أزمة نبيل بركات مع شركة تاليس الفرنسية

تأجج صراع قضائي بداية من عام 2018  بين أحد كبار وكلاء شركات الأسلحة بالشرق الأوسط نبيل بركات، وبين شركة تاليس الفرنسية المختصة بالصناعات الدفاعية. وهو ما وضع بركات في دائرة الضوء بعد أن كان اسمه مجهولا على المستوى الإعلامي. وقبل التطرق إلى تفاصيل الخلاف بين الطرفين وأسبابه سنقدم تعريفا موجزا بشركة تاليس وشخصية بركات وأنشطته.

شركة تاليس الفرنسية

تعمل شركة تاليس في تقديم الخدمات في مجالات الدفاع والأمن والنقل والطيران، وتصميم وبناء الأنظمة الكهربائية. ولديها أنشطة في العديد من دول العالم. وتُعد من شركات الصناعات الدفاعية المعدودة – بجوار شركة ليوناردو الإيطالية ورايثون الأمريكية – التي يمكنها تركيب نظام (Mode5) المحدث على طائرات حلفاء الولايات المتحدة الأميركية. وهو أحدث نسخة من نظام (IFF) العسكري المختص بمراقبة الحركة الجوية، والذي يستخدمه الجيش الأميركي وحلفاؤه للتعرف على طائرات ومركبات بعضهم البعض (تمييز العدو من الصديق).

من هو نبيل بركات؟

نبيل بركات هو مواطن أمريكي من أصل أردني فلسطيني، وأحد وكلاء تاليس الرئيسيين سابقا في الخليج وبالأخص في الإمارات العربية المتحدة. وكذلك يرأس بركات شركتي وامار الدولية وأوريول كابيتال جروب. حيث تمتلك (وامار) التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها مكاتب في عمان وبغداد، وقد عملت وامار سابقا مع الخطوط الجوية التركية والكويتية والقطرية. ويمتد عمل شركات بركات من تقديم خدمات الطيران المدني والخدمات النفطية إلى بيع  معدات الأمن والمراقبة.

وقد أسس بركات وامار الدولية في عام 1983 بعد دراسته في جامعة أوريجون، ومعهد ماساتشوستس للتقنية MIT وجامعة كرانفيلد في المملكة المتحدة.  كما عمل بركات لصالح زبائن عسكريين أمريكيين ونال عقودا من البنتاجون في العراق وأفغانستان. كما عملت شركة وامار كمقاول من الباطن في الشرق الأوسط لشركة الكهرباء كوالكوم وأميتراك، بالإضافة إلى شركة الغاز “سيمبرا إنيرجي”. وتمتلك وامار أيضاً 9.3٪ من شركة الشرق الأوسط لمحركات الطائرات المحدودة (MEPC)، وهي شركة الصيانة المسئولة عن تسليم قطع الغيار والصيانة التشغيلية لمحركات القوات الجوية الملكية السعودية على طائرات إف-١٥ و تورنادو.

وكذلك دخل بركات عبر شركته المساهمة الخاصة أوريول كابيتال جروب، التي تأسست عام 2018 في مفاوضات مع تكتل أوكروبرونبروم حول استثمار 150 مليون دولار في مصنع خاركوف للطائرات لبناء طائرات أنتونوف 74. شركة أوريول التي يرأسها بركات، يدير عملياتها حسين موسوي المدير التنفيذي لمجموعة رواد الطيران، وهي شركة تستأجر طائرات شحن بشكل أساس في شرق إفريقيا، خاصة في الصومال لصالح وزارة الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة. وكذلك يتمتع بركات بعلاقات جيدة في فرنسا. حيث تجمعه صداقة مع برنار لوث، أحد أهم الأشخاص البارزين سابقا في وكالة ODAS، وهي الوكالة المسؤولة عن الصادرات العسكرية الفرنسية إلى المملكة العربية السعودية.

