقييم العلاقات مع دول العالم في إطار يصف دور تلك الدول وإسهاماتها في ملف سد النهضة وعلاقاتها العسكرية والأمنية مع أثيوبيا، ويكون التصنيف على درجات بالسلبي والإيجابي، ومن خلال ذلك التصنيف يتم إدارة المصالح المختلفة من خلال ذلك التصنيف، تأكيدا على استراتيجية الملف بالنسبة لمصر بما يحافظ على مصالح مصر الاستراتيجية مع تلك الدول ويحد من مكتسبات الدول الأخرى خاصة على الصعيد العسكري والأمني. ويكون ذلك من خلال صنع أزمات دولية مع الأطراف الداعمة لأثيوبيا خاصة مع الدول العربية التي يمكن أن يمثل تدخلها نقطةَ تأثيرٍ جوهرية في تطور ملف سد النهضة والأسهل من حيث امتلاك أدوات التأثير عليهم.
  • تصفير المشكلات التاريخية مع الجانب السوداني، خاصة المشكلات الأمنية والعسكرية، ووضع رؤية تنموية مشتركة في مجالات الكهرباء والتجارة والزراعة والصحة والتعليم. وذلك بخلاف ملف سد النهضة فالعلاقات مع السوادن هي علاقات استراتيجية أكثر قيمة من ملف سد النهضة، وبوجه عام كما ذكرنا فإن الموقف السوداني من السد سيكون موقفًا مؤثرًا على الصعيد الدولي، خاصة إذا ما توجهت مصر والسودان لإجراء تحكيم دولي والتقدم بشكوى لمجلس الأمن، فمصر والسودان هما دولتا مصب بينما بقية دول حوض النيل هي دول منبع، ويمكن الارتكاز على طبيعة تصميم السد حيث يعتبر تصميم سد النهضة ضمن سدود دول المصب وليست لدولة منبع بحيث تكون تلك النقطة محورية في المفاوضات ووضع الإطار الزمني لملء السد وآلية بناء أي سدود لأي دولة من دول حوض النيل.
  • تعزيز التواجد العسكري المصري في جيبوتي والصومال وإريتريا واستخدام مظلة جامعة الدول العربية كإطار سياسي ودبلوماسي لتلك التحركات. ورفع من مستويات التعاون الأمني والعسكري والتجاري مع تلك الدول. ويكون ذلك من خلال استخدام قدرات مصر العسكرية خاصة في سلاح البحر والجو. ونحن هنا لا نتحدث عن تواجد من خلال انتشار بعض المقاتلين بل من خلال بناء قاعدة عسكرية بحرية جوية ووضع رؤية استراتيجية أمنية وعسكرية مع تلك الدول بما يرفع من قدراتها الأمنية والعسكرية ويجعل العلاقة مع مصر علاقة استراتيجية بالنسبة لهم فيضطرهم لاتخاذ مواقف سياسية إيجابية.
  • إعادة تقييم الدور المصري مع دول حوض النيل ووضع مشاريع تنموية مشتركة جادة بجانب تعزيز التجارة. وذلك من خلال إطار استراتيجي مشترك مع تلك الدول على هيئة اتفاقات، بما يحد من سعي تلك الدول لبناء سدود جديدة. فمصر بوجه عام تحتاج لاستراتيجية إفريقية جديدة تستند على البعد الاقتصادي والتنموي بجانب العسكري والأمني ويمكن التعلم من استراتيجية الصين وفرنسا وتركيا تجاه القارة.
  • إعادة النظر في قدرات مصر العسكرية والميدانية تماشيًا مع تهديدات ملف سد النهضة بما يؤهلها لتكون رادعًا في حال استمرت أثيوبيا في السير على نفس السياسة دون أخذ أي اعتبار للتداعيات المترتبة على الملء السريع للسد، ونقصد هنا معدات الطيران بدون طيار  وتدريب وحدات المظلات والقوات الخاصة على بيئة تشابه بيئة الموقع، ورفع القدرات الاستخباراتية والأمنية مع دول الجوار الأثيوبي وفي عمقها، بحيث تكون معادلة التدخل مكلفة عملياتيًّا وغير مكلفة في الموازنة العامة للدولة.
