الأمن القومي المصري
مع تطور أنماط الحكم في أوروبا من أنظمة سلطوية تقوم على حكم الفرد إلى أنظمة مؤسسية ترتبط بمفهوم الدولة، تبلورت الدولة القومية كوحدة أساسية في النظام الدولي، ومن ثم برز مفهوم الأمن القومي ضمن المفاهيم السياسية المستحدثة في القرن العشرين.
تعددت التنظيرات التي تتناول تعريف مفهوم الأمن القومي وخصائصه، ومحدداته الداخلية والخارجية، والفوارق بينه وبين المفاهيم الأخرى القريبة منه مثل المصلحة القومية والأمن الإقليمي.
تقدم هذه الورقة البحثية عرضا موجزا لبعض الجوانب النظرية المتعلقة بالأمن القومي، ثم تتطرق إلى التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري بشكل عام، ومِن ثَمَّ تدلف إلى لب الموضوع عبر سبر مفهوم الأمن القومي المصري من منظور السيسي. فمصر ارتدَّت بعد الانقلاب العسكري منتصف عام 2013 إلى وضع هجين يتسم بحكم فرد يمثل المؤسسة العسكرية، ويسخِّر أجهزة الدولة ومواردها لتأمين نظامه. وأصبح ما كان يُعد من ثوابت الأمن القومي المصري في العهود السابقة مثل عدم السماح لإسرائيل بتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي المصرية، أمرًا مقبولا، بل ويلقى الترحيب من نظام السيسي.
ونظرا لأن النظام المصري لا يتبنى وثيقة معلنة توضح استراتيجيته للأمن القومي مثلما تفعل العديد من الدول مثل أميركا وجنوب إفريقيا والبرازيل. فإن محاولة تحديد معالم الأمن القومي من منظور السيسي ستعتمد على تصريحات السيسي نفسه في هذا الشأن، وقراراته الجمهورية، فضلا عن سياسات نظامه على المستويين الداخلي والخارجي.
أولا: مقدمات نظرية خاصة بمفهوم الأمن القومي، والعوامل المؤثرة عليه، ومهدداته
أ- مفهوم الأمن القومي:
لا يوجد تعريف متفق عليه للأمن القومي. وتدور معظم التعريفات الخاصة بالأمن القومي حول ارتباطه بحماية الدولة من جميع الأخطار الداخلية والخارجية. ومن بين التعريفات الشاملة للأمن القومي تعريفه بأنه (القيم النظرية والسياسات والأهداف العملية المتعلقة بضمان وجود الدولة، وسلامة أركانها، وديمومة مقومات استمرارها وشروط استقرارها، وتلبية احتياجاتها، وتأمين مصالحها، وتحقيق أهدافها، وحمايتها من الأخطار القائمة والمحتملة داخليا وخارجيا مع مراعاة المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية)[1].
يضيق مفهوم الأمن القومي ويتسع حسب قوة الدولة ومدى انتشار مصالحها عبر أنحاء العالم. . فقد تَعتبِر الدول الكبرى ما يحدث من تطورات في قارات بعيدة عنها بمثابة أحداث مؤثرة على أمنها القومي. فمثلا اعتبرت أميركا أن اجتياح كوريا الشمالية لكوريا الجنوبية عام 1950 بمثابة تهديد شيوعي لنفوذها العالمي وأمنها القومي. وكذلك اعتبرت العديد من الدول الغربية أن سيطرة النظام العراقي بقيادة صدام حسين على الكويت عام 1990 بمثابة تهديد جدي لمنابع النفط الذي يمثل شريان الاقتصاد العالمي، ومن ثم اعتبرته خطرا على أمنها القومي.
ب-العوامل المؤثرة على الأمن القومي:
يرتبط الأمن القومي بعوامل متنوعة من أبرزها:
- العنصر الجيوبوليتكي: ويشمل موقع الدولة، وطبوغرافيتها.
- العنصر الديموجرافي: ويشمل السكان من حيث (النمو – الكثافة – التعليم – الصحة).
- العنصر السياسي: ويشمل السياسة الداخلية والخارجية للدولة.
- العنصر الاقتصادي: ويشمل الموارد، وحجم الديون، والناتج المحلي، ونسبة النمو، ونسبة البطالة، ومستوى التضخم، وتوزيع الدخل.
- العنصر العسكري: ويشمل حجم وتسليح وكفاءة القوات المسلحة[2].
ج- مهددات الأمن القومي:
تنقسم مهددات الأمن القومي إلى مهددات رئيسية وثانوية أو مهددات مباشرة أو غير مباشرة أو مهددات خارجية. وقد تكون المهددات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية أو بيئية[3].
ثانيًا: التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري[4]
توجد العديد من التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري عبر دوائره الثلاثة الداخلية والإقليمية والدولية. مع التنبيه إلى أن المنظور تجاه تلك التحديات يختلف من جهة إلى أخرى. فاندلاع ثورات تطالب بالحرية في إحدى دول الجوار الإقليمي قد ينظر له البعض باعتباره أمرا إيجابيًا وحراكًا شعبيًا محمودًا، بينما قد ينظر له آخرون باعتباره يمثل تهديدًا للاستقرار وزعزعةً للأمن الإقليمي. كما أن اعتقال المعارضين قد يُنظر له باعتباره انتهاك للحقوق والحريات بينما يَنظُر له آخرون باعتباره أمرًا ضروريا للحفاظ على تماسك النظام الحاكم واستقراره ولتأمين سلامة الجبهة الداخلية.
1-تحديات على المستوى الداخلي:
أ- تحديات اقتصادية:
يمثل الأداء الاقتصادي الضعيف أكبر تهديد لاستقرار مصر خلال السنوات القليلة القادمة وفقا لتقييم أَجرتهُ مجموعة الأزمات الدولية (ICG) في عام (2017)[5]. حيث تبلغ نسبة البطالة 31.3٪ بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما وفقا لمنظمة العمل الدولية[6]. كما يوجد تفاوت ضخم في توزيع الدخل، حيث حاز أغنى 1% من الشعب في عام 2014 ما بلغت نسبته 48.5% من الثروة مقارنةً بنسبة 32.3% في عام 2000. وهو ما يجعل مصر تحتل المرتبة الثامنة عالميًا من حيث سوء توزيع الثروة[7].
وكذلك أدى تبني الحكومة خططا للإصلاح الاقتصادي تعتمد على خفض الإنفاق العام عبر رفع الدعم الحكومي المقدم للمواطنين تدريجيا بنسب تصل إلى 100% في الوقود والغاز والكهرباء والمياه بالتوازي مع زيادة الضرائب، والاقتراض من صندوق النقد الدولي، وجمع الأموال من أسواق الديون الدولية، وتعويم سعر صرف العملة المحلية، إلى فقد الجنيه المصري لأكثر من نصف قيمته فضلا عن حدوث تضخم حاد في أسعار السلع الأساسية مما ألقى بأعباء متزايدة على كاهل الطبقة المتوسطة وما دونها. كما تراجع دخل قناة السويس رغم مشروع توسعتها الذي استنزف قرابة 8.5 مليار دولار[8]، والذي جرى تنفيذه لأهداف سياسية دون مراعاة الجدوى الاقتصادية المرجوة منه، وهو ما عبر عنه السيسي قائلا (عملناها في سنة كي نعطي الناس شعورا بالأمل)[9]. وكذلك يمثل توسع الجيش في المشاريع الاقتصادية عقبة أمام القطاع الخاص الذي لا يستطيع منافسة شركات القوات المسلحة سواء من حيث الامتيازات أو من حيث انخفاض تكاليف التشغيل.