خلفيات الأزمة بين تاليس وبركات

مع تفعيل السلطات الفرنسية لقانون سابين ٢ الخاص بتعزيز مكافحة الفساد التجاري، والذي بدأ سريانه منذ يونيو 2017. تعرضت شركة تاليس لهجوم شرس حيث وُضعت في عام 2018 تحت سيطرة الوكالة الفرنسية لمكافحة الفساد (AFA). وهي وكالة مسؤولة عن ضمان التزام الشركات والسلطات المحلية بالامتثال للقانون الفرنسي لمكافحة الفساد (سابين 2). وتقوم وكالة مكافحة الفساد (AFA) حاليا بمراجعة المستندات الورقية الخاصة بتاليس، وتحقق مع مسؤولي التدقيق العاملين بها. وفي حال إذا ما وجدت وكالة (AFA) أن الشركة لم تقم بصورة كافية باتخاذ تدابير وقائية لمكافحة الفساد، فستفرض عندئذ عليها عقوبات. أما في حال العثور على أدلة على وجود فساد، فعندئذ سترفع وكالة (AFA) الأمر إلى هيئة الملاحقة المالية الفرنسية (PNF).

ونظرا لأن تاليس تملك شركات رئيسية تابعة لها في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وهما دولتان بهما سلطات قضائية متشددة يمكنها تحريك ترساناتها من أجهزة مكافحة الفساد إذا رأت أن النظام القانوني الفرنسي تعامل بسهولة كبيرة مع تاليس، فقد أطلقت تاليس برنامجا داخليا رئيسيا لتدريب موظفيها، وتقديم أدوات عمل تتعلق بمكافحة بالفساد، ومن ثم تخلت تاليس عن عدد من الوكلاء الخارجيين الذين عمل بعضهم لحسابها لسنوات عديدة. ومن بين هؤلاء نبيل بركات الذي قام بمقاضاة تاليس بحجة مخالفتها تعاقدها معه.

رد نبيل بركات على استبعاد تاليس له برفع دعوى أمام محكمة في كاليفورنيا في ديسمبر 2018 مطالبا بتعويض قدره 1.6 مليار دولار نظير مساعدته لتاليس وفروعها في الولايات المتحدة : تاليس أفيونيكس – وتاليس الولايات المتحدة الأمريكية، في إبرام صفقات مع شركة طيران الإمارات. حيث كان بركات هو المسئول في العقد عن تسليم “أنظمة الترفيه على متن الطائرات” لشركة الطيران الإماراتية.

تاليس من جهتها أوضحت أن ادعاءات  شركة وامار التي يرأسها بركات ليس لها أساس قانوني أو حقيقي. قائلة أنها منحت شركة وامار 3 سنوات للتوافق مع مجموعة من الالتزامات التعاقدية المتفق عليها لتصير مؤهلة للعمل كشريك صناعي رئيسي مع مجموعة تاليس، ووفقا للمجموعة الفرنسية فشل المتعهد في الوفاء بأي من هذه الالتزامات.

وصلت الدعوى القضائية التي رفعها بركات ضد تاليس في مارس 2019 إلى مفترق جديد، حيث أمر قاضي مقاطعة وسط كاليفورنيا ديفيد كارتر شركة وامار بالموافقة على عملية تحكيم مع شركة تاليس تمشيا مع شروط العقد الذي وقعه الطرفان في عام 2012. في حين تحاول تاليس حل الأزمة مع بركات نظرا لتقديمه طعنا يختص بعدم احترام تاليس لقواعد مكافحة الفساد مما يفتح  باباللسلطات الأمريكية للتدخل في القضية وفق قانون ريكو، وهو قانون أمريكي فيدرالي صدر عام ١٩٧٠يختص بمكافحة جرائم الابتزاز، ومعاقبة الأشخاص أو الكيانات التي تتورط في الحصول على منافع أو دخل مادي من الأنشطة التي تمارسها جماعات الجريمة المنظمة.

النزاع القانوني بين تاليس وبركات هو الذي سلط الضوء على ذلك الشخص الغامض، والذي يعد من بين نخبة رجال الأعمال والوسطاء العاملين في مجال الصفقات الدفاعية بالشرق الأوسط.

مشاركات الكاتب