  • وضع رؤية استراتيجية لأمن مصر المائي في المستقبل مع الزيادة السكانية وانخفاض نصيب الفرد للمياه.
  • التركيز على المشروعات المائية في دول حوض النيل خاصة في جنوب السودان والتي يمكن أن تمثل تعويضا للنسبة التي ستفقدها مصر بسبب سد النهضة وهي مشاريع تم إنجاز منها العديد من المراحل وتحتاج إلى صيانة واستكمال مثل مشروع قناة جونجلي.
  • تنفيذ مشاريع تربط دول حوض النيل اقتصاديا بمصر مثل مشروع خط السكة الحديدية، وهو ما يعزز التعاون فيما بينها , بينما يؤهل مصر في نفس الوقت لتكون مركزا إقليميًا وإفريقيا أكثر تأثيرا من الناحية الجيوسياسية ويجعل تلك الدول تَتبَع المواصفات المصرية في السكة الحديد ويفتح فرصًا استثمارية كبيرة للشركات الوطنية.
  • تطوير البحث العلمي في مجالات الزراعة والمياه بما يرفع من قدرات مصر الإنتاجية بأقل قدر من المياه واستغلال نسبة الفقد للمياه في البحر المتوسط.

الهامش

[1]  وكالة الأنباء الأثيوبية ENA  https://bit.ly/3f0AZk3  
[2]  تقرير موقع تكنلوجيا المياه عن سد النهضة    https://www.water-technology.net/projects/grand-ethiopian-renaissance-dam-africa/
[3]  السفير إبراهيم يسري https://www.youtube.com/watch?v=fggV6PbdGLQ
[4]  زيارة عصام شرف لأثيوبيا http://gate.ahram.org.eg/News/70237.aspx
[5]  اتفاقية تقاسم مياه النيل 1959 هي اتفاقية وقعت بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهي الرغبة في إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.
اتفاقية تقاسم مياه النيل 1929 هي اتفاقية أبرمتها الحكومة البريطانية -بصفتها الاستعمارية – نيابة عن عدد من دول حوض النيل (أوغندا وتنزانيا وكينيا)، في عام 1929 مع الحكومة المصرية يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل، وإن لمصر الحق في الاعتراض (فيتو) في حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده.
[6] تصريح المسؤول السوداني بوزارة الموارد المائية والري والكهرباء  https://bit.ly/2ISwusS
[7]   لخص أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس محمد شراقي ذلك في انقطاع ما بين 15 و25 مليار متر مكعب من المياه عن مصر والسودان بسبب تخزين هذه الكمية المائية في بحيرة سد النهضة، موقع الجزيرة https://bit.ly/3bqEe1J
[8]  قال الدكتور صفوت عبد الدايم، مستشار المجلس العربي للمياه، إن سد النهضة بالتأكيد ستكون له تأثيرات سلبية على الأمن المائي المصري والمياه المقبلة إلى مصر من النيل الأزرق، وستقل طبقًا للأبحاث بكميات تتراوح بين 5 و10 مليارات متر مكعب سنويًا، جريدة الوطن https://www.elwatannews.com/news/details/2971821
[9]  ورشة عمل في جامعة الفيوم 2016  http://www.fayoum.edu.eg/newsdetail.aspx?news_id=16461
[10]   تقرير عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لسنة 2015 عن حجم الأراضي الزراعية 
[11]  جريدة الوطن https://bit.ly/3dgNtmF
[12]  تصريح وزير الري محمد عبد العاطي، موقع البي بي سي  https://bbc.in/2QAD5wh
[13]  تصريح لوزير الري والموارد المائية في حكومة هشام قنديل، مايو 2013، اليوم السابع https://bit.ly/2xYym15
[14] رئيس إدارة شركة المحطات المائية لإنتاج كهرباء (شركة كهرباء السد العالي)، اليوم السابع https://bit.ly/2Qxzmzu 