ب- تحديات اجتماعية:
من أبرز التحديات الموجودة في هذا المحور، التحدي الديموغرافي المرتبط بتركيبة السكان، فعدد سكان مصر في عام 2020 ناهز 100 مليون شخصا تبلغ نسبة من هم تحت الثلاثين عاما منهم 60%، بينما تبلغ نسبة من هم تحت 14 عاما 33%. وهو ما يمثل ضغطا سكانيا كبيرا على مساحة 8% التي يتركز عليها السكان في الأراضي المصرية. وهذا جعل مصر تحتل المركز الرابع عشر عالميا على سلم الكثافة السكانية في حالة قسمة عدد السكان على مساحة الأراضي المأهولة[10].
وقد ترك هذا الوضع الديموغرافي تداعيات سلبية على قدرة الأجهزة الحكومية على الوفاء باحتياجات السكان الخدمية من قبيل الصرف الصحي، والرعاية الصحية، والتعليم، والسكن، فضلا عن تعرض الأراضي الزراعية الخصبة والصالحة للزراعة إلى ضغوط من أجل انتاج كميات متزايدة من الغذاء والحبوب، مما يفاقم من أزمة شح المياه. وكذلك يزداد الطلب على الوظائف في سوق العمل بمعدل يتجاوز قدرة القطاعين العام والخاص على الوفاء به.
أما التعليم فيعاني من التدهور، حيث يتناقص الانفاق الحكومي على البرامج التعليمية في ظل تضاعف عدد السكان. فوفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء انخفضت النسبة المئوية المخصصة من ميزانية الحكومة المصرية للتعليم ما قبل الجامعي من 11.9% إلى 7.4% خلال الفترة الممتدة من عام 2004 إلى عام 2017. وبالمثل فإن النسبة المئوية المخصصة لميزانية التعليم الجامعي انخفضت من 3.5% إلى 2.3%. وكذلك أظهر تقريرٌ صادر عن الأمم المتحدة عن الأهداف الإنمائية للألفية لعام 2015 أن 35% من الأطفال المصريين في المدرسة لا يعرفون كيفية القراءة أو الكتابة[11]. ويواكب ذلك زيادة أعداد الملتحقين بالتعليم الجامعي على حساب الملتحقين بالتعليم المهني والحرفي بالتوازي مع ندرة الوظائف مما أوجد مفارقة تتمثل في أن الشباب المصري الأكثر تعليما يكون عادة هو العاطل عن العمل.
أما على المستوى الصحي، فإن الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية العامة بلغ 2.15% فقط من الناتج القومي الإجمالي في عام 2014، وهو مستوى منخفض مقارنة بالمتوسط الإقليمي البالغ 3.12% والمتوسط العالمي الذي يبلغ حوالي (6%)[12]. ومن المسلم به أن تردي الوضع الصحي للمواطنين يترك أثرا سلبيا على القدرة الإنتاجية للدولة.
ج- تحديات سياسية وأمنية:
مع تنامي خشية نظام السيسي من تكرار نموذج ثورة 25 يناير، فقد حرص الجيش عقب استيلائه على الحكم منتصف عام 2013 على إعادة السيطرة على المجال العام عبر تأميم ساحة العمل السياسي، واعتقال الآلاف من الإسلاميين وغيرهم، واعتماد الحلول الأمنية لمواجهة أي بوادر للمعارضة. فضلا عن تدشين سلسلة من القوانين التي تقضي على حرية الصحافة والإعلام وتقوض عمل منظمات المجتمع المدني. وهو ما راكمَ حالة من الإحباط والعزوف عن العمل السياسي وسط الشباب. وهو ما عبر عن تداعياته المحتملة الباحث عادل عبد الغفار قائلا (إن الجمع بين الحرمان السياسي والافتقار إلى العدالة الاجتماعية والفرص الاقتصادية خلال فترة النمو السكاني المتفجر ما هو إلا قنبلة موقوتة)[13].
أما من الناحية الأمنية، فيقول “هنريك أوردال” من معهد أبحاث السلام في أوسلو (PRIO) إنه “عندما يشكل الشباب أكثر من 35٪ من السكان البالغين.. فإن خطر النزاع المسلح يكون أعلى بنسبة 150٪ مما هو عليه في معظم البلدان المتقدمة ذات البنية العمرية المماثلة”[14].
تلك الأوضاع دفعت بشرائح غير قليلة من الشباب إلى تبني خيار المواجهة المسلحة ضد نظام السيسي. وهو ما انعكس في حدوث عدد ضخم من العمليات المسلحة داخل مصر ضد النظام الحاكم أسفرت عن مقتل 1500 شرطيا وعسكريا، فضلا عن مقتل ما يزيد عن 7 آلاف مواطن على يد الجيش والشرطة فيما تسمى بعمليات مكافحة الإرهاب[15]. وكذلك حدث تنامي في نشاط التنظيمات الجهادية بسيناء. وسيتم التطرق إلى تلك القضايا بمزيد من التفصيل في الفقرات اللاحقة.
د- تحديات بيئية:
تتكون كتلة اليابس المصرية في الغالب من الصحراء، وتعتمد البلاد في وارداتها المائية بشكل كبير على نهر النيل بكمية تقدر بنحو 95 ٪. كما تنتج دلتا النيل الجزء الأكبر من الإنتاج الزراعي المحلي في مصر. وبشكل عام، يمثل القطاع الزراعي في مصر 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي، و34٪ من إجمالي الصادرات، ويوفر فرص عمل لـ 32٪ من إجمالي قوة العمل[16].
وفي ظل الأرقام السابقة تبرز خطورة تداعيات أزمة شح المياه في مصر، والتي تنتج عن عدد من العوامل من أبرزها: الزيادات السكانية التي تقلل الحصة المتاحة من المياه العذبة للفرد. والاستخدام غير الكفء للمياه في عملية الري مما يزيد من معدلات إهدار المياه. وزيادة كميات الصرف الصحي، والمخلفات الصناعية غير المعالجة والتي تؤدي إلى التدهور المستمر في جودة المياه[17]. وارتفاع درجات الحرارة مع قلة هطول الأمطار المتوقعة تبعا لآثار تغير المناخ، مما سيتطلب زيادة الري الزراعي.
وبالإضافة إلى ما سبق، يُتوقع أن تحدث تأثيرات سلبية منتظرة من سد النهضة الأثيوبي، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن إمدادات المياه قد تتراجع بسبب السد بنسبة 25٪. وهذا التراجع سيؤثر على إنتاج الكهرباء من مياه السد العالي، وعلى مجمل الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي[18].
