الحالة المجتمعية (التقرير السنوي لعام 2019)

اضغط لتحميل الملف

الحالة المجتمعية السنوية

ملخص

يشهد المجتمع المصري في هذه المرحلة العديد من الأزمات الاقتصادية والمجتمعية والتي أثرت على مستوى التفكك والانحلال المجتمعي، إلا أن قطاعات متنوعة من الشعب المصري عبرت عن رفضها بعض السياسات المتبعة من قبل النظام الحالي مطالبة بحقوقها المشروعة إذ اتسم عام 2019 بكثرة الاحتجاجات،فقد أمكن رصد 161 احتجاجًا على مدار العام، حيث تعددت دوافع الاحتجاجات، وامتدت رقعتها في جميع أرجاء الجمهورية من شمالها إلى جنوبها، وارتكزت معظم الاحتجاجات في القاهرة، إذ بلغت 42 احتجاجًا.

تباين التعامل الأمني على مدار العام مع الاحتجاجات باختلاف السياق الزمني وطبيعة الأهداف ونوعية المتظاهرين حيث تم رصد 46 اعتداءً من قوات الشرطة على المواطنين من بينهم 30 اعتداءً بما يعادل 18 % من مجموع المظاهرات. كما تباينت الأهداف والدوافع للاحتجاجات وتنوعت الشرائح العمرية والاجتماعية المشاركة فيها بعضها كان لأهداف سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وأخرى ذات مطالب خدمية.

وكانت القضية الأبرز والمستمرة على مدار العام هي “التهجير القسري” حيث بلغت 24 احتجاجا رافضا للحملة التي أطلقها النظام تحت مسمى (حق الشعب) وقد شاركت قوات الأمن المركزي والقوات الخاصة وقوات مكافحة الشغب وفي بعض المحافظات شاركت قوات تابعة للجيش، فحدثت اشتباكات بداية العام بنزلة السمان في شهر يناير بين قوات الشرطة وقطاعات من الجماهير الغير مؤدلجة معترضةً على حملات الإزالة، وعلى مدار العام استمر المواطنون بجزيرة الوراق بالتظاهر والتصدي لحملات الإزالة.

وفي السياق ذاته استمرت حملات الإزالة في عموم الجمهورية حيث قوبلت بالرضوخ تارة، و بالاحتجاج تارة، والاشتباك مع قوات الشرطة مثلما حدث بقرية (أبو عصبة) بالأقصر خلال شهر مايو، وفي (عين الصيرة) بالقاهرة مع قوات الشرطة خلال شهر سبتمبر، كما أمكن رصد عشرة اعتداءات للشرطة على المواطنين خلال حملات الإزالة.

لم يغب الوضع الاقتصادي عن المشهد، حيث انعكس انخفاض مستوى معيشة المصريين على تباين الطبقات الاجتماعية والمستويات التعليمية للمشاركين في الاحتجاجات ، فتخطي عدد الاحتجاجات ذات الدوافع الإقتصادية عتبة ال 60 احتجاجًا بنسبة 37.5% من إجمالي الاحتجاجات خلال العام. وفي السياق ذاته أشارت تقارير للبنك الدولي، والجهاز المركزي للمحاسبات إلى زيادة معدلات الفقر و زيادة معدلات إنفاق الأسرة المصرية مع ثبات الرواتب علاوة على إنخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار في السنوات الأخيرة.

أما على الصعيد السياسي شهد عام 2019 تطورات عدة جاء على رأسها احتجاجات 20 سبتمبر التي دعى لها المقاول محمد علي ، حيث أمكن  رصد ما لا يقل عن 26 احتجاجًا على أقل تقدير، وقد شهدت الاحتجاجات تفاعلًا واسعًا عمَّ أرجاء الجمهورية، وتلى الاحتجاجات تعزيز القبضة الأمنية من أجل السيطرة على الوضع، وخلال العام وصلت أعداد الاحتجاجات المطالبة برحيل السيسي إلى 43 احتجاجًا .

وخلال الربع الأول من العام وفي منتصف فبراير وقعت حادثة قطار رمسيس المفجعة، والتي تزامنت مع إعدام 9 شباب في قضية مقتل النائب العام السابق هشام بركات، بالإضافة إلى الحديث عن التعديلات الدستورية آنذاك، وهو ما أدى إلى تفاعل قطاعات جديدة من المجتمع ضد النظام. وفي سابقة تحدث لأول مرة منذ منتصف 2013 خرجت احتجاجات عفوية غير مؤدلجة تطالب بإسقاط النظام عقب حادثة القطار ، فتعاملت معها قوات الشرطة بقمع مفرط، حتى لا تتسع دائرة التظاهر، وتخطت الاحتجاجات خلال الربع الأول عتبة الأربعين احتجاجًا.

لم تغب النقابات أيضا عن المشهد، وبالأخص نقابة المحامين، التي شهدت نزاعات مستمرة بين المحامين ونقيبهم سامح عاشور،وشهد العام احتجاجات من المحامين ضد ممارسات الشرطة تجاههم، وشهدت نقابة الصحفيين عدة احتجاجات مطالبة بحرية الصحافة و الإفراج عن الصحفيين المعتقلين.

كما ظهر العمال والمهنيين و طالبوا بتحسين الرواتب التي لم تعد تتناسب مع المستوى المعيشي، وطالبوا أيضا بتحسين ظروف العمل وثتبيت أصحاب العقود المؤقتة، حيث مثلت العدد الأكبر من الاحتجاجات التي تجاوزت أربعين احتجاجًا، تنوعت مابين تظاهرات، واعتصامات، وإضرابات، وهو ما قُوبل بتعامل أمني أحيانًا، وإغلاق المصانع والرفد أحيانًا أخرى، وتدخُّل وزارة القوى العاملة لحل الأزمة بين المحتجين و الإدارات في بعض الأحيان.

وكان للطلاب دورًا بارزًا خلال العام، وبالأخص طلاب المرحلة الثانوية ، إذ احتدت قوات الشرطة في التعامل معهم على خلفية الاحتجاجات الواسعة التي نفذوها أواخر شهر مايو قُبَيل اختبارات نهاية العام والتي وصلت إلي 23 احتجاجًا خلال العام. وعلى مدار العام شارك طلاب الجامعات في بعض الاحتجاجات والتي واجهت قوات الشرطة بعضها و غضَّت الطرف عن البعض الآخر،وعندما أُجريَت انتخابات اتحاد طلاب مصر نوفمبر الماضي والتي دائمًا ماكانت تشهد زخمًا طلابيا في السابق،عزفت الكوادر الطلابية عن المشاركة في هذه العملية الانتخابية الأخيرة مما أدى لعدم اكتمال النصاب في بعض الجامعات.

وفيما يخص الألتراس وجماهير كرة القدم سعى النظام لتفكيك روابط الألتراس، والسيطرة على الجماهير داخل الملاعب، فشنت حملة اعتقال لقيادات ألتراس (أهلاوي و وايت نايتس الخاصة بجماهير نادي الزمالك)، مما دفع الرابطتين إلى إعلان حل الرابطتين إلى أجل غير مسمى ، لكن على غير المتوقع ظهرت رابطة ألتراس أهلاوي في عدة مناسبات رغم إعلانها حل نفسها، ومن بين تلك المناسبات إحياء ذكرى شهداء بورسعيد، و أزمة الأهلي مع تركي الشيخ.

وخلال العام حاول النظام استبدال الألتراس بجماهير غير منظمة خلال البطولة الإفريقية التي كانت تستضيفها مصر يونيو الماضي عبر زيادة أسعار التذاكر بشكل مبالغ فيه، وتشديد الاستنفار الأمني داخل الملاعب، حتى تخرج البطولة بأفضل صورة. ولكن فوجئ النظام بهتاف الجماهير لشهداء استاد الدفاع الجوي ومجزرة بورسعيد، بالإضافة إلى الهتاف للاعب الكرة السابق “محمد أبو تريكة”، الذي  كان يتعرض لحملات تشويه إعلامية آنذاك.