[15] وزير الري محمد عبد العاطي، اليوم السابع https://bit.ly/2xXDdj6 
[16]  دراسة من منظمة الأنهار الدولية بعنوان خمس خرافات عن سد النهضة، موقع الجزيرة https://bit.ly/2J6MebX 
[17]  منع 18 محافظة من زراعة الأرز ، في يناير 2018  https://bit.ly/2vhn2fq
[18]   حلقات عمرو أديب يناقش فيها منع زراعة الأرز والقصب ويوجه الرأي العام اتساقا مع سياسات الحكومة  https://bit.ly/2w2NxWn
[19]  اليوم السابع https://bit.ly/2ILiq4h
[20]  تصريحات وزير الموارد المائية والري والكهرباء حول رفض إشراف البنك الدولي https://bit.ly/3b7jZ8O
[21]البي بي سي العربية   https://www.bbc.com/arabic/middleeast-51503132
[22]  جريدة الأخبار اللبنانية https://bit.ly/2IWNvCe
[23]  جريدة الزمان العراقية  https://bit.ly/2JcYqbj
[24]    موقع الجزيرة https://bit.ly/3a7wS2z & موقع الدفاع العربي https://bit.ly/2xejj2J
[25]  موقع سكاي نيوز https://bit.ly/393h2ox
[26]  وكالة الأناضول https://bit.ly/2wj7F6W ، قناة العربية أشارت إلى أنه يبعد 18 كيلو https://bit.ly/2vJf2nS
[27]  وكالة الأناضول https://bit.ly/2U6o3kc
[28]   اليوم السابع https://bit.ly/38ZUJ2U 
[29] وكالة شهادة الإخبارية خاصة بالصومال وشرق أفريقيا  https://shahadanews.com/?p=1741
[30]  الوطن https://betanews.elwatannews.com/news/details/3466120
[31]  سكاي نيوز https://bit.ly/39O2zxW
[32]  تقرير منظمة العفو الدولية 2017 \ 2018 https://www.amnesty.org/download/Documents/POL1067002018ARABIC.PDF
[33] تقرير منظمة العفو الدولية 2016\2017 https://www.amnesty.org/download/Documents/POL1048002017ARABIC.PDF
[34]  العربي الجديد https://bit.ly/2wqxUIx
[35] البيان الإماراتية   https://www.albayan.ae/one-world/overseas/2019-11-23-1.3708681
[36]  قائمة بعض السدود الأثيوبية، موقع ويكبيديا  https://bit.ly/393VCaW
[37] الشرق الأوسط، 2010 https://archive.aawsat.com/details.asp?issueno=11700&article=569500
[38]  صفحة الموقف المصري من https://bit.ly/2Url98q
[39]  وكالة الأناضول https://bit.ly/2Url98q
[40]  سكاي نيوز https://bit.ly/2U2Xoon 
[41]  المصري اليوم https://www.almasryalyoum.com/news/details/1008696
[42]  أحد حلقات أحمد موسى مستضيفا معارضا أثيوبيا https://www.youtube.com/watch?v=oFbLamdY8cM
[43] جريدة المال  https://bit.ly/3ddNWGf ،  المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين https://www.unhcr.org/ar/4be7cc27904.html ،  
[44] العربي الجديد https://bit.ly/2U3zkBJ
[45]  موقع فرجت نت  https://www.farajat.net/ar/?p=39796 ، ووكالة الأناضول
[46]  روسيا اليوم https://bit.ly/392yrOe
[47]  جريدة الوئام السودانية https://bit.ly/2U99sVh
[48]  تعاني دولة جنوب السودان المنفصلة حديثًا عن السودان إثر استفتاء شعبي من اقتتال داخلي ” حرب أهلية ” بين الحكومة ومجموعة من الفصائل والحركات المسلحة التي تمثل تهديدا حقيقيًا لـ رئيس جنوب السودان “سيلفاكير”، حيث تسيطر بعض تلك الفصائل على قرى ومدن غنية بالنفط منذ بدأ تمردها في عام 2013، وتساهم مصر في القوات الأممية (UN) المعنية بحفظ السلام في جنوب السودان بنحو 1507 جندي، وهي أكبر دولة تساهم في قوات حفظ السلام بجنوب السودان إضافة إلى القوات الشرطية.  