وكذلك من المتوقع أن تتعرض مصر لتأثيرات تغير المناخ. والتي يتوقع أن تشمل الارتفاع في درجات الحرارة، والتغير في أنماط المطر، وارتفاع مستويات البحر ما سيولد تهديدات خطيرة وبالأخص على القطاع الزراعي في دلتا النيل. حيث يُتوقع أن يسفر ذلك عن انخفاض الإنتاج الزراعي والغذائي مما سيؤثر سلبيا على معدلات الفقر ويدفع لمزيد من الاضطراب الاجتماعي. وكذلك يتوقع أن يترك التغير المناخي تأثيراته على تدفق السياح.
أما من حيث التلوث، فوفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تُعد مصر وخاصة منطقة القاهرة الكبرى من أكثر المناطق تلوثًا على كوكب الأرض[19]. وكذلك أصبح نهر النيل أكثر تلوثًا على نحو متزايد، مما أوجد مشاكل صحية للمصريين.
2-تحديات على المستوى الإقليمي:
توجد 4 محاور استراتيجية إقليمية تتماس مع الأمن القومي المصري بشكل مباشر، وسأكتفي هنا بذكرها، ثم أستفيضُ في شرحها لاحقا من منظور نظام السيسي. وتشمل تلك المحاور:
-المحور الشمالي: ويختص بالبحر الأبيض المتوسط. ولا توجد تحديات في هذا المحور تمثل إزعاجا سوى الخلافات مع تركيا واليونان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، وما يرتبط بذلك من عمليات استكشاف الغاز الطبيعي في المياه العميقة بالبحر المتوسط.
–المحور الغربي: ويختص بليبيا، وتطورات الأوضاع فيها، وانعكاسات ذلك على ظاهرة تهريب الأفراد والسلع والأسلحة والمخدرات بين البلدين.
–المحور الشرقي: ويختص بالبحر الأحمر وفلسطين والكيان الصهيوني. ومن أبرز التحديات فيه تأمين الملاحة في البحر الأحمر، وتنامي قوة إسرائيل، وأزمة حصار قطاع غزة، والصراع بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين، والمصالحة الوطنية بين حركتي فتح وحماس.
-المحور الجنوبي، ويختص بالسودان والقرن الأفريقي. وتشمل التحديات في ذلك المحور: الحفاظ على حصة مصر من مياه النيل، وتأمين المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وتنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وعمليات التهريب على الحدود بين مصر والسودان، والنزاع مع الخرطوم حول ملكية مثلث حلايب وشلاتين.
-تحديات إقليمية أخرى:
توجد العديد من القضايا الإقليمية التي تدخل ضمن دوائر الأمن القومي المصري، مثل انهيار المنظومة الإقليمية العربية عقب غزو العراق واندلاع ثورات الربيع العربي، والتدخلات الخارجية في الثورة السورية، والتمدد الإيراني في العديد من الدول العربية، واتساع نفوذ الحوثيين باليمن، وتهديدهم للملاحة في البحر الأحمر. والصراع حول السيطرة على موارد الطاقة وخطوط الملاحة البحرية في شرق أفريقيا والخليج العربي.
3- تحديات على المستوى الدولي:
من أبرز تلك التحديات، المشروع النووي الإيراني، والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول بحجة مراعاة حقوق الإنسان، وتداعيات التدخل العسكري الأجنبي في المحيط الإقليمي على توازن القوى بالمنطقة والاستقرار، وانتشار الجماعات المسلحة العابرة للحدود.
ثالثًا: تأسيس مجلس الأمن القومي
تنبثق سياسات السيسي الداخلية والخارجية من منظور الحرص على تماسك النظام. وسأتطرق أولا إلى جهود السيسي الخاصة بمأسسة مجلس يختص بالأمن القومي المصري في استلهام لتجربة الرئيس السابق السادات الذي استحدث منصب مستشار الرئيس للأمن القومي لأعوام محدودة حيث شغله محمد حافظ اسماعيل لمدة ثلاث سنوات فقط من سبتمبر 1971 إلى عام 1974. وقد عين السيسي مستشارة له لشئون الأمن القومي، وذلك وفقا للتسلسل الزمني التالي:
أ – عمل نظام السيسي على تخصيص مادة في دستور عام 2014 تنص على إنشاء مجلسًا للأمن القومي برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية كل من: رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والعدل والصحة والاتصالات والتعليم، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب. ويختص المجلس حسب الدستور بإقرار استراتيجيات تضمن تحقيق أمن البلاد، ومواجهة حالات الكوارث والأزمات بشتى أنواعها، واتخاذ ما يلزم لاحتوائها، وتحديد مصادر الأخطار على الأمن القومي المصري في الداخل والخارج، والإجراءات اللازمة للتصدي لها على المستويين الرسمي والشعبي[20].
ب – في 24 فبراير 2014 أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور قرارا جمهوريا بالقانون رقم 19 لعام 2014 والخاص بإنشاء مجلس الأمن القومي المذكور أعلاه بحيث ينعقد مرة كل ثلاثة شهور أو كلما دعت الضرورة. وأنه في حالة إعلان الحرب أو تعرض البلاد لكوارث أو أزمات يعتبر المجلس منعقدًا بصفة مستمرة. وبأن تكون مداولات المجلس سرية، وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، وعند التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس. وقد اختص المجلس حسب المادة الرابعة من قرار إنشائه بالمسائل التالية:
1- إقرار استراتيجيات تحقيق أمن البلاد بعد إعدادها بالاتفاق مع الجهات المعنية بالدولة.
2- إقرار الأهداف السياسية التخصصية في كافة المجالات لوزارات الدولة المختلفة.
3- إقرار خطط تنمية وتطوير مقدرات وإمكانيات القوى الشاملة للدولة المقدمة من الحكومة.
4- اتخاذ القرارات التي تهدف إلى حماية هوية الدولة وسيادتها واستقلالها ومكانتها الإقليمية والدولية.
5- استعراض تقارير الوزراء والمختصين بالدولة الخاصة بتحديد مصادر العدائيات والمخاطر والتهديدات.
6- مواجهة العدائيات الداخلية وحالات الكوارث والأزمات القومية بشتى أنواعها، واتخاذ ما يلزم لاحتوائها وإزالة آثارها.
7- توجيه السياسات الخارجية والتعاون الدولي في دوائر اهتمام الأمن القومي المصري.
8- أي مواضيع أخرى يرى رئيس الجمهورية عرضها على المجلس[21].
ج- أصدر السيسي في 6 نوفمبر 2014 قرارا بتعيين فايزة أبو النجا مستشارة لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي، وتعيين السفير خالد البقلي أمينا عاما لمجلس الأمن القومي. وكذلك أصدر السيسي في ديسمبر 2015 قرارا جمهوريا بتعديل وتنظيم الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي.