وفيما يخص مواقع التواصل الاجتماعي، اتسم العام بتفاعل وتأثير فعال ومختلف عن سابقيه، فتميز بتفاعلات وحملات أحدثت صدى وتحركات ميدانية، وقد حقق التفاعل الغير مسبوق مع مقاطع الفيديو ودعوات التظاهر التي أطلقها المقاول محمد علي ملايين الشاهدات خلال شهر سبتمبر الماضي. كما حدث تفاعل ضخم غير مسبوق سواء داخل مصر أو خارجها مع وفاة الرئيس السابق محمد مرسي، بالتزامن مع دعوات الهتاف لـ (أبو تريكة) خلال مباريات البطولة الإفريقية يونيو الماضي. علاوة على حملة “اطمن انت مش لوحدك”، التي أطلقتها قناة الشرق “المعارضة” عقب حالة الغضب التي سببتها حادثة القطار، ثم حملة “باطل”، التي أطلقتها المعارضة بالخارج لجمع توقيعات ضد التعديلات الدستورية، والتي استطاعت جمع 700 ألف توقيع خلال شهر. وعلى الصعيد الشعبي اُطلقت حملة “خليها تصدي” في سياق رفض زيادة أسعار السيارات بشكل مبالغ فيه.

أولًا: إحصائيات

  1. إحصائيات حول الاحتجاجات
ملخص الاحتجاجات و الفعاليات

بمقارنة عدد الفعاليات والاعتداءات شهريًا يُلاحَظ الآتي : نجد أن نسبة الاعتداءات خلال سبتمبر وصلت إلى 46% من عدد الاحتجاجات وخلال شهر فبراير 35%، وهما الشهران اللذان خرج خلالهما تظاهرات معارضة للنظام ومطالبة برحيله، بينما كانت النسبة خلال شهر مايو 31% من عدد الاحتجاجات وهو الشهر الأعلى في الاحتجاجات ولكن لم تكن موجهة للنظام بشكل مباشر.

** يشرح المخطط توزيع الاحتجاجات على مستوي الجمهورية، احتلت القاهرة الصدراة  ب 42 احتجاجًا بنسبة 26% من إجمالي عدد الاحتجاجات خلال العام، بينما بلغ عدد الاحتجاجات في محافظة الجيزة 17 احتجاجًا بنسبة 10.5%، وبمحافظة الإسكندرية 14 احتجاجًا بنسبة 8.69%، بينما بلغ العدد بمحافظة الدقهلية 12 احتجاجًا بنسبة 7.45% ، بينما وصلت الاحتجاجات بمحافظة الإسماعلية  إلى 8 احتجاجات بنسبة 4.9%، وبمحافظة 6 أكتوبر 6 احتجاجات بنسبة 3.72%، و5 احتجاجات بنسبة 3% في كل من محافظات الفيوم والبحيرة و القليوبية و الأقصر و الغربية والمنوفية، و4 احتجاجات بنسبة 2.4% في كل من محافظات بني سويف و السويس و دمياط وحلوان، وفي محافظة الشرقية 3 احتجاجات بنسبة 1.86%، واحتجاجين بنسبة 1.24% في كل من محافظات سوهاج و أسوان والمنيا وقنا وبورسعيد، واحتجاج واحد في كل من محافظات الغردقة و مرسى مطروح و الوادي الجديد.

** يشرح هذا المخطط تزايد وتناقص الاحتجاجات على مدار عام 2019، حيث ارتفعت في شهر فبراير، وهو الشهر الذي شهد انفجار قطار رمسيس، و إعدام شباب منتمين لجماعة الإخوان المسلمين، والحديث عن التعديلات الدستورية، حيث شهد خروج احتجاجات شعبية غير مؤدلجة معارضة للسيسي والنظام بشكل مباشر. وشهد منحنى الاحتجاجات ارتفاعًا مرة أخرى خلال شهر مايو، والذي شهد احتجاجات واسعة من قبل طلاب المرحلة الثانوية، ثم تلى ذلك ارتفاع آخر في شهر سبتمبر بسبب خروج تظاهرات واسعة معارضة للنظام، والتي دعى لها المقاول محمد علي.

** يشرح هذا المخطط نوعية المشاركين في الاحتجاجات خلال عام 2019، حيث تصدرت الاحتجاجات الجماهيرية بنسبة 47.2% بعدد 76 احتجاجًا من إجمالي 161 احتجاجا خلال العام، بينما جاء في المرتبة الثانية الاحتجاجات العُمالية بنسبة 19.8% بعدد 32 احتجاجا، أما في المرتبة الثالثة جاءت الاحتجاجات الطلابية بنسبة 16.7% بعدد 27 احتجاجا، وفي المرتبة الرابعة الاحتجاجات النقابية بنسبة 8.69% بعدد 14 احتجاجا، وفي المرتبة الخامسة الاحتجاجات المهنية بنسبة 7.45% بعدد 12 احتجاجًا.

** يُبين هذا المخطط النسبة المئوية لأهداف الاحتجاجات بالنسبة لإجمالي عددها التي وصلت إلى 161 احتجاجا، حيث تنوعت الأهداف بين احتجاجات ضد النظام، واحتجاجات ضد التهجير القسري، علاوة على أهداف معيشية واقتصادية، وأخرى معترضة على نظام الثانوية العامة الجديد، جاء في المرتبة الأولى الاحتجاجات المطالبة برفع الرواتب بواقع 44 احتجاجًا ، وجاء في المرتبة الثانية الاحتجاجات ضد النظام و ممارسات وزارة الداخلية بواقع 43 احتجاجًا ، ثم الاحتجاجات الرافضة للتهجيرو الرافضة لتطبيق نظام الثانوية العامة، و الاحتجاجات ذات الأهداف المعيشية بواقع 22،23،24 احتجاجًا بالترتيب

** يشرح المخطط طبيعة الأعداد المشاركة في الاحتجاجات بالنسبة لدوافع الاحتجاجات، حيث صنفنا أعداد المشاركين إلي ثلاث فئات (عشرات،مئات،الاف)، بلغت أعداد الاحتجاجات المصنف عدد المشاركين بها بالعشرات إلى 118 احتجاجا، بينما وصل عدد الاحتجاجات التي صُنِّف عدد المشاركين بها بالمئات إلى 34 احتجاجا، فيما كان عدد الاحتجاجات التي شارك بها آلاف 9 احتجاجات على مدار العام، ومن المخطط تبين أن الاحتجاجات المطالبة برفع الرواتب والمستحقات بلغت 44 احتجاجا منها 32 صُنف عدد المشاركين فيها بالعشرات، و 9 احتجاجات بالمئات، و 3 احتجاجات بالآلاف، بينما كانت الاحتجاجات ضد النظام و ممارسات وزارة الداخلية 43 احتجاجا منها 24 صنف عدد المشاركين بها بالعشرات، و 14 احتجاجا بالمئات، و5 احتجاجات بالاف، فيما بلغت الاحتجاجات الرافضة للتهجير القسري 24 احتجاجا منها 19 صُنف عدد المشاركين فيها بالعشرات،و 5 احتجاجات بالمئات، بينما بلغت الاحتجاجات المعارضة لتطبيق نظام الثانوية العامة الجديد إلى 23 احتجاجا، بلغت الاحتجاجات التي صنف عدد المشاركين بها بالعشرات إلي 20 احتجاجا، و3 احتجاجات بالمئات، وفيما يخص الاحتجاجات ذات الدوافع المعيشية والخدمية التي بلغت 22 احتجاجا ، بلغت الاحتجاجات التي صُنف عدد المشاركين بها بالعشرات إلى 19 احتجاجا ، و3 احتجاجات بالمئات.