[49]  المركز الديموقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية، تقدير موقف أعده السفير السابق بلال المصري، سـفـيـر مصر السابق لدي أنجولا وساوتومي والنيجرhttps://democraticac.de/?p=46992
[50]  عربي 21 وصحف سودانية https://bit.ly/33zaz3o
[51]  مصراوي https://bit.ly/2UwDRvI
[52] موقع سودان ترابيون، تصريح المعارضة الإريترية https://bit.ly/2J5N9cp
[53]  وكالة معا الإخبارية https://www.maannews.net/Content.aspx?id=997754 ، جريدة البيان https://bit.ly/2Qv0iQK
[54] جريدة عكاظ  https://www.okaz.com.sa/investigation/na/1679378
[55]  https://bit.ly/2Ul9DeT
[56]  موقع الجزيرة https://bit.ly/391mOXO ، موقع سكاي نيوز https://bit.ly/394sLTy
[57]  روايات الخبراء المصرين استنادا على صور الأقمار الصناعية من ، اليوم السابع https://bit.ly/390jigc
[58]  برنامج المسافة صفر، فيلم سد النهضة فيلم الجزيرة الوثائقي من https://www.youtube.com/watch?v=J_QKoWk4TpI
[59]        حازكي باروخ. (20 ايار, 2012). نتنياهو: هاتيوبيم مسمليم ات هرعيون هتسيوني ( نتنياهو: الإثيوبيون يمثلون الفكرة الصهيونية ). تم الاسترداد من القناة السابعة:  https://www.inn.co.il/News/News.aspx/238247
[60]           الكسندر كيتس. (27 تموز, 2015). هاتيوبيم مهدكيم يحسيم: سخروا يوعيتس يسرائيلي ( الإثيوبيون قووا العلاقات: استأجروا خبيرا استراتيجيا ). تم الاسترداد من إي سي: http://www.ice.co.il/pr-sales-promotions/news/article/412290
[61]          ميخال توسيا. (1 ايار, 2018). توخ خميش شنيم لهجديل بمئوت اخوزيم ات هيتسو لاتيوبيا ( خلال خمس سنوات مضاعفة الصادرات لإثيوبيا بمئات المرات ). تم الاسترداد من اتحاد الصناع: http://www.industry.org.il/index.php?dir=site&page=union_articles&op=item&cs=5010&category=3728
[62]  يسير عوكبي. (13 تموز, 2016). موريد هنهار: بيكور نتنياهو باتيوبيا عورر سعرا بشكنا بتسفون ( سينزل من تدفق النهر: زيارة نتنياهو إلى إثيوبيا أثارت عاصفة في الجارة الشمالية ). تم الاسترداد من معاريف: https://www.maariv.co.il/news/world/Article-549150
[63]  من أبرز المحللين العسكريين في إسرائيل.