د- اجتمع مجلس الأمن القومي برئاسة السيسي لأول مرة في 16 نوفمبر 2015. وحسب بيان الاجتماع (فقد نوقشت فيه العديدُ من القضايا وعلى رأسها الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب على الصعيدين الداخلي والدولي. وجهود احتواء الشباب بما يحصنهم ضد أي أفكار مغلوطة وبما يحول دون استقطابهم من قِبَل الجماعات المتطرفة. كما ناقش الاجتماع تطورات الموقف بالنسبة لمشروع إنشاء المحطة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية في منطقة الضبعة، وعددًا من المشروعات القومية التي تنفذها الدولة في عدد من المجالات والقطاعات الحيوية من أجل تحقيق خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية)[22]. ويلاحظ من المواضيع التي ناقشها مجلس الأمن القومي أنها تتطابق مع رؤية السيسي بأن التحدي الأبرز الذي تواجهه مصر هو تحدٍ داخلي.
رابعًا: الأمن القومي في تصريحات السيسي
يرى السيسي أن مصر تواجه تحديات خطيرة ومتنوعة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية، إلا أنه يؤكد باستمرار على أن التحدي الأخطر الذي تواجهه مصر حاليا ليس تحديا خارجيا إنما هو تحدٍ داخليّ يتعلق بتماسك الدولة المصرية[23]، والحفاظ على بقائها[24]. وذلك باعتباره أن الدولة المصرية منذ ثورة يناير تتعرض لتهديد حقيقي. وفي هذا السياق يشدد السيسي على أنه يخوض حرب وجود للحفاظ على الدولة حتى لا تنهار مثل الدول الأخرى المجاورة[25]. ومن ثم خاطب عناصر القوات المسلحة قائلا (أنتم تحمون الدولة من الضياع)[26].
ويرى السيسي أنه يخوض معركتين مهمتين:
1- معركة ضد الإرهاب وقوى الشر (أي ضد الإسلاميين وخصومه السياسيين). مؤكدا أنه لا مكان للإرهاب وجماعاته وأفكاره وممارساته داخل مصر[27].
2- معركة البناء والتعمير والتنمية من أجل الحفاظ على الدولة من الانهيار (وهي المعركة التي يتبع فيها سياسات اقتصادية ليبرالية جديدة – نيوليبرالية – تقوم على عقيدة الصدمة بذريعة أن الاقتصاد المصري في حاجة إلى إصلاحات هيكلية تصل إلى جذور بنيته دون الاكتفاء بالقشور).
ومن خلال استعراض قرابة 140 خطابًا للسيسي ألقاها خلال الفترة الزمنية الممتدة من عام 2014 حتى مارس 2019 يمكن تحديد التحديات التالية التي يرى السيسي أنها تُجابِهُ الأمن القومي المصري:
أ-التحديات الداخلية:
1- الخوف من حدوث ثورة شعبية، وعدم تعاضد مؤسسات الدولة:
يحتل تخوف السيسي من حدوث احتقان شعبي وحراك جماهيري ضد نظامه ذروة المخاطر التي يخشى منها. وهو ما عبر عنه قائلا أن مواجهة التحديات الداخلية والخارجية أمر سهل مقارنة بخطر انقسام المصريين حسب تعبيره. وضرب أمثلة بالانقسام بين الشعب الشرطة عام 2011، وبين الجيش والشرطة في ذات العام، ثم محاولات الوقيعة بين الجيش والشعب بعد ذلك وفقا لكلامه[28]. وأضاف خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة المنعقدة في 28 إبريل 2018 (التحدي اللي موجود قدام مصر، هو تماسك الدولة المصرية.. إحنا، التحدي مش خارجي، التحدي مش خارجي، التحدي داخلي، إزاي تاكلوا بعضكوا.. إزاي تموتوا بعضكوا.. إزاي تكسروا بعضكوا.. اصحوا، وانتبهوا!).
وأكد خلال رده على تساؤلات المواطنين التي وُجِّهت إليه خلال مبادرة “اسأل الرئيس” في شهر يناير 2018 على أن هدفه خلال السنوات الأربعة الأولى من حكمه تمثل في تثبيت الدولة عبر امتصاص حالة الثورة، وحالة الحركة الزائدة التي تواجدت عند المصريين!! وأضاف غاضبا في يناير 2018 (ما حدث من سبع سنوات لن يتكرر مجددا في مصر)[29]. وكذلك تحدث في مارس 2019 أمام مؤتمر بعنوان “وادي النيل ممر للتكامل” قائلا (إن وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال، وحجم الاستهداف اللي ممكن يكون موجود للدولة الوطنية، هذه العناصر مع بعض بتمثل تحدي كبير جدًا مش على المستوى الأفريقي فقط، ولكن على المستوى العربي، وإحنا شايفين النتائج). كما طلب من الآباء أثناء الندوة التثقيفية للقوات المسلحة المنعقدة في 10 مارس 2019 توعية أبنائهم بخطورة العبث بأمن مصر، قائلا أن من كان عنده 8 سنوات أثناء ثورة يناير حاليا عنده 16 سنة، ولابد من توعيتهم.
2- تنامي خطر التنظيمات المسلحة وبالأخص في سيناء، وصعوبة تأمين الحدود:
يرى السيسي أن مصر تخوض معركة ضخمة ضد الإرهاب المدعوم من أطراف خارجية، معركة تماثل حروب مصر من عام 1967 إلى 1973. ومن ثم صرح السيسي بأن قوات الجيش التي تشارك في الحرب بسيناء ضد من أسماهم (خوارج العصر) يبلغ تعدادها 41 كتيبة تضم قرابة 25 ألف عنصر[30]. كما قال في عام 2017 – في سياق التدليل على وجود دعم خارجي للتنظيمات المسلحة – أن كمية المتفجرات التي ضبطتها الأجهزة المختصة تبلغ 1000 طن يناهز سعرها 400 مليون دولار[31]. أما معادلة ذلك الصراع فعبر عنها السيسي أثناء زياته لشمال سيناء في 23 مارس 2018 قائلا (نحن نواجه الأشرار وخوارج العصر…يا نحن يا هم). وكذلك يرى السيسي أن حدود مصر التي يبلغ طولها أكثر من 5000 كم، يصعب تأمينها بشكل كامل مما يساهم في تنامي خطر التنظيمات المسلحة وظاهرة الهجرة غير الشرعية وعمليات التهريب.
3-النمو السكاني، والفساد:
يرى السيسي أن تحدي التحدي الذي تواجهه مصر حسب تعبيره هو النمو السكاني[32]، والذي يبلغ في مصر 2.5% مما يستلزم نسبة نمو اقتصادي تبلغ 7.5% كحد أدنى، وهو ما لم تصل له مصر حتى الآن، مما ينعكس على عدم قدرة الدولة حسب كلامه على الوفاء باحتياجات السكان. كما يرى السيسي أن خطر الفساد نظير لخطر الإرهاب، لأنه يهدد الجهود المبذولة لتحقيق التنمية والاستقرار. ويؤكد على أن الدولة عازمة على مواصلة حربها ضد الفساد بلا هوادة[33].