** من المخطط يظهر أنه قد بلغت الاحتجاجات ذات الطابع الجماهيري 76 احتجاجًا، جاءت الاحتجاجات التي صنف عدد المشاركين خلالها بالعشرات ب53 احتجاجا ، و17 صُنِّفَ عدد المشاركين فيها بالمئات، و5 احتجاجات بالآلاف، فيما بلغت الاحتجاجات العُمالية 32 احتجاجًا، وصل عدد الاحتجاجات التي صُنفت بالعشرات إلى 20 احتجاجا، و9 احتجاجات بالمئات، و3 احتجاجات بالآلاف، وفيما يخص الطلاب فقد وصلت احتجاجاتهم خلال العام إلى 27 احتجاجًا، منها 23 صنف عدد المشاركين خلالها بالعشرات، و4 بالمئات، و بلغت احتجاجات النقابيين 14 احتجاجا ،منها 12 احتجاجا صنف عدد المشاركين خلالها بالعشرات، و2 بالمئات، بينما بلغت احتجاجات المهنيين 12 احتجاجا منها 10 احتجاجات صنف عدد المشاركين خلالها بالعشرات، و2 بالمئات، وفي فبراير ظهر أعضاء ألتراس أهلاوي في إحياء ذكري شهداء بورسعيد تجاوز عددهم 15 ألف فرد.

  • إحصائيات حول تعامل قوات الشرطة مع المواطنين

**يشرح هذا المخطط تزايد وتناقص اعتداءات الداخلية ضد المتظاهرين خلال عام 2019، فكان شهر سبتمبر الأكثر في عدد الاعتداءات والذي شهد احتجاجات واسعة مطالبة بإسقاط السيسي فكان عدد الاعتدادءات 12 اعتداءً ،بينما كانت الاعتداءات خلال شهر مايو 10 اعتداءات، و7 اعتداءات خلال شهر فبراير، و3 اعتداءات في كل من يناير وأكتوبر، واعتداءين في مارس و نوفمبر و ديسمبر، واعتداء واحد في إبريل و يوليو وأغسطس.

** يشرح هذا المخطط طريقة اعتداء الداخلية على المتظاهرين بالنسبة لإجمالي عدد الاعتداءات على الاحتجاجات خلال النصف الأول من العام والذي وصل إلى 46 حالة اعتداء، وجاء في المرتبة الأولى الضرب و الاعتقال بواقع ممارسة الاعتداء خلال 27 احتجاجًا ، بينما كانت الاشتباكات والطرد من أماكن الاحتجاج في المرتبة الثانية  بواقع 5 حالات لكل منهما ، وجاء التهديد بالاعتقال و الفض في المرتبة الثالثة بواقع 3 حالات، وأخيراً الدهس والقتل بواقع مرة واحدة لكل منهما.

ثانيًا :  الاحتجاجات

  1. احتجاجات مطالبة بزيادة الرواتب، والمستحقات المتأخرة (العلاوات، البدالات، …)، و تثبيت العقود

كانت الاحتجاجات المطالبة برفع الرواتب والمستحقات هي الأعلى خلال العام بأربعة وأربعين احتجاجًا ، شاركت فيها فئات متنوعة بين عمال ومعنيين وجماهير، حيث عانى النظام على مدار العام من الاحتجاجات العمالية التي وصلت إلى 32 حالة احتجاج بنسبة 19.8% من إجمالي عدد الاحتجاجات خلال العام، والتي تنوعت مطالبها بين تحسين الرواتب، وزيادة العلاوات والبدالات، وتثبيت العقود، وتحسين ظروف العمل، وكذلك المطالبة بإقالة المديرين المتعنتين.

واستجاب النظام لهذه المطالب أحيانًا وهو ما ظهر عقب تظاهرات 20 سبتمبر التي دعى لها محمد علي حيث تدخلت وزارة القوى العاملة لحل أزمات العمال المحتجين في جميع المصانع التي احتجوا فيها، بينما كان التعامل قبل ذلك يتميز بالتعنت في الأغلب، و تدخل الشرطة أحيانًا، إذ اعتدت قوات الداخلية على 8 احتجاجات عمالية أي 25% من عدد الاحتجاجات العمالية خلال العام، ولم يكن ذلك رد الفعل الوحيد ولكن خلال احتفالية عيد العمال يوم 30 إبريل وخلال خطاب السيسي طالب العمال بوقف الاحتجاجات وعدم تعطيل العمل، وخلال الكلمة قاطعَهُ العمال عدة مرات وحدثت نقاشات أثارت غضب السيسي وانفعاله، علاوة على تراجع كامل الوزير عن إلغاء تصريح السفر المجاني لعمال هيئة السكة الحديد بسبب تهديد العمال بالاحتجاج خلال شهر يونيو.

وتنوعت أدوات الاحتجاج خلال العام بين التظاهر، والإضراب، والاعتصام، حيث وصلت عدد التظاهرات إلى 17 تظاهرة (53% من عدد الاحتجاجات العمالية)، بينما كانت الإضرابات 12 إضرابًا (37.5%)، وجاءت الاعتصامات في المرتبة الأخيرة بـ 3 اعتصامات (9.3%).

فيما تباينت القطاعات الصناعية المشاركة في الاحتجاجات فكانت الصدارة لقطاع الغزل النسيج بواقع 8 احتجاجات (25% من إجمالي الاحتجاجات العمالية)، وفي المرتبة الثانية قطاع الأدوية بواقع 5 احتجاجات (15.6%)، لم تكن الاحتجاجات العمالية في القطاع الحكومي فقط ، بل شملت القطاع الخاص أيضًا، وصل عدد الاحتجاجات في القطاع الحكومي إلى 24 احتجاج (75%)، بينما وصلت الاحتجاجات في القطاع الخاص إلى 8 احتجاجات(25%).

أما على صعيد الاحتجاجات المهنية المطالبة برفع الرواتب، وخلال العام تكررت احتجاجات معلمي العقود المؤقتة، مطالبين بأحقيتهم في تثبيت عقودهم بواقع 5 حالات احتجاج خلال العام أمام وزارة التربية والتعليم ومجلس الوزراء، بينما طالب العاملين بماسبيرو بمستحقاتهم المتأخرة خلال شهر يونيو، بالإضافة إلى مطالبين العاملين بالبنك الزراعي ، بالإضافة إلى خمس شركات أخرى خاصة أي 41% من الاحتاجاجات المهنية والتي بلغت 12 احتجاجا أي 7.4% من إجمالي عدد الاحتجاجات خلال العام.

  • احتجاجات ذات دوافع خدمية وحقوق معيشية

خرجت احتجاجات مطالبة بحقوق معيشية وخدمات مستحقة من الحكومة أو من إدارات خاصة والتي بلغت 22 احتجاج أي قرابة 14% من إجمالي الاحتجاجات خلال العام، كان أبرزها المطالبة ببناء كباري  مثل : احتجاج طلاب جامعة 6 إكتوبر مطالبين الإدارة ببناء كوبري مشاة أمام الجامعة للحفاظ على أرواح الطلبة، و مطالب بتعديل مسارات طرق لحماية أرواح المواطنين مثل : احتجاج أهالي قرية وصيف بالغربية مطالبين المحافظة بتعديل مسار الطريق المؤدي لمدخل القرية. علاوة على مطالب أخرى باسترداد أموال وحقوق أو الحصول على خدمات مستحقة مثل : احتجاجات لملاك السيارات المرسيدس مطالبين الشركة باسترداد أموال عبر وقفات احتجاجية أمام مقر الشركة، بالإضافة إلى احتجاج أعضاء نادي وادي دجلة، ونادي بلاتينوم في التجمع الخامس على قرارات إدارية و خدمات داخل النادي لا تضاهي المبالغ التي دُفعت في الاشتراكات للحصول على عضوية، علاوة على سكان مدينة أوراسكوم بـ 6أكتوبر الذين خرجوا في وقفة احتجاجية معترضين على بناء أبراج تابعة لرجل الأعمال نجيب ساويرس والتي تُقلص المساحات الخضراء في الحي السكني الثاني. توضح تلك الاحتجاجات المعاناة التي يشعر بها العديد من الطبقات الاجتماعية وانحدار مستوى الخدمات المعيشية لمختلف فئات المجتمع المصري، لم تقف عند الطبقات المتوسطة والفقيرة، بل ظهرت الطبقات فوق المتوسطة والغنية في 7 مناسبات خلال العام.