[64]  يفجني كلاوبر. (19 تموز, 2016). هساكر هاتيوبي شمحزيك ات يسرائيل عل حشبون هفلستينيم ( السد الإثيوبي الذي يقوي إسرائيل على حساب الفلسطينيين ). تم الاسترداد من ميدا: https://bit.ly/3b6U1lU
[65]  جيلي حسكين. (2013). هسخسوخ عل هنيلوس ( الصراع على النيل ). تم الاسترداد من مدريخ عولام: https://bit.ly/2Qx2h6Z
[66] سبونسر. (18 تموز, 2017). حبرا يسرائيليت زختا ببنيات نمال باتيوبيا ( شركة إسرائيلية حصلت على بناء ميناء في إثيوبيا ). تم الاسترداد من سبونسر: https://bit.ly/2J14wvh
[67]  يحزكيلي لبيا. (15 تشرين اول, 2017). هنيلوس همار فهبترون لمايم معرري دميون ( النيل المر والحل لمشاكل المياه ). تم الاسترداد من دعتون: https://bit.ly/3bafXN2
[68]  تسابي ميزال. (4 حزيران, 2013). هام متسرايم مابيدت ات هنيلوس (هل مصر تفقد النيل). مركز القدس لدراسات الجمهور.
[69]  لشكات همسخار. (2013). مشلاحت يسرائيليت باتيوبيا سكوم فرشميم ( بعثة إسرائيلية إلى إثيوبيا نتائج وملخص ). تم الاسترداد من لشكات همسخار: https://bit.ly/2UpD9QC
[70]  تسابي ميزال. (4 حزيران, 2013). هام متسرايم مابيدت ات هنيلوس (هل مصر تفقد النيل). مركز القدس لدراسات الجمهور.
[71]  يخيبال. (3 تموز, 2017). افريكا متعوريرت ( إفريقيا تستفيق ). تم الاسترداد من يخيبال: https://bit.ly/33xDkxv
[72]  لؤومنوت. (26 تشرين ثاني, 2017). هملحما عل مي هنيلوس ( الحرب على مياه النيل ). تم الاسترداد من قناة لؤومنوت: https://bit.ly/33EFThh
[73] نيتسان كيدار. (6 حزيران, 2017). نتنياهو: يسرائيل حزيرت لافريكا ( نتنياهو : إسرائيل تعود إلى إفريقيا ). تم الاسترداد من القناة السابعة: https://bit.ly/3a89phM
 
[74]  يفجني كلاوبر. (19 تموز, 2016). هساكر هاتيوبي شمحزيك ات يسرائيل عل حشبون هفلستينيم ( السد الإثيوبي الذي يقوي إسرائيل على حساب الفلسطينيين ). تم الاسترداد من ميدا: https://bit.ly/3b6U1lU
[75]  لؤومنوت. (26 تشرين ثاني, 2017). هملحما عل مي هنيلوس ( الحرب على مياه النيل ). تم الاسترداد من قناة لؤومنوت: https://bit.ly/33EFThh
[76]  مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (وفا) تقرير بعنوان ( المياه في الصراع العربي – الاسرائيلى ) http://www.wafainfo.ps/ar_page.aspx?id=2257
[77]  علينا فيشمان. (21 ايار, 2017). هاسون هسبيبتي شيزعزع ات همزراح هتيخون ( الكارثة البيئية التي ستهز الشرق الأوسط ). تم الاسترداد من يديعوت احرونوت https://bit.ly/3abdkdO
[78] متي توكفالد. (22 آب, 2016). مهدكيم كشريم: يسرائيل تتسيج بيتوخيم عبور افريكا بتخوم هخكلؤوت فهرفوئا ( يقوون العلاقات: إسرائيل تقدم إنتاجات متطورة من أجل إفريقيا في إطار الزراعة والدواء). تم الاسترداد من اسرائيل اليوم: https://bit.ly/2U3sITY
[79] بدأ العمل في مشروع قناة جونجلي المائي بولاية أعالي النيل في جنوب السودان عام 1980 (هناك من يشير إلى أن الحفر بدأ جديا عام 1978) بهدف تغيير مجرى النيل الأبيض في المنطقة المليئة بالمُستنقعات والمعروفة باسم منطقة السد، ويبلغ طول هذه القناة 360 كم وتم حفر 260 كم قبل توقف العمل بها بعد تدمير المتمردين للحفار، وتبلغ تقديرات الفائدة المائية منه بعد تنفيذ مرحلتيه الأولى والثانية حوالي 7 مليار متر مُكعب/عام ، تُقسم بين مصر والسودان، إضافة إلى مشروعات زراعية أخرى حول القناة باستصلاح مليون و420 ألف فدان، لكن الصراع القائم وقتها بين الحكومة السودانية والمتمردين بالجنوب ، جعل مجموعات من المتمردين المنتمين للحركة الشعبية لتحرير السودان تقوم باستهداف معسكر الشركة الفرنسية القائمة على حفر القناة في فبراير 1984.