4-استمرار الدعم الحكومي للمواطنين، وتضخم حجم الجهاز الإداري بالدولة:
قال السيسي خلال فعاليات المؤتمر الوطني للشباب في يناير 2016 إن التحدي الاقتصادي هو أكبر تحدٍ يواجه مصر. وسبق أن شدد في عام 2016 على أن الدعم الذي تقدمه الدولة للمواطنين يستنزف الموازنة العامة. وأن عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة يبلغ 7 مليون موظفًا بينما الدولة تحتاج مليونًا منهم فقط. وأن مرتبات الموظفين زادت من 70 مليار إلى 220 مليار جنيه عقب ثورة يناير.
5- تحديات متعلقة بتدهور البنية التحتية:
تطرق السيسي إلى عدد من التحديات المتعلقة بتدهور البنية التحتية، والتي يرى أنها تعيق قدرة الدولة على الوفاء باحتياجات المواطنين، فضلا عن دورها في تحجيم إقبال الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، ومن أبرزها:
– تدهور البنية الأساسية للطرق. مما يعيق التوسع في الاستثمارات المحلية والأجنبية.
– نقص الطاقة الكهربائية المولدة عن الاحتياجات المطلوبة، مما أدى لانقطاع التيار الكهربائي عن المصانع والمنازل بشكل يومي ومتكرر منذ عام 2011 حتى عام 2015.
– تناقص مساحة الأراضي الزراعية، مما يؤثر على معدل الإنتاج الزراعي، والأمن الغذائي.
– محدودية منظومة الصرف الصحي، مما يترك تداعيات صحية على المواطنين.
6–انخفاض الروح المعنوية للمواطنين، واليأس من المستقبل[34]:
وذلك عبر التشكيك في الإنجازات التي يقوم بها النظام حسب تعبير السيسي، من قبيل الحديث عن ارتفاع أسعار الكهرباء عقب نجاح النظام في القضاء على أزمة انقطاع التيار الكهربائي، والتشكيك في الجدوى الاقتصادية لمشروع زراعة المليون ونصف فدانا[35].
ب- التحديات الخارجية:
تحدث السيسي في عام 2016 عن أن التحدي الخارجي تمثل في إقناع الدول الأخرى بأن ما حدث في مصر منتصف عام 2013 لم يكن انقلابا عسكريا إنما تجاوب مع إرادة الشعب في إحداث تغيير. واعتبر أنه نجح في ذلك عبر القيام بزيارات خارجية كثيرة نجحت في الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع أميركا والدول الغربية، وتطوير العلاقات مع الهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان، وإقامة علاقات إيجابية مع الدول الإفريقية[36]. وكذلك شدد السيسي على أن الأمن القومي لدول الخليج يعد جزءا من أمن مصر القومي[37]. وهو ما يعني أنه يعتبر أي تهديدات لأمن دول الخليج بمثابة تهديد للأمن القومي المصري. ولكن قد تُفسر تلك التصريحات على أنها تصريحات سياسية فقط تهدف لإدامة الدعم الخليجي لنظام السيسي دون أن تترجم ميدانيا إلى عمل ملموس.
خامسا: سياسات السيسي الداخلية وفق منظوره للأمن القومي
ترك خوف السيسي من تكرار ثورة يناير أو خروجه من السلطة تداعيات بارزة على سياسات نظامه الداخلية، والتي تمحورت حول تأميم المجتمع لحساب الدولة، واعتماد الحلول الأمنية تجاه أي أزمة، وتقنين الممارسات القمعية، وسحق المعارضين وبالأخص منهم الإسلاميين، وتفكيك الطبقة الوسطى التي لعبت دورا بارزا في ثورة يناير، والتي تُعد في علم الاجتماع طبقة مثيرة للقلاقل.
1-امتصاص غضب الشباب ضد الدولة للحد من مخاطر اندلاع ثورة جديدة
لمعالجة التخوف أعلاه عمل السيسي على فتح قنوات اتصال بين الدولة والشباب غير المُسَيَّس عبر عقد مؤتمرات دورية للشباب، يجيب فيها على تساؤلاتهم[38]. وتتنوع أماكن عقد تلك المؤتمرات حيث تعقد في محافظة مختلفة كل مرة. وصرح السيسي بأنه يود عقدها بصورة شهرية أو كل شهر ونصف. وقد عبر صراحة عن الغرض من عقد تلك المؤتمرات قائلا أنه يتمثل في تفريغ الطاقة السلبية للشباب[39]، وعدم إعطاء فرصةً لأصحاب الفتن لإدخال الدولة في مشاكل وفي نزاعات مع بعضها البعض[40]. ومن أجل أن يستمع له الشباب كي يتحملوا الوضع[41].
كما يحرص السيسي على استعراض أغلب القضايا التي يثيرها ضده معارضوه، وتقديم تبريرات لتصرفاته تجاهها. فعلى سبيل المثال تَطرقَ للحديث عن دور القوات المسلحة في الاقتصاد المدني أثناء افتتاحه توسعات شركة “النصر” للكيماويات بمنطقة أبو رواش بالجيزة حيث قال: إن نصيب القوات المسلحة من الاقتصاد المدني يتراوح من 1.5% إلى 2% ولا يبلغ 50% وفق ادعاءات البعض. وأضاف أنه يوجد 50 ألف مدني يعملون في إدارة العاملين المدنيين بالقوات المسلحة، وأن مشروعات الجيش تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات. وأن الجيش لا يحظى بأي امتيازات عن شركات القطاع الخاص!.
وكذلك يحرص السيسي خلال تلك المؤتمرات على استعراض التحسن الذي يحدث في المؤشرات الكلية للاقتصاد إثر العمل على ضبط الموازنة العامة للدولة عبر خفض الإنفاق الحكومي وترشيد الدعم، من قبيل ارتفاع نسبة النمو السنوي في عام 2018 إلى 5.5% مقارنة ب2% عند وصوله للرئاسة. وانخفاض عجز الموازنة من 11.5% في عام 2015 إلى 9.5% في عام 2017.
ولم ينسَ السيسي أن يلوح باستخدام الجيش لقمع أي حراك شعبي واسع قائلا (التخطيط معمول إن الجيش ينتشر في مصر خلال 6 ساعات. لا يظن أحد أننا سنترك البلد أو نسمح أن تضيع منا ويضيع الناس معنا)[42].