  • احتجاجات مطالبة بإسقاط النظام، ورافضة لممارسات وزارة الداخلية

بلغت الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام متمثلًا فى رئيسه عبدالفتاح السيسي إلى43 احتجاجا أي 26% من إجمالي الاحتجاجات خلال العام، فكان الحدث الأبرز والأوسع انتشارًا بين قطاعات الشعب المختلفة والغير مؤدلجة هي احتجاجات 20 سبتمبر التي دعى لها المقاول محمد علي، واستجاب لها آلاف المواطنين في العديد من المحافظات و أحياء مصر والميادين ذات الرمزية الثورية مثل ميدان التحرير بالعاصمة، وشارع الأربعين بالسويس، والقائد إبراهيم بالإسكندرية، وفى سياق آخر خرج أهالي قرية العدوة خلال يونيو الماضي عقب وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي رافعين صوره ومطالبين بإسقاط النظام، وأقاموا صلاة الغائب عليه في أحد مساجد القرية. وسبق ذلك خروج الجماهير لأول مرة معارضين النظام ومطالبين بإسقاطه وخلال الربع الأول من العام في فبراير عقب حادثة قطار رمسيس، فكان المناخ العام آنذاك معارضًا للنظام، نتيجة أحداث متتالية أثرت على المجتمع منها انفجار القطار، وإعدام شباب قضية النائب العام والحديث عن التعديلات الدستورية، فخرجت الجماهير بشكل عفوي دون ترتيب مطالبين بإسقاط النظام.

وغلب على الاحتجاجات المطالبة بإسقاط السيسي الطابع الجماهيري أي من مختلف فئات المجتمع،بينما كانت الاحتجاجات الرافضة لممارسة قوات الشرطة متمركزة بين النقابات والطلاب، بالإضافة لاحتجاجات المحامين التي وصلت إلى 5 حالات احتجاج خلال العام معترضين على التعامل السيء تجاههم من قبل ضباط الشرطة، ولقيت مطالبهم تجاوبًا من وزارة الداخلية إذ تم التحقيق وإيقاف بعض الضباط وأمناء الشرطة في عدة وقائع، علاوة على دعم نقيب المحامين “سامح عاشور” لهم مستغلًا ذلك لتخطي أزمته مع المحامين حول اللائحة الجديدة وميزانية النقابة، فيما احتج الصحفيون  خلال انتخابات التجديد النصفي للنقابة في يوليو الماضي مطالبين بحرية الصحافة والإفراج عن الصحفيين المعتقلين, فقد بلغت احتجاجات النقابيين المعارضة للنظام وممارسات وزارة الدخلية 42% من احتجاجات النقابيين والتي بلغت 14 احتجاجًا بنسبة 8.6% من إجمالي الاحتجاجات خلال العام . وفي السياق ذاته تظاهر طلاب جامعتي عين شمس و الجامعة البريطانية مطالبين بالإفراج عن زملائهم المعتقلين.

  • احتجاجات رافضه للتهجير القسري وحملات الإزالة

خلال عام 2019 شنت قوات الشرطة حملات موسعة على مستوى الجمهورية لإزالة التعديات على الأراضي والمباني والطرق تحت مسمى”حق الشعب”، ولكن دون وضع معايير أو بدائل للمتضررين أو أماكن عمل بديلة للباعة المتجولين أو المزارعين على أراضي مملوكة للدولة أو لأصحاب العقارات و المساكن قيد الإزالة، إذ يعمل النظام موجهًا مؤسساته بمبدأ “نفِّذ الأمر ثم تظلَّم بعدها”، وفي حال توفير مساكن للأهالي المتضررين تكون غير مساوية للمسكن الأصلي و في مناطق نائية ولا يحصل عليها الجميع وهو عكس ما تنص عليه مفوضية  الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول مواصفات السكن المناسب للمواطن .

ونصت إرشادات الأمم المتحدة حول مواصفات السكن على الآتي :[1]

  • أمن الحيازة القانوني : بصرف النظر عن نوع الحيازة، ينبغي أن ينعم جميع الأشخاص بدرجة من أمن الحيازة تكفل الحماية القانونية من الإخلاء القسري والمضايقة والتهديدات الأخرى .
  • القدرة على تحمل التكاليف:  ينبغي ألا تنطوي التكاليف الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن على تهديد تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها .
  • الصلاحية للسكن: ينبغي أن يوفر السكن اللائق عناصر مثل الحيز الكافي والحماية من البرد والرطوبة والحرارة والمطر والريح وغير ذلك من المخاطر التي تهدد الصحة والمخاطر الهيكلية ونواقل الأمراض.
  • توافر الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية : يكون السكن غير لائق إذا لم تتوافر لشاغليه مياه الشرب المأمونة، وخدمات التصحاح الملائمة، والطاقة اللازمة للطهي والتدفئة والإضاءة، ومرافق الصرف الصحي والاغتسال، ووسائل تخزين الأغذية، وتصريف النفايات، الخ .
  • تيسر تلبية الاحتياجات  : يكون السكن غير لائق إذا لم تؤخذ في الحسبان الاحتياجات المحددة للفئات المحرومة والمهمشة (مثل الفقراء، والأشخاص الذين يواجهون تمييزاً، والأشخاص ذوي الإعاقة، وضحايا الكوارث الطبيعية) .
  • الموقع : السكن اللائق يجب أن يكون في موقع يتيح إمكانية الاستفادة من خيارات العمل وخدمات الرعاية الصحية والمدارس ومراكز رعاية الطفل وغير ذلك من المرافق الاجتماعية وألا يكون مبنيًا في موقع ملوث أو في موقع قريب جدًا من مصادر تلوث .
  • الملاءمة من الناحية الثقافية  : ينبغي أن يتسم السكن اللائق باحترام ومراعاة التعبير عن الهوية الثقافية وأساليب الحياة.

احتجاجات رافضة للتهجير القسري

على مدار العام لم يراعِ النظام حقوق المواطنين خلال عمليات الإزالة وهو مانتج عنه تشريد العديد من العائلات، بالإضافة إلى التعدي على ممتلكات خاصة لم يستوثق النظام من أوراق ملكيتها قبل إتمام عمليات الإزالة والتهجير، وهو ما نتج عنه مواجهات بين النظام و فئات الشعب الرافضة للتهجير القسري من منازلها وأماكن عملها.

ووصلت عدد الاحتجاجات الرافضة للتهجير القسري خلال العام إلى 24 حالة احتجاج تطور بعضها إلى اشتباك مع قوات الشرطة المتواجدة خلال حملة الإزالة، وعلى مدار العام استمر أهالي جزيرة الوراق في الاحتجاج معترضين على تهجيرهم من منازلهم ومنع قوات الداخلية فوصلت احتجاجاتهم وإيقافهم لحملات الإزالة إلى 8 حالات أي قرابة 34% من إجمالي الاحتجاجات الرافضة للتهجير القسري، بينما شهد بداية العام اشتباكات بين قوات الداخلية وأهالي نزلة السمان الرافضين لتهجيرهم من منازلهم ومحلاتهم، فارتفعت الهتافات التي يمكن تصنيفها بالثورية وقد صادفت احتجاجاتهم اقتراب الذكرى السنوية لثورة 25 يناير وخلال الشهر ذاته كان لأهالي الدلتا تواجدًا ملحوظًا فاحتجَّت 34 عائلة من أهالي دمياط أمام ديوان المحافظة معترضين على عدم توفير منازل بديلة لهم وتشريدهم، ولم تقتصر الاحتجاجات على الطبقات المتوسطة والفقيرة بل خرج مُلاك كبائن المنتزه بتظاهرة مطالبين فيها السيسي بالتدخل لحل أزمة الاستيلاء على كبائنهم من قِبل النظام، لم تقف احتجاجات يناير على ذلك فقط , فقد احتج أهالي بورسعيد و أسيوط على تهجيرهم أيضاً.

