تشاد، وقود الحرب وفرص السلام

اضغط لتحميل الملف

تقع جمهورية تشاد في وسط القارة الإفریقیة، یحدها من الشمال لیبیا، ومن الغرب جمهوریة النیجر ونیجیریا، ومن الجنوب الغربي جمهوریة الكاميرون ومن الجنوب جمهوریة إفريقيا الوسطى، ومن الشرق السودان، وتبلغ مساحتها (1.284.000) كلم².

وتعد خامس دولة إفریقیة من حیث المساحة، ويبلغ عدد سكانها نحو 16 مليون نسمة، تستوطن بمساحتها الواسعة نحو 205 قبيلة، يتحدث أفرادها أكثر من 508 لهجات، ولغتين رسميتين هما؛ العربية والفرنسية، إذ تسكن مناطقها الجنوبية قبائل أغلبها من المسيحيين، أما في الشمال فتسكنها قبائل من المسلمين، وتفوق نسبة المسلمين 85% من عدد السكان.

وتعد تشاد أحد الدول الفاعلة في مواجهة الجماعات المتطرفة بمنطقة الساحل تحت الرعاية الفرنسية، حيث ظلت سنوات عديدة في مقدمة الدول الإفريقية التي تقاتل في مالي بجانب قوات حفظ السلام الأممية؛ بالمقابل ظل النظام الداخلي هشًّا تحت حكم عسكري ممتد.

وشهدت البلاد تحولات كبيرة خلال عامي 2021 -2022؛ على رأسها مقتل الرئيس ديبي واستيلاء نجله على السلطة، وما تبع ذلك من تظاهرات شعبية ضد توريث الحكم، وأخرى ضد الوجود الفرنسي في تشاد، وصولًا إلى السعي لعقد حوار ومصالحة الوطنية، يشارك في رسم ملامحها أطراف عسكرية وسياسية ومدنية أبرزها:

  • المجلس العسكري الانتقالي.
  • قوى المعارضة السياسية (ائتلاف وقت تما).
  • جماعات المعارضة المسلحة.

وتهدف هذه الورقة إلى تشخيص الواقع التشادي على المستوى العسكري والسياسي على امتداد مراحله السابقة منذ مقتل ديبي الأب في أثناء المواجهات مع المعارضة في التاسع عشر من أبريل 2021 واستيلاء نجله على السلطة في اليوم التالي، في محاولة لتقديم رؤية شاملة عن المكونات الفاعلة في المشهد الحالي، والعلاقة البينية بين الأطراف المختلفة، ومقتل الرئيس ديبي وتأثيره على العلاقات الخارجية لتشاد، ومناقشة البعد القبلي ومدى تأثيره على المشهد، وكذلك حركات المعارضة ومدى نفوذها وقدراتها.

أولًا: هيمنة البعد القبلي على السياسة التشادية:

أثبت التاريخ أن القبيلة هي كل شيء في تشاد سابقًا وحاضرًا، سعى الرئيس الأسبق حسين حبري وخلفه إدريس ديبي والحالي محمد كاكا، إلى التغلغل في المكونات القبلية، بهدف الاصطفاف حينًا، والتفرق أحيانًا بغية إغراق الشعب في المصالح القبلية الضيقة التي تطورت إلى الاقتتال مقابل الحفاظ على السلطة. حتى تعيينات شيوخ القبائل (شيف دي كانتون) تصدر من الحكومة.

باختصار؛ عندما حكم حبري تشاد تعاظم دور قبيلة التبو/القرعان، وفعل ما فعل من جرائم إنسانية بحق المكونات الأخرى التي اضطرت للهجرة إلى البلدان المجاورة. ثم في عهد ديبي تصاعد دور الزغاوة، وارتكبت مجازر بحق التبو، الأمر الذي أجبر الأخير معارضة نظام ديبي طيلة هده السنوات.

اُختير أعضاء المجلس العسكري الحاكم CMT، بِناءً على معيار القبيلة، كما وُزّعَت مقاعد المجلس الوطني الانتقال CNT على هذا الأساس، متجاهلًا عاملي الخبرة والكفاء ([1]).

من ناحية أخرى. بدأت الحياة الحزبية في تشاد مسيرتها وهي متأثرة بالولاء القبلي، وارتبطت سياساتها بالاتجاهات الشخصية للقائمين بأمرها؛ وهو ما أدى إلى افتقارها المشاركة الشعبية الفاعلة في الحياة السياسية. فالأحوال التي نشأت فيها الأحزاب على مرِّ التاريخ، هي: إما العلاقات الأسرية، وإما التركيبة القبلية، وإما الدين (فالشماليون مسلمون محافظون، والجنوبيون نصارى ووثنيون)، إضافة إلى عوامل خارجية أسهمت إسهامًا كبيرًا في حدوث الاضطراب، وعدم الاستقرار.

ومن الأسباب التي أدت إلى تحويل السياسة التشادية إلى صراع قبلي:

– المخاوف من هيمنة أي طرف على الآخر – سواءً من الشمال أم الجنوب، أو صراعات بين أبناء الإقليم الواحد من حيث قيادته ([2]).

–  أغلبية الأحزاب التشادية ترزح تحت تأثير هيمنة الرئيس الفرد، ومن ثَمَّ بقيت سياسات الحزب رهينة.

– الأمية وعدم الوعي السياسي؛ فمنذ استيلاء المجلس العسكري التشادي على السلطة، شهدت البلاد خمسة صراعات قبلية في خمسة أقاليم ومحافظات تشادية([3]).

لقراءة الدراسة كاملة، الرجاء الاطلاع على ملف الـPDF

اضغط لتحميل الملف