2-سحق التيارات الإسلامية بذريعة مكافحة الإرهاب:
في 24 يوليو 2013، طلب السيسي تفويضا شعبيا لمكافحة الإرهاب المحتمل، وأعلن حينئذ تدشينه لما أطلق عليها “الحرب على الإرهاب”. وهي الحرب التي وظفها لتبرير مجموعة واسعة من الإجراءات والقوانين القمعية بذريعة حفظ الاستقرار وحماية الأمن القومي. وبلغت موجة القمع ذروتها باعتقال 3070 شخصا في شهر مايو 2015 بمفرده[43]. ولم يقتصر القمع الأمني على الاعتقالات، حيث أعلن كذلك عن عدد كبير من الوفيات، فبلغ (مجموع الضحايا المعلن عن وفاتهم منذ الانقلاب حتى مطلع عام 2018 في عمليات مكافحة الإرهاب أكثر من 7097 شخصا، وذلك دون أعداد القتلى في أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة والحرس الجمهوري والمنصة وخلال قمع المظاهرات المناهضة للانقلاب. كما تزايدت عمليات التصفية خارج نطاق القانون. فبلغ تعداد القتلى في اشتباكات مزعوم حدوثها خلال الفترة من مايو 2015 إلى ديسمبر 2017 قرابة 173 قتيلا)[44]. بينما جرى رصد مقتل 245 شخصًا في 29 اشتباكا مزعوما منذ تولي وزير الداخلية الجديد محمود توفيق لمنصبه منتصف يونيو 2018 حتى نهاية يناير 2019[45] . وكذلك تزايد معدل القتل خارج نطاق القانون خلال عمليات مكافحة الإرهاب المعلن عنها خارج سيناء من 3% خلال السنة الأولى من الانقلاب إلى 23% في عام 2016، و42% بحلول عام 2017[46].
وكذلك انتهج النظام المصري أسلوب التهجير القسري، حيث أصدر رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب مرسوما مع توالي الاشتباكات المسلحة في سيناء، يقضي بإخلاء منطقة عازلة على الحدود مع فلسطين تبلغ مساحتها حوالي 79 كيلومتر مربع، وتضم مدينة رفح[47].
كما أصدر السيسي في إبريل 2017 قرارا بتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف في مصر، بحيث يتولى صياغة وتنفيذ استراتيجية متكاملة قانونية وإعلامية ودينية وتعليمية… لمكافحة التيارات الإسلامية تحت ذريعة مكافحة التطرف.
3-تغيير عقيدة الجيش العسكرية، ومنع تشكل مراكز قوى داخل القوات المسلحة، والهيمنة على المؤسسات السيادية:
تغيرت عقيدة الجيش المصري من الحرب النظامية ضد إسرائيل إلى الحرب على الإرهاب، وتبلور ذلك عمليا في تركيز تدريبات الجيش المشتركة مع الجيش الروسي في تدريبات (حماة الصداقة) أو مع الجيش الأميركي في تدريبات النجم الساطع على الحروب غير النظامية من قبيل اقتحام القرى والمدن الصغيرة، فضلا عن إعلان الجيش دوريا شنه لحملات عسكرية داخل البلاد وبالأخص في سيناء. ومن أبرز تلك الحملات (العملية الشاملة) التي أعلن عنها الجيش المصري في 9 فبراير 2018. والتي شاركت فيها 88 كتيبة من الجيش في سيناء وحدها، بإجمالي42.630 مقاتلًا، فضلا عن قوات الشرطة. وقد امتد نطاق الحملة إلى الصحراء الغربية وأجزاء من دلتا النيل، ومحافظة السويس.
وأيضا جرى تغيير في توزيع وانتشار الجيش المصري داخل البلاد، حيث افتتح السيسي في 22 يوليو 2017 قاعدة محمد نجيب العسكرية في مدينة الحمام غرب الاسكندرية لتصبح أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط. وقد حضر حفل الافتتاح رفقة السيسي وليُّ عهد أبوظبي محمد بن زايد واللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وفي ذات اليوم جرى افتتاح قاعدة سيدي براني بعد تطويرها على بعد 45 كم من الحدود الليبية، وأشار المتحدث العسكري خلال حفل الافتتاح إلى إعادة انتشار عدد من الوحدات التابعة للمنطقة العسكرية الشمالية، وتمركزها في قاعدة محمد نجيب من أجل منع تسرب العناصر المسلحة عبر خط الحدود الغربية، ومجابهة محاولات التهريب للأسلحة والمواد المخدرة والهجرة غير الشرعية، وتعزيز تأمين المناطق الحيوية غرب الإسكندرية مثل محطة الضبعة النووية وحقول البترول ومدينة العلمين الجديدة. وقد أشار تكثيف تمركز القوات المسلحة في المنطقة الغربية إلى أن التهديد الأبرز من وجهة نظر نظام السيسي صار يأتي من الغرب لا الشرق.
أسَّـسَ السيسي في مارس 2014 قواتِ التدخل السريع بقوام يوازي فرقتين عسكريتين، وهي قواتٌ تمثلُ نخبةً من القوات المسلحة بأفرعها المتنوعة، وتولت مواجهة التظاهرات المناهضة للانقلاب وبالأخص في القاهرة الكبرى والإسكندرية. ثم استحدث السيسي في يناير 2015 قيادة عسكرية موحدة لمنطقة شرق القناة تشرف على عمليات الجيشين الثاني والثالث الميداني. وقد أنشأ السيسي أيضا في إبريل عام 2015 قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب والتي تنسق بين أنشطة القوات المسلحة ووزارة الداخلية، وافتتح مقرَّ قيادتها في 25 فبراير 2018. وهي قوات تشرف على المهام المتعلقة بالمتابعة والسيطرة على أعمال القتال لقوات شرق القناة في مكافحة الإرهاب بالتعاون مع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة وعناصر وزارة الداخلية، بالإضافة إلى متابعة معدلات الأداء للمشروعات التنموية الجاري والمخطط تنفيذُها بشبه جزيرة سيناء[48].
وكذلك عمل السيسي على تغيير قيادات المجلس العسكري دوريا، وشمل ذلك عزل رئيس الأركان السابق وصهر السيسي الفريق محمود حجازي الذي أُقيل في عام 2017 عقب حادث الواحات. ووزير الدفاع صدقي صبحي الذي أقيل ضمن التغييرات الوزارية التي أعقبت انتخاب السيسي رئيسا لفترة ثانية في عام 2018.
كما شملت التغييرات الدورية رئيسي جهاز المخابرات العامة والحربية، ووزير الداخلية. ولم يتبقَّ ضمن الدائرة الداخلية المقربة من السيسي سوى مدير مكتبه السابق عباس كامل والذي تولى في عام 2018 رئاسة جهاز المخابرات العامة. وكذلك سعى السيسي إلى تطهير الأجهزة السيادية من أي عناصر سبق لها التعاطف مع جماعة الإخوان أو ثورة يناير أو الاعتراض على سياسات النظام الحالية. وتجلى ذلك في إقصاء قرابة 40 دبلوماسيا من وزارة الخارجية للأسباب سالفة الذكر دون إجراء أي تحقيقات معهم[49].
بل ومن المدهش إصدار وزير الخارجية سامح شكري قرارا يُوجب ابتعاث الملحقين الدبلوماسيين فور التحاقهم بالسلك الدبلوماسي لمدة ستة أشهر في الكلية الحربية، بالإضافة إلى مدة الشهر التي يقضونها في المخابرات العامة، وذلك تماشيًا منه مع حرص السيسي على اتسام العاملين بالوزارات السيادية بصفات عسكرية.