خلال العام استمر أهالي  جزيرة الوراق بالتظاهر، لكن شهد الصراع بين الأهالي والنظام بعض المنعطفات خلال العام، فأصبحت الهتافات و الآراء معارضة للسيسي على وجه الخصوص وللنظام بشكل عام، حيث شارك أهالي الجزيرة في حملة (اطمن أنت مش لوحدك) التي أطلقها الإعلامي معتز مطر، علاوة علي مشاركتهم في تظاهرات 20 سبتمبر التي دعى لها المقاول محمد علي، علاوة على الهتافات ضد النظام وممارسات وزارة الداخلية خلال التظاهرات .

وإجمالًا لماسبق شهدت وتيرة الاحتجاجات الرافضة للتهجير صعودًا وهبوطًا على مدار العام فكانت محدودةً في فبراير ومارس، وزادت في مايو والذي شهد اشتباكات بين فلاحين مزارع المحمودية بالبحيرة ،وأهالي حي السكاكيني بالشرابية القاهرة، وأهالي نجع أبو عصبة بالأقصر مع قوات الشرطة، وانخفضت في يونيو ويوليو وأغسطس مقتصره على أهالي الوراق ثم تصاعدت باشتباكات قوات الدخلية و أهالي عين الصيرة في سبتمبر قبيل تظاهرات 20سبتمبر، وجاء ختام العام بأزمة أهالي النوبة مع آل ساويرس المحتجين على تهجيرهم من منازلهم فشن عليهم النظام حملات اعتقال خلال شهر سبتمبر .

** يشرح المخطط عدد الاحتجاجات الرافضة للتهجير القسري بواقع 23 احتجاجًا  خلال العام بنسبة 14% من أصل 161 حالة احتجاج خلال العام .

التعامل الأمني خلال حملات الإزالة

اختلفت طبيعة التعامل الأمني مع حملات الإزالة والتهجير القسري خلال العام باختلاف الظرف الزماني والمكاني، لكن بشكل عام كانت حملات الإزالة مختلفة عن الأعوام السابقة فتواجدات قوات الداخلية، وفى بعض الأحيان تواجدت القوات الخاصة، علاوة على تواجد لقوات الجيش والشرطة العسكرية في بعض المناطق .

وواجهت قوات الشرطة تحديا خلال هذا العام وهو مواجهة مواطنين غير مؤدلجين مطالبين بحقوق اجتماعية، فاختلفت سياسة الداخلية فى التعامل معهم عن تعاملها مع احتجاجات المعارضين السياسيين على مدار الأعوام السابقة. وهذا ماعكسه عدم اعتداء قوات الشرطة على العديد من الاحتجاجات ولكن تعاملت الداخلية بعنف مما أدى إلى اشتباكات مع الأهالي خلال شهر يناير ومايو وسبتمبر وبمراجعة توقيت الاعتداءات على الأهالي كان لها علاقة بتوتر المناخ العام في البلاد، إذ أن اعتداءات يناير كانت قبيل الذكرى السنوية لثورة 25 يناير و اعتداءات سبتمبر كانت قبيل دعوات التظاهر التي أطلقها محمد علي في 20 سبتمبر، بيمنا صادفت اعتداءات مايو الاحتجاجات الواسعة التي قام بها طلاب المرحلة الثانوية المعترضة على نظام الثانوية العامة الجديد .

وعلى صعيد آخر شهدت جزيرة الوراق تعاملًا أمنيًا مختلفًا خلال العام فكانت البداية بمحاولة إرضاء الأهالي واستمالتهم بتطمينات ووعود بتعويضات مجزية وهو مارفضه الأهالي فقامت قوات الشرطة بمواجهتهم وهو ما لم ينجح، حيث استمرت احتجاجات الأهالي وتصديهم لحملات الإزالة، فقامت قوات الداخلية باعتقال الشخصيات المؤثرة في الجزيرة وتقديمهم للمحاكمة بتهم عديدة منها إثارة الشغب و تعطيل القانون والاعتداء على ضباطٍ في محاولة من النظام للتأثير على أهالي الجزيرة للقبول بالأمر الواقع وسرعة إخلاء الجزيرة .

** يوضح المخطط عدد الاعتداءات أثناء حملات الإزالة والاحتجاجات الرافضة للتهجير القسري، فوقعت 10 اعتداءات خلال العام بنسبة 22% من أصل 46 حالة اعتداء خلال العام ، و36 حالة اعتداء على باقي الاحتجاجات.

  • احتجاجات رافضة لتطبيق نظام الثانوية العامة

شهد هذا العام تصاعدًا في وتيرة الاحتجاجات الطلابية وتباينًا في أهدافها، فكانت غالبية الاحتجاجات الطلابية في الأعوام السابقة مقتصرة على معارضي انقلاب 3 يوليو، وشهد عام 2019 احتجاجات طلابية بلغت 27 احتجاجا أي 16.7% من إجمالي عدد الإحتجاجات، وتصدرت احتجاجات طلاب المرحلة الثانوية المعترضة على نظام الثانوية العامة الجديد حيث بلغت 23 احتجاجا، والتي بلغت ذروتها خلال شهر مايو بواقع 16 احتجاجا عمت أرجاء الجمهورية، وقامت قوات الشرطة باستخدام العنف  لفض بعض هذه الاحتجاجات حيث تم الاعتداء على 5 فعاليات لطلاب المرحلة الثانوية أي قرابة 28% من إجمالي عدد فعاليات الطلاب.

  • مطالب أخرى

خرجت احتجاجات متنوعة الأهداف بين اقتصادية واجتماعية وسياسية خلال العام، بالإضافة إلى حتاجاجات رافضة لقرارات إدارية مثل احتجاج أطباء وممرضي معهد القلب مرتين خلال شهر مارس على إقالة عميد معهد القلب”جمال شعبان” مطالبين بعودته مرة أخرى ، و احتجاج طلاب جامعة الأزهر فرع أسيوط نتيجة اختفاء طالبة في الجامعة وهو ما نتج عنه اعتداء قوات الشرطة عليهم والقبض على بعض الطلاب. بالإضافة إلى تحركات الألتراس وجماهير كرة القدم وهو جانب لا يمكن إغفاله لفاعليته خلال ثورة يناير وما تلاها من أحداث، بالإضافة إلى صراعهم الدائم مع قوات الشرطة منذ نشأة روابط الألتراس، حيث ينتهج النظام سياسة القضاء على كل من يملك قدرة تنظيمية وموارد مادية حتى لو كانت محدودة لما يمثله من خطر مستقبلي عليه.

الألتراس وجماهير كرة القدم

يحاول النظام المصري إعادة جماهير كرة القدم إلى الملاعب مرة أخرى، ولكن نظرًا لما عاناه النظام على مر الأعوام السابقة من أزمات عديدة مع روابط الألتراس خاصة ألتراس أهلاوي و زملكاوي، فقامت الشرطة بداية العام بحملات اعتقالات موسعة على مؤسسي وبعض الأعضاء النشطين في الرابطتين، وتَبِعَ ذلك حل الرابطتين لنفسيهما إلى أجل غير مسمي.