وكان “حسني مبارك” وقتها يجلس مقعد المتفرجين على المفاوضات القائمة بين حكومة السودان والمتمردين حينها، حيث إنهم قاموا باختطاف مجموعة من الرهائن وتدمير آلات الحفر الرئيسية المستخدمة لشق القناة وقد قامت مصر والسودان بدفع تعويضات للشركة الفرنسية. وقد قامت بعض وسائل الإعلام الأجنبية بصياغة الخبر على أن مصر تقوم بإنشاء قناة كأنه مشروع جديد دون الإشارة إلى أنه قد تم تنفيذ 70 % منه من قبل وأنه مشروع قديم ، وقامت بعض المواقع والقنوات الإعلامية  بالإشارة إلى تصريحات الرئيس السابق لجهاز الشؤون المعنوية “سمير فرج” أن ذلك المشروع سيوفر 30 مليار مكعب من الماء سنويًا لمصر ، وهو رقم مبالغ فيه حيث تؤكد الدراسات القديمة أنه باكتمال المشروع بمرحلتيه الأولى والثانية سيزيد من حصة مصر والسودان 7 مليار متر مكعب ستحصل السودان على قرابة  2 مليار متر مكعب  منها ، وهذا طبقا لما نشر عن مصادر رسمية سابقا (وزارة الأشغال العامة والموارد المائية) ، وكانت تسعى إسرائيل سابقا بدعم المشروع لضخ مياه النيل إلى صحراء النقب وهو ما عارضه “السادات”.
ومن الجدير بالذكر أن المنطقة المقام عليها مشروع القناة يوجد بها اقتتال شديد بين الطرفين الرئيسيين في النزاع حول الحكم حكومة “سيلفاكير” و ” مشار “، إضافة إلى النزعات بين القبائل حول المراعي، حيث تلجأ بعض القبائل والفارين من الاقتتال إلى إثيوبيا، وكان الجيش الإثيوبي قد تدخل في بعض الوقائع لتحرير رهائن أثيوبيين، وتفتقد تلك المنطقة إلى وجود أجهزة أمنية أو حكومية لتسيير الخدمات والمصالح فيما تعلو النزعة القبلية، حيث إن سلاح كل قبيلة والمجموعات المسلحة فوق أي سلطة بل إنها هي السلطة ذاتها.
ويمثل وقوف مصر ودعمها العسكري والسياسي لحكومة سيلفاكير على المتمردين تهديدا للمصالح المصرية هناك واستهدافًا لها من قبل المتمردين  ، ومن المهم أن نذكر أن انفصال جنوب السودان عن السودان لا يعني موافقتها على الاتفاقيات السابقة بين مصر والسودان وخاصة اتفاقية 1959 الخاصة بالمشاريع المائية وتعظيم المنافع المائية للدولتين ، وعلى الرغم من الارتباطات الوثيقة بين البلدين في الآونة الأخيرة إلا أن حكومة جنوب السودان من المهم أن تعترف بالاتفاقية لاستئناف المشروعات المنصوص عليها والتي من ضمنها قناة جونجلي على أراضي جنوب السودان.