أما الشخصيات العسكرية والأمنية المناوئة للسيسي، فقد استعمل معها أقصى درجات البطش، مثلما حدث مع الفريقين سامي عنان وأحمد شفيق عندما أعلنا نيتهما الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2018. حيث تم إلقاء القبض على الأول، وحكم عليه في مطلع عام 2019 بالسجن مدة عشر سنوات بتهمة تزوير استمارة الرقم القومي والتي قال فيها أنه فريق متقاعد فضلا عن مخالفة الانضباط العسكري[50]، بينما تم جلب الثاني من دولة الإمارات بطائرة خاصة ليقبع تحت الإقامة الجبرية رغم إعلانه تنازله عن الترشح للرئاسة. وكذلك أطاح السيسي برئيس جهاز المخابرات العامة اللواء خالد فوزي، وعـيَّـنَ بدلا منه مدير مكتب رئيس الجمهورية اللواء عباس كامل، والذي عمل على إحكام قبضته على جهاز المخابرات العامة بعد تسرب أنباء عن وجود توجهٍ داخل الجهاز رافضٍ لبعض سياسات السيسي.
4-تسييس القوانين والأحكام القضائية[51]
ضمن سياق جهود النظام للقضاء على أي أصوات معارضة، قام بتدشين مجموعة من القوانين والتشريعات القاسية بذريعة مكافحة الإرهاب، ومن أبرزها: مرسوم القضاء العسكري في 27 أكتوبر 2014، والذي اعتبر أن جميع الهجمات على المنشآت العامة ستعتبر بمثابة هجمات على المؤسسات العسكرية، وبالتالي ستُنظر قضائيا أمام المحاكم العسكرية. وقانون الكيانات الإرهابية الصادر في24 فبراير 2015، والذي منح النيابة العامة سلطة إصدار قائمة بالكيانات الإرهابية والإرهابيين، وكذلك منح الهيئات الحكومية المختصة سلطة حل أي كيان إرهابي، وتجميد أنشطته، وإغلاق جميع المباني التابعة له، وحظر الاجتماعات والعضوية، ووقف أنشطته المالية، وتجميد ممتلكاته وأصوله، وحظر جميع الشعارات المرتبطة به، وحرمان الفرد أو التنظيم من الحقوق السياسية بشكل مؤقت. وقانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2015، والذي استبدل تعريف قانون العقوبات للإرهاب، ووسع عدد الجرائم المصنفة كجرائم إرهابية، وفرض عقوبات جديدة. فضلا عن حزمة أخرى من القوانين التي استهدفت الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، والحد من الحريات الإعلامية. وكذلك اتخذ النظام مجموعة أخرى من الإجراءات القمعية مثل:
– الإدراج في قوائم الإرهاب. وقد أدرجت أولى القوائم في يناير 2017، وضمت 1538 شخصا. وشملت الإجراءات المتخذة ضدهم: المنع من السفر، وتجميد الممتلكات (ثم مصادرتها لاحقا)، والحرمان من الحقوق السياسية، وإلغاء جوازات السفر. كما أعلنت وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن عدد المدرجين على قوائم الإرهاب داخل مصر حتى تاريخ 3 يناير 2020 بلغ نحو6305 شخصا، بينما بلغ عدد الجماعات والتنظيمات المدرجة على قائمة الكيانات الإرهابية 8 كيانات.
• فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد. حيث أصدر السيسي قرارا بفرض حالة الطوارئ عبر أنحاء مصر في إبريل 2017 لمدة ثلاثة أشهر عقب حوادث استهداف عدد من الكنائس في الإسكندرية وطنطا من قبل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، ويجري تجديد حالة الطوارئ دوريا منذ ذلك الحين.
• تخصيص دوائر لقضايا الإرهاب. إذ جرى تخصيص 9 دوائر لقضايا الإرهاب ثم خُفِّض عددها في نوفمبر 2019 إلى 4 دوائر فقط. كما أعيد إنشاء أقسام الطوارئ بمحاكم أمن الدولة مع إعلان حالة الطوارئ في منتصف عام 2017، وهي محاكم لا يجوز الطعن على أحكامها، والتي تكون نهائية وباتَّة دون العرض على محكمة النقض، وهو ما يجعلها أكثر فائدة للنظام من دوائر الإرهاب.
• إصدار أحكام إعدام جماعية، فعلى سبيل المثال أصدرت محكمة بالمنيا في 24 مارس 2014 حكما بإعدام 529 شخصا بتهمة مهاجمة مركز شرطة مطاي منتصف عام 2013. ثم أصدرت نفس المحكمة في 28 إبريل حكما بالإعدام على 683 شخصا بتهمة قتل ضابط شرطة في أغسطس 2013. وقد نفذ النظام بالفعل 42 حكما بالإعدام ضد معارضين منذ عام 2014 حتى فبراير (2019)[52].
5- السيطرة على وسائل الإعلام
عبر اتخاذ إجراءات صارمة للحد من أي تقارير مستقلة عن الوضع الأمني للبلاد. وشمل ذلك تعرض الصحفيين للمزيد من الملاحقات القضائية، فضلا عن إدراج بند في قانون مكافحة الإرهاب يجرم ذكر أعداد للضحايا خلاف تلك التي تصدرها الحكومة رسميا. وكذلك تزايدت حالات حجب المواقع الإلكترونية لتبلغ ما يزيد عن 500 موقعا متنوعا معظمها لمنظمات حقوقية ومواقع إخبارية.
6- تدشين العاصمة الجديدة:
عمل السيسي على بناء عاصمة جديدة في الصحراء تبعد 28 ميلا عن شرق القاهرة، بغرض الابتعاد بمؤسسات الدولة السيادية عن قلب القاهرة، وهو ما يسمح له ولنظامه بقدر عالٍ من التأمين في حالة اندلاع أية مظاهرات شعبية احتجاجية مثل التي حدثت في ثورة يناير 2011.
7-مكافحة الفساد:
يحاول النظام ميكنة الخدمات التي تقدمها أجهزة الدولة لتقليل حيز التعامل بين الموظفين والجماهير مما يزيد من تحكم الأجهزة السيادية في معاملات المواطنين، كما يساعد على الحد من حجم الفساد بالإضافة إلى تفعيله لدور جهاز الرقابة الإدارية في ملاحقة الفاسدين. وهو ما تجلى في إلقاء القبض على عدد من المسؤولين الحكوميين مثل وزير الزراعة السابق صلاح هلال، ونائبة محافظ الاسكندرية سعاد الخولي فضلا عن تدشين حملات تفتيش على السفارات المصرية بالخارج، وعدم التغاضي عن التجاوزات المالية للسفراء مثلما تجلى في إلزام السفير المصري السابق بـبرلين بدر عبد العاطي بِـرَدِّ قيمة المخالفات المالية التي جرى رصدُها[53].