وعلى مدار العام اختفت بشكل شبه كامل رابطة ألتراس زملكاوي عن الساحة، فلم تظهر سوى عن طريق بعض البيانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بالإفراج عن المعتقلين، بينما تواجدت رابطة ألتراس أهلاوي في عدة مناسات كانت أولها إحياء ذكرى شهداء بورسعيد في فبراير الماضي، وأثناء أزمة الأهلي وتركي الشيخ تواجدت الرابطة في المدرجات عبر هتافاتها وتنظيمها للجماهير بدون رفع علم الرابطة، وفي نهاية العام خلال إحدى مباريات الأهلي الإفريقية اعترضت الجماهير على المعاملة السيئة التي يتعرضون لها أثناء الدخول والخروج من المدرجات، حيث يقوم النظام بإبعاد مباريات النادي الأهلي في البطولة الإفريقية للأندية التي يوجد بها جماهير في ستاد برج العرب ويتعمد إهانة الجمهور أثناء عملية الدخول والخروج .

بخلاف صراع النظام الحالي مع روابط الألتراس، فحاولوا في مناسبتين خلال العام إعادة الجماهير إلى الملاعب بوضع ضوابط للسيطرة على الجماهير والحد من خروجهم عن النص فقامت بعدة إجراءات وهي الاستنفار الأمني الشديد لمنع حدوث أي شغب وإحباط أي تظاهرة أو أي شئ يعكر سير البطولة، أما عملية دخول الجماهير للملاعب قام النظام  بعمل موقع تابع لاتحاد كرة القدم لشراء تذاكر المباريات، حيث يتوجب على من يريد حضور المباريات الحصول على بطاقة تسمى بطاقة المباريات، والتي يوجد بها بيانات الرقم القومي و الصورة الشخصية و رقم الهاتف . بالإضافة إلى ذلك قام النظام  بتسعير تذاكر المباريات، حيث تبدأ من 150 جنيه لمباريات المنتخب المصري كأقل سعر للتذكرة وتزداد أسعار التذاكر بشكل تصاعدي، حتى تصبح أقل تذكرة في مباريات نصف النهائي, والنهائي 500 جنيه، وبالنظر لتلك الأسعار ومقارنتها بالمستوى المعيشي في مصر الآن نجد أن تلك الأسعار لايقدر عليها سوى أبناء الطبقة المتوسطة أو الغنية ولا يقدر عليها من يسمون بجماهير “الدرجة الثالثة” وهي الفئة التي يخشى النظام المصري إحداثها لأي شغب خلال المباريات، علاوة على التفتيش الذاتي أثناء الدخول للمدرجات .

فطُبقت تلك الإجراءات خلال البطولة الإفريقة للمنتخب الأول خلال شهر يونيو والبطولة الإفريقية لمنتخب الشباب خلال شهر نوفمبر التي استضافتهما مصر خلال هذا العام، ولكن خلال البطولتين فشل النظام في السيطرة على الجماهير حيث هتفت الجماهير لشهداء الأهلي والزمالك وكذلك الهتاف لـ (محمد أبو تريكة) الذي كانت تُشن عليه حملة إعلامية آنذاك، وخلال بطولة الشباب هتفت الجماهير لفلسطين، حيث صادفت البطولة قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة.

ثالثًا: مواقع التواصل الاجتماعي

ثالثًا: مواقع التواصل الاجتماعي

شهد عام 2019 تفاعلًا كبيرًا على وسائل التواصل الاجتماعي اختلف عن الأعوام السابقة، فأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة تعبير افتراضية عن الرأي بدون تهديد أو قيود الاعتقال، ولكن تميزت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات أحدثت تحركات وردود أفعال ميدانية، كما لم يقتصر التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول معارضة النظام فحسب بل تنوعت الأهداف والقضايا محل الاهتمام، ولم يستطع النظام عبر فرض سطوته الأمنية على المصريين السيطرة علي الأمر بل اعترف في عدة مناسبات بفشله في الملف الإعلامي وفي السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويمكن تقسيم التفاعل خلال العام إلى ثلاث فترات رئيسة : الأولى خلال ماعرف بتظاهرات سبتمبر، أما الثانية خلال شهر يونيو التي شهدت وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي، والثالثة خلال الربع الأول من العام والذي شهد بداية الصعود المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي فكانت البداية بحادثة القطار في 27 فبراير 2019، شهد الشارع المصري حالة غضب غير مسبوقة، وكان أبرز ما يميزها هو دخول شرائح جديدة للاحتجاج على الوضع الراهن غير منتمية إلى التيار الإسلامي أو المدني ، وتزامن ذلك مع إعدام شباب قضية النائب العام و الحديث عن التعديلات الدستورية وما تلى ذلك من حملات معارضة للنظام .

أبرز القضايا التي شهدت تفاعلًا خلال العام

أولًا: محمد علي وتظاهرات سبتمبر

كان الحدث الأبرز و الأكثر تفاعلا خلال العام هو التفاعل مع مقاطع الفيديو التي نشرها المقاول محمد علي خلال شهر سبتمبر متحدثًا عن فساد السيسي وعائلته وداعيًا للتظاهر من أجل إسقاط النظام، لقيت مقاطع محمد علي رواجًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي فكانت حديث الساعة خلال النصف الثاني من سبتمبر، وحتى نصف أكتوبر، والتي كان لها تأثيرًا عبر احتجاجات عمت أرجاء الجمهورية آنذاك.

وتجاوزت مشاهدات أغلب مقاطع محمد علي حاجز المليون مشاهد، غير مئات الحسابات عبر فيس بوك وتويتر و يوتيوب وقنوات التلفاز التي تعيد نشر مقاطعه، بالإضافة إلى سيطرة الهاشتاجات المعارضة للسيسي على موقع التواصل الإجتماعي تويتر , ومحرك البحث جوجل وهو ما قابله النظام بمحاولة إحداث تفاعل مضاد، وإخراج عدد من الفنانين لمواجهته وهو ما لم ينجح، إذ لم يستطع أحد التشويش أو تشتيت الرأي العام بشكل عام، ومن الجدير بالذكر أن تلك الفترة شهدت الظهور الأول لوائل غنيم معارضًا محمد علي في دعوته.

ثانيًا : وفاة الدكتور محمد مرسي

عقب وفاة الدكتور محمد مرسي في 17 يوينو 2019  انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي حالة من الغضب والتعاطف حوله، بالإضافة إلى تداول الخبر بشكل واسع حول العالم لمدة يومين ، حيث أصبح وسم “محمد مرسي” هو الأكثر تداولًا على منصات التواصل الاجتماعي سواء في مصر أو على مستوي العالم، تخطى حجم المشاركات خلال هذين اليومين الـ 100 مليون مشاركة سواء بتغريدات أو تعليقات أو مقاطع فيديو ومشاهدات، والتي شاركت فيها عدد كبير من صفحات السوشيال ميديا والشخصيات ذات التأثير على مواقع التواصل الاجتماعي سواء بنقل الخبر أو بالترحم على الدكتور مرسي. وقامت العديد من الشخصيات بالمشاركة في حملة التعاطف والترحم على الدكتور مرسي على رأسهم اللاعب محمد أبو تريكة الذي غرد على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر تغريدة يترحم فيها على الدكتور مرسي، وهو ما أثار الإعلام المصري وبالأخص الإعلامي أحمد موسي الذي خصص جزء كاملًا في حلقة له لسب أبو تريكة، وترتب علي ذلك خروج حملات علي صفحات السوشيال ميديا الداعمة للنادي الأهلي تطلق دعوات للهتاف لأبوتريكة خلال مباريات البطولة الإفريقية، وأصبح وسم “إهتف لأبو تريكة” هو الأكثر تداولا في مصر على موقع التواصل الإجتماعي تويتر خلال يومي 19 و 20 يونيو . وأثناء المباريات قامت الجماهير بالهتاف لأبي تريكة في جميع مباريات منتخب مصر والمنتخبات العربية ، بالإضافة إلى شخصيات ذات تأثير دعمت الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي أمثال نجيب ساويرس وعلاء مبارك الذي تم منعه فيما بعد من حضور مباريات منتخب مصر والفنان محمد هنيدي الذي قام بمسح تغريدته الداعمة لأبو تريكة .