[80]  تصريح كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة حينها، أكتوبر 2017 https://bit.ly/393ODic

[81]  سحارة 1964 لتعمير سيناء

تم إنشاء السحارة عام 1964 كبداية لـمشروع تعمير سيناء وبناء 200 قرية بداية للتوطين. سحارة سرابيوم وترعة سيناء كانتا المحور الرئيس لتعمير سيناء عام ١٩٦٤ لإنشاء ٢٠٠ قرية في وسط سيناء لتكوين كثافة سكنية بالتنمية الزراعية وسط سيناء لمواجهة أي هجوم محتمل من إسرائيل وكان يعتمد على تقسيم الأراضي بعد استصلاحها وتسليمها لمجندين سابقين وأسرهم وصغار الفلاحين من محافظات كثيفة السكان لتوطين مليون مواطن عكس مشروع ترعة السلام الذي يعتمد على توزيع ٨٥٪ من الأراضي على كبار المستثمرين ١٠٠٠ فدان فأكثر و٥٠٠ فدان فأكثر والباقي لصغار الفلاحين من أجل أن يعملوا كعمال لدى المستثمرين .
[82] وكالة الأناضول https://bit.ly/2UmpyJT
[83]  وكالة الأناضول https://bit.ly/2WsB0GA
[84]  تقرير البوابة نيوز https://www.albawabhnews.com/1698816
[85]  وكالة ارم نيوز، تصريحات حسين الشافعي https://www.eremnews.com/news/arab-world/egypt/1138646
[86]  تقرير البوابة نيوز https://www.albawabhnews.com/1698816
[87]  تقرير البوابة نيوز https://www.albawabhnews.com/1698816
[88]  تقرير البوابة نيوز https://www.albawabhnews.com/1698816
[89] موشيه كاتسير. (2 أيار, 2018).( بعثة اقتصادية يتم استضافتها مع الرئيس في إثيوبيا) . تم الاسترداد من بيزنس https://bit.ly/38Zrygw .
[90]  انشيم فمخشبيم. (3 ايار, 2018). همترا – لهجديل ات مئوت اخوزيم ات هيتسو هتكنولوجي . تم الاسترداد من انشيم فمخشبيم:  https://www.pc.co.il/featured/264889/
[91]  معتقلي فندق الريتز كارلتون في الرياض، وهو الاسم المتعارف عليه إعلاميا نسبة لمكان احتجازهم، حيث تجاوزت أعدادهم 70 شخصا بين أمير ووزراء سابقين ورجال أعمال، وكان ذلك تحت لجنة مكافحة الفساد التي شكلها محمد بن سلمان في 4 نوفمبر 2017
[92]  البي بي سي https://www.bbc.com/arabic/business-47024279
[93]  اليوم السابع https://bit.ly/2UpeT10
[94]  Ding, Ning & Erfani, Rasool & Mokhtar, Hamid & Erfani, Tohid. (2016). Agent Based Modelling for Water Resource Allocation in the Transboundary Nile River. Water. 8. 139. 10.3390/w8040139.
[95]  نائب بمجلس الشورى رضا فهمي
[96]  تصريح المتحدث العسكري أحمد علي على قناة العربية https://bit.ly/2IJso6m
[97]استطاع سبايدر الرابط في جورجيا أن يفتك بطائرة استطلاع روسية من طراز Tu-22MR وطائرة هجومية من طراز سوخوي- 25. الصيد الثمين جاء بأيادي جنود غير متمرسين، وهو جوهر منظومة سبايدر. إذ تعتمد على أن يكون أداؤها غير مرتبط بخبرة الجندي المسئول عن تشغليها. سواء عبر الدقة الإلكترونية أو سهولة الاستخدام. كما أن كلًا من نوعي الصواريخ المستخدمين لا يُخلّفان دخانًا وراءهما. ما يجعل من الصعب رصد الصاروخ بصريًا أو حتى معرفة نقطة انطلاقه.