ثالثًا : حادثة انفجار قطار رمسيس

شهدت مواقع التواصل حراكًا مختلفا معارضًا للنظام عقب حادثة انفجار قطار رمسيس في 27 فبراير التي راح ضحيتها 21 مواطنا ، حيث تم نشر مقطع للسيسي يناقش خلاله وزير النقل المستقيل عن تكلفة تطوير منظومة القطارات، حيث تحدث خلاله السيسي عن إمكانية الاستفادة من تلك الأموال بوضعها في البنك وانتظار الفائدة السنوية لها، حصد هذا المقطع خلال يومي 27 و 28 فبراير ملايين المشاهدات، وكانت غالبية التعليقات استهجان لما قاله السيسي ،بالإضافة إلى الحديث عن مسؤليته المباشرة عن الحادث .

رابعًا : التفاعل مع إعدام شباب قضية النائب العام

عقب إعدام التسعة شباب في يوم 20 فبراير 2019، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حملات واسعة متعاطفة مع الشباب وذويهم، ويمكن إرجاع ذلك لعدة أسباب منها انتشار منشور على صفحة ابنة النائب العام “مروة” قبيل تنفيذ حكم الإعدام ، تحدثت خلاله عن أن الشباب الذين سوف يعدمون مظلومون، وفيما بعد تبين أن الحساب تعرض للاختراق واستطاعت مروة استعادة الحساب ونشر بيان تكذيب . علاوة على تداول  أخبار إعدام الشباب قبل تنفيذ الحكم بيومين، وهو ما عَجَّل صدور بيانات من منظمات حقوقية دولية تطالب بوقف حكم الإعدام.

في السياق ذاته انتشار حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن الشباب وتعرضهم للظلم، وحَصدَ فيديو قديم ل”محمود الأحمدي” أحد الشباب الذين نُفذ فيهم حكم الإعدام أكثر من ملايين المشاهدات في يومين ، حيث تحدث الأحمدي في الفيديو أن الاعترافات كانت نتيجة التعذيب الشديد ووجه كلامه للقاضي قائلًا “أديني صاعق وأخليك تعترف أنك قتلت السادات”. علاوة على انتشار أخبار الإعدامات بين الفئات فوق المتوسطة ماديًا، ويرجع ذلك لوجود “أحمد الدجوي” أحد الشباب الذين نُفذ فيهم حكم الإعدام الذي يسكن في مصر الجديدة وخريج مودرن أكاديمي “جامعة خاصة” ،حيث إن دوائره ومعارفه من تلك الشريحة المجتمعية.

خامسًا : حملة اطمن أنت مش لوحدك

أعلن الإعلامي معتز مطر يوم الاثنين 25 فبراير على قناة الشرق عن بدء حملة يوم الأربعاء 27 فبراير تحت هشتاج اطمن انت مش لوحدك ، حيث تصادف في هذا اليوم حادث القطار مما تسبب في تفاعل كبير مع حملته ،وكانت طبيعة الحملة  بأن يقوم أي مواطن بعمل صافرات في تمام الساعة العاشرة ونصف مساءً يوم 27 فبراير؛ وذلك لطمأنة المواطنين أنه يوجد الكثير من المعترضين على الأوضاع، لقيَت الحملة رواجًا كبيرًا في الشارع المصري، بالإضافة إلى صعود “هاشتاج” “اطمن انت مش لوحدك” في المرتبة الأولي من قائمة الأكثر تداولًا في مصر على موقع التواصل الإجتماعي تويتر، جدير بالذكر أن قناة الشرق وصل لها أكثر من 50 ألف فيديو لمواطنين يشاركون في الحملة .

واستمرت الحملة خلال شهر مارس، حيث تخطى “الهاشتاج” الخاص بالحملة أكثر من 200 ألف تغريدة وتفاعل عليه أكثر من 2 ميلون حساب  خلال شهر، بالإضافة إلى مشاركة الصفحة الرسمية لصفحة 6 إبريل في الحملة ومشاركة الدكتور عصام حجي، وكان أغلب المشاركين لا يظهر عليهم الطابع الإسلامي، وفي السياق ذاته شارك أهالي جزيرة الوراق في الحملة عبر تظاهرة ليلية داخل الجزيرة في أوائل شهر مارس .

علاوة على ذلك أصدر البنك المركزي تعلميات في 4 مارس 2019 بوقف استخدام أي عملات ورقية عليها كتابات، [2]وجاء ذلك عقب انتشار مقاطع فيديو لعملات ورقية مكتوب عليها عبارات معارضة للنظام وبالأخص ” # اطمن انت مش لوحدك”، وفي السياق ذاته انتشرت صورًا لعمالٍ تابعين لمحافظة الجيزة يقومون بطلاء جدران كتب عليها اطمن انت مش لوحدك في أحد شوارع منطقة الهرم.

سادسًا : التعديلات الدستورية

خلال التعديلات الدستورية التي أُقيمت في 22 و 23 إبريل تنوعت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي حول تلك التعديلات بين المعارضة و الدعوة للمقاطعة أو السخرية من أحداث خلال عملية الاستفتاء، حيث جاءت التفاعلات كالآتي:

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي عدة مقاطع فيديو لإجبار رجال أمن تابعين للداخلية مواطنين للذهاب إلى اللجان للإدلاء بأصواتهم، بالإضافة إلى مقاطع أخرى لعربات تابعة للقوات المسلحة تقوم بتوزيع مواد تموينية على المواطنين بجوار لجان الاستفتاء، بالإضافة إلى عربات أخرى عليها شعار حزب مستقبل وطن تقوم بنفس الشيء وهو ما رد عليه الحزب في بيان لاحق عقب انتشار تلك المقاطع، حيث قال المتحدث إن تلك المواد التموينية هي مساعدات للمواطنين لشهر رمضان وليس لها علاقة بالاستفتاء، ولكن الجدير بالاهتمام هو مشاركة المواطنين بتصوير تلك الوقائع بهواتفهم الشخصية سواء كانت إجبار وتهديد المواطنين للمشاركة في الاستفتاء أو توزيع مواد تموينية .

خلال يومي الاستفتاء على التعديلات الدستورية انتشرت عدة “هاشتاجات” على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن تصدَّر قائمة الأكثر تداولًا في مصر كل من :

  • مش نازلين
  • إنزل قول لأ
  • لا للتعديلات الدستورية
  • باطل

قبيل التعديلات الدستورية انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حملة ضد التعديلات الدستورية تُدعى “باطل”، حيث تدعو الحملة الموطنين لتعبئة استمارات إلكترونية في موقع على الإنترنت حول رأيهم في التعديلات الدستورية، قامت الحكومة بحجب الموقع الرسمي للحملة عشر مرات، ومن ثم قامت الحملة بجمع التوقعيات عبر “الفيس بوك” و “تيليجرام” .

سابعًا : حملة خليها تصدي

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في بداية يناير دعوات لمقاطعة شراء السيارات الجديدة، لحين الوصول إلى الأسعار العادلة، وبلغ عدد المتابعين للصفحة الرئيسية للحملة أكثر من مليون متابع  في عدة أيام ،بدأت تلك الحملة بعد قرار إلغاء الجمارك على السيارات القادمة من أوروبا ، ولكن استمرت أسعار السيارات في الارتفاع، أحدثت الحملة تفاعلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، علاوة على ذلك التأثير الملحوظ على حركة بيع السيارات، وهو ماتحدث عنه تجار السيارات من ضعف البيع، بالإضافة إلى تخوف التجار من شراء السيارات بسبب تلك الحملة ، وهو ما أحدث تكدس للسيارات المستوردة في الميناء .

تناول الإعلام المصري حلمة “خليها تصدي” بشكل إيجابي ، حيث قال عمرو أديب في برنامجه “الحكاية” إن تلك الحملة من الاستخدامات الجيدة لوسائل التواصل الاجتماعي ، وذكر أديب أن حركة بيع السيارات في السوق تكاد تكون قد توقفت بسبب تلك الحملة ،لم يكن عمرو أديب الوحيد في تناوله لحملة “خليها تصدي” بل تناولتها أغلب برامج “التوك شو” في مصر ، ويمكن فهم هذا التناول الإيجابي بأن الحملة لا تنال من النظام ولكن تتحدث عن التجار والموزعين والوكلاء فقط .

تعامل النظام مع مواقع التواصل الاجتماعي

خلال العام ومرورًا بالأحداث المتتالية التي أحدثت على مواقع التواصل الإجتماعي تفاعلا كبيرًا، أدرك النظام حجم الخطر الذي يواجه عدم قدرته على السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام، والإعلام المعارض في الخارج بشكل خاص، حيث اعترف النظام في عدة مناسبات بعدم قدرته على السيطرة على ماسماه الإشاعات و الأكذايب الإخوانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتناول الإعلام المؤيد للسيسي بشكل مستمر عبر شاشته ما يطلقون عليه أكاذيب إعلام الإخوان و الإشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي .

وفي السياق ذاته خُصِّصت فقرة خلال إحدى مؤتمرات الشباب  في منتصف سبتمبر الماضي عن الأكاذيب عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكيفية الكذب والتأثير على المواطنين عبر فبركات ومؤثرات، ويحاول النظام تقييد دور مواقع التواصل الاجتماعي وتقليل تأثيرها في المعارضة عبر عدة إجراءات كالآتي :

  • تخصيص فقرات في مؤتمرات الشباب تتناول مواقع التواصل الإجتماعي وما ينشر بها من سخريه في بعض الأحيان وهو ما يعني بالضرورة وجود فرق تابعة للرئاسة لمتابعة ما يدور في مواقع التواصل الإجتماعي.
  • قيام مجلس الوزارء بتخصيص صفحة للرد على الشائعات، ومواقع للرد على الشائعات مثل موقع “فالصو” الذي يديره الإعلامي خالد أبو بكر .
  • النيابة العامة تخصص إدارة لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي في نوفمبر الماضي .
  • الاستجابة السريعة لأي أزمة تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحلها لتحسين صورة النظام ما لم يمس الأمر النظام أو السيسي، وذلك عن طريق تعامل المؤسسات المعنية والمجالس المختصة بالحدث وهو ما ظهر في عدة مواقف خلال الربع الأخير من العام وجاءت كالآتي :
  • قامت وزارة الداخلية بالقبض على 6 متهمين بالتعدي بالضرب على شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة  في 24 أغسطس 2019 بقرية (كفر أبراش) بالشرقية عقب يومين من  تداول فيديو لهم أثار الغضب عبر مواقع التواصل .[3]
  • قوات الأمن تلقي القبض على شخص ضرب طفلًا بطريقة وحشية بقرية (بني حسن )بالشرقية في 25 أغسطس 2019  بعد تداول فيديو يظهر تعديه عليه إثر شجار مع نجله .
  • أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قرارًا بمنع ظهور الإعلامية ريهام سعيد لمدة عام وذلك على كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والإلكترونية وكذلك شبكة قنوات “الحياة” 25 أغسطس 2019 ، وجاء ذلك عقب ضغوط مواقع التواصل بعد تهكم ريهام سعيد على مرضى السمنة ووصفهم بأوصاف غير لائقة.[4]
  • عقب تداول أخبار اعتداء ضابط على معلمة تدعى “سها علي يوسف” أثناء عملها بإحدى لجان الثانوية العامة بالإسماعيلية لإجبارها على السماح بالغش ما أدى لسقوطها وعدم قدرتها على تحريك نصفها الأيسر ونقلها للمستشفى في 25 أغسطس، تقدمت وزارة التعليم بشكوى عاجلة للداخلية بشأن الواقعة ، ومن ثم قام “اللواء عادل الغضبان” محافظ بورسعيد بزيارة المعلمة في اليوم التالي بالمستشفى، وقامت الداخلية بفتح تحقيق في الواقعة .
  • تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع قرار وزارة الصحة بشطب مجموعتي صيدليات المغربي ورشدي من سجلات الصيادلة بوزارة الصحة والسكان نهائيًا، استنادًا إلى حكم محكمة استئناف القاهرة، وعلق المغردون أن النظام قام بشطب تلك السلاسل لصالح سلسلة صيدليات أخرى انتشرت في أغلب مناطق القاهرة تسمى “19011”، وتوقع البعض تبعية الصيدليات للجيش بهدف احتكار سوق الدواء[5]، عقب انتشار تلك الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي قامت قوات من الشرطة في 29 أإسطس 2019 بإغلاق وتشميع بعض فروع صيدليات 19011 في القاهرة الجديدة .[6]
  • تنظيف كورنيش إسكندرية  كاملًا من قِبل البلدية في سبتمبر الماضي  بعض انتشار صور ومقاطع فيديو لانتشار بقع زيت وشحم تمنع المواطنين من الجلوس على الكورنيش والجلوس على المطاعم التي تطل على البحر.
  • السيسي يستضيف الطفل الإفريقي الذي تعرض للتنمر في نوفمبر خلال فعاليات مؤتمر الشباب .

الخاتمة

إجمالًا لما سبق يمكن القول إن الوضع الاقتصادي والحالة المعيشية المتردية للمصريين من رفع للدعم و غلاء للأسعار، كانت ذات تأثير كبير على الشارع المصري وحالة الاحتجاج خلال العام ، فبلغت الاحتجاجات التي ترجع إلى دوافع ذات بعد اقتصادي بنسبة 37.5% من إجمالي عدد الاحتجاجات، وفيما يخص البعد الجغرافي بلغت الاحتجاجات في القاهرة والجيزة والإسكندرية قرابة 45 % من إجمالي عدد الاحتجاجات وهو ما يرجع لمدى أهمية تلك المحافظات ومدى تأثيرهم في الثورة المصرية، وخلال العام غاب البعد الأيدلوجي عن مشهد الاحتجاجات، بل تميز بتنوع الطبقات المشاركة في الاحتجاجات،فبلغت الاحتجاجات ذات الطابع الجماهيري 76 احتجاجًا أي 47% من إجمالي عدد الاحتجاجات، وبشكل عام يزداد حجم المعارضة للنظام في شرائح مختلفة من المصريين وهو ما ظهر  في عدة مناسبات خلال العام ميدانيًا، وبشكل دائم على مواقع التواصل الاجتماعي نتيجة لحالة الانسداد السياسي الذي تعيشه مصر في الوقت الراهن، علاوة على التأثير الملحوظ للإعلام المعارض على الشارع المصري، فيما قابل النظام حالة المعارضة بزيادة القبضة الأمنية على الشارع المصري وتعامل الشرطة بشدة خلال مواجهتها الاحتجاجات المعارضة للنظام، واستجابة بشكل إيجابي وفعال في القضايا المجتمعية التي لا تمس النظام على مواقع التواصل الاجتماعي.


الهامش

[1] لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التعليق العام رقم 4

[2] صدي البلد

[3] اليوم السابع

[4] اليوم السابع

[5] العربي الجديد

[6] الجزيرة

اضغط لتحميل الملف
مشاركات الكاتب