يوجد نوعان من سبايدر الأول «سبايدر- إس آر» وهو نوع قصير المدى وصواريخه قليلة الارتفاع لـ 9 كيلومترات فحسب. أما الثاني «سبايدر- إم آر» متوسط المدى ويُطلق صواريخه للأعلى حتى 16 كيلومترًا، لذا فهو المُستخدم حول سد النهضة. يتميز النوعان برشاقتهما العالية ومرونتهما، فبجانب الدوران لـ 360 درجة تحملهما مركبات شديدة السرعة ويمكنها الانتشار فوريًا من نقطةٍ إلى أخرى.
يمكن أن تعمل المنظومة منفردةً أو كجزء من تشكيل دفاعي مكون من آليات أخرى. إذا عملت وحدها فستكون عبارة عن مركبة قيادة وتحكم تحتوي على الرادار. مركبتان لإعادة التزود بالصواريخ.  مركبة للخدمات اللوجيستية وأعمال الصيانة. 6 مركبات عليها منصات إطلاق الصواريخ، كل مركبة تحمل 4 صواريخ. إضافةً للرادار المختص برصد الأهداف، فإن المركبات مزودة برادار خاص بها ووحدة اتصال داخلية تسمح لهم جميعًا بالتواصل من مسافة 10 كيلومترات. ما يعني إمكانية نشر كل مركبة على حدة لتقليل احتمالية إصابتهم أو تدميرهم، بجانب زيادة فاعليتهم.
التحدي أن هذا العدد الكبير من المركبات والتكنولوجيا المتشابكة تحتاج إلى 5 دقائق لتنتظم وتبدأ العمل. وبعد تشغليها تحتاج 5 ثوانٍ فقط لإطلاق أول صاروخ على أي هدف في نطاق 40 كيلومترًا. مهما كانت الأحوال الجوية، نهارًا أو ليلًا. تمتلك المنظومة ثلاثة أوضاع للتشغيل. الأول يدوي، حيث يحدد الجندي مصدر التهديد ثم يُوجه الصواريخ تجاهه ويُطلقها يدويًا. الثاني شبه التلقائي، حيث يكتشف الرادار التهديد ويُحدده ويتبعه في حركته وتصبح المنظومة مستعدة للإطلاق لكن تنتظر الأمر اليدوي من الجندي المسئول. أما الثالث، فتلقائي بالكامل حيث تقوم المنظومة بتحديد الهدف ثم التعامل معه مباشرةً دون انتظار تأكيد يدوي من الجندي المسئول.
[98]  تقرير الجوار بريس http://algiwarpress.com/news/news.aspx?id=7823
[99]  قناة CBC https://www.dailymotion.com/video/x5nf1f8
[100]  معهد يتبع وكالة الاستخبارات الأمريكية
[101]  اليوم السابع https://bit.ly/2woORTI
[102]  موقع رويترز، مارس 2019، تصريح ماكرون خلال المؤتمر الصحفي مع أبي أحمد https://reut.rs/3edM0Os
[103]  موقع الشروق يناير 2019 https://bit.ly/3a4BgPb
[104]  موقع ديلي صباح، يناير 2019 https://bit.ly/2JW9h9B
[105]  وكالة الأناضول، فبراير 2019 https://bit.ly/2xn4VG1
[106]  موقع السفارة الفرنسية سبتمبر 2019 https://et.ambafrance.org/French-Ethiopian-military-cooperation-ceremony-1667
[107]  زيارة وزيرة الدفاع الفرنسية لمصر، موقع وزارة الدفاع المصرية https://bit.ly/39XU2rjhttps://bit.ly/2yMWqEq
[108] منشور لصفحة الموقف المصري على الفيس بوك  https://bit.ly/2QAmjO6

اضغط لتحميل الملف
مشاركات الكاتب