8-تخفيض الدعم الحكومي، وتقليص الجهاز الإداري بالدولة:
سعى النظام لإلغاء الدعم بشكل كامل تدريجيا عن الغاز والبنزين والمياه والكهرباء عبر خطة خمسية لتنتهي في عام 2019 قبل أن يعلن وزير الكهرباء محمد شاكر في يناير 2019 مد الخطة إلى 8 سنوات ليُرفع الدعم عن الكهرباء كاملا بحلول عام [54]2022. وكذلك اتخذ النظام إجراءات تقشفية من قبيل الحد من العلاوات الدورية، ووقف التعيينات بالجهاز الإداري للدولة، كما استحدث إجراءات تقلص من عدد الموظفين مثل اختبار تعاطي المواد المخدرة. وتأتي تلك الإجراءات في ظل حرص السيسي على تقليص القدرة الشرائية للمواطنين مما سيؤدي حسب قوله[55] إلى الحد من حجم الطلب على السلع في حين أن ذلك يرافقه تدميرُ الطبقة المتوسطة التي مثَّـلت عمادَ الحِراك الجماهيريِّ في ثورة يناير 2011.
9- تطوير البنية التحتية للدولة:
تبنى النظام خطة قومية لإنشاء شبكة طرق يمتد طولها لأكثر من 6000 كم من أجل تأسيس بنية أساسية متينة تساعد على جذب الاستثمار. فضلا عن تطوير 3 موانئ بحرية من أبرزهم شرق التفريعة. كما عمل على إقامة محطات كهرباء جديدة بتكلفة تقدر بـ 450 مليار جنيه خلال فترة وجيزة[56]، مما أسفر عن اختفاء ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي منذ عام 2017. وكذلك شدد العقوبات الخاصة بالبناء على الأراضي الزراعية، وعمل على إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، كما دشن مشروع زراعة المليون ونصف فدان. وأيضا عمل النظام بحلول عام 2018 على وصول منظومة الصرف الصحي إلى 40% من القرى بمصر بعد أن كان الرقم عند وصول السيسي للسلطة 10% فقط[57].
سادسا: السياسة الخارجية ضمن منظور السيسي للأمن القومي
انطلق السيسي في سياسته الخارجية من منطلق الحفاظ على تماسك نظامه وسحق التيارات الإسلامية بشتى توجهاتها السياسية والجهادية والدعوية التي يعدها بمثابة الخطر الأول والوجودي عليه لا من منطلق الأمن القومي الشامل للبلاد. وتجاوز خلال ذلك بعض الثوابت المصرية مثل عدم السماح لدولة أخرى وبالأخص إسرائيل بتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي المصرية. حيث أعطى النظام المصري تفويضا مفتوحا للجيش الإسرائيلي لشن غارات جوية على المسلحين بسيناء[58]. وهو ما أكده ديفيد كيركباتريك المراسل السابق لجريدة نيويورك تايمز بالقاهرة عندما كشف في مطلع فبرير 2018 عن شن إسرائيل لمائة غارة جوية داخل سيناء منذ عام ٢٠١٥[59].
يدور خطاب نظام السيسي خارجيًا حول المحاور التالية (وفق التعبيرات التي يستخدمها النظام):
– دعم سيادة الدول على أراضيها، وترسيخ الاستقرار، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين بأي ذريعة حتى وإن كانت حماية حقوق الإنسان ودعم منظمات المجتمع المدني[60]. ومجافاة الدول التي تقدم غطاء سياسيا أو إعلاميا أو حتى مأوى لعناصر من التيارات الإسلامية مثل تركيا وقطر باعتبارها دولا راعية للإرهاب.
– التأكيد على أن الإرهاب ظاهرة عالمية تنبع من الفكر الأيديولوجي المتطرف، لا من سياسات الحكومات المحلية أو غياب الديمقراطية بدليل تجنيد الشباب من دول غربية في صفوف تلك التنظيمات. والتشديد على أن السبب الأساسي لاستشراء التنظيمات الإرهابية في الجوار الإقليمي يتمثل في غياب السلطة المركزية نتيجة لسياسات الغرب سواء في العراق أو ليبيا مما ترك فراغًا نجحت هذه التنظيمات في ملئه.
– رفض التفرقة بين الفكر المتطرف والفكر العنيف. والتأكيد على أن جماعة الإخوان هي الحاضن الرئيس للفكر المتطرف منذ نشأتها عام 1928، وأن جميع التنظيمات الإرهابية بما فيها داعش وغيرها استقت أفكارها المتطرفة من أفكار منظري الجماعة مثل حسن البنا وسيد قطب.
– الحل الوحيد لمواجهة الإرهاب، هو تنسيق الجهود دوليًا لمواجهة جميع التنظيمات الإرهابية. مع ضرورة تعديل الخطاب الديني. وتقديم الأزهر كمؤسسة يمكن توظيفها دوليا لنشر (الأفكار المعتدلة) وبيان زيف الأفكار المتطرفة.
أما مرتكزات علاقة السيسي مع الدول الكبرى مثل أميركا وبريطانيا وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي، وكذلك في الإطار الإقليمي فتدور وفقًا للتالي:
1-العلاقة مع أميركا
-حرص نظام السيسي على الحفاظ على علاقات استراتيجية بين مصر وأميركا خاصة في الشق العسكري المرتبط بالبنتاجون بعيدا عن حيثيات العلاقة مع الرئيس الأميركي سواء أكان يشوبها التوتر مثلما كان الوضع مع أوباما [61]أو كانت تتسم بالأريحية مثلما الوضع مع ترامب.
تلك العلاقة العسكرية الراسخة مع البنتاجون تقوم على اعتبار أن الجيش المصري صمام أمان للاستقرار بالمنطقة[62]، وحصن منيع ضد التطرف[63]. فمصر عدد سكانها 100 مليون نسمة، وتقع ضمن أراضيها قناة السويس التي تمر عبرها 8% من التجارة البحرية في العالم سنويًا. ولها حدود مشتركة مع الكيان الصهيوني وقطاع غزة. وتتميز بثقل سياسي وديني عربي وإسلامي حيث يقع بها مقر الجامعة العربية، وجامعة الأزهر[64]. ونظرا لما سبق تقدم أميركا دوريا مساعدات عسكرية بغرض تأمين الحدود، ومكافحة تهريب السلاح والذخيرة من خلال الأنفاق إلى غزة، وضمان الأمن في سيناء، كما توفر قطع الغيار اللازمة للمعدات العسكرية، وتقدم التدريب والتعليم العسكري للضباط بالجيش المصري لضمان توفير قيم مشتركة وتواصل مستمر بين القيادات العسكرية في الجانبين.
وفي هذا السياق الولاياتُ المتحدة زودت مصرَ بمبلغ 76 مليار دولار أميركي كمساعدات بين عامي 1948 و2015 بما في ذلك 1,3 مليار دولار تقدمهم أميركا سنويا كمساعدات عسكرية من عام 1987 إلى الآن. وتوزع تلك المساعدات وفق البنود التالية:
- 39٪ لتطوير أنظمة التسليح الموجودة ابتداء.
- 34٪ لمتابعة عقود الصيانة والدعم الفني للمعدات الأمريكية المستخدمة بالجيش المصري.
- · 27٪ لإجراء تعاقدات جديدة.
وقد بلغت نسبة المساعدات الأميركية نحو 31 ٪ من إجمالي الإنفاق على الدفاع في مصر في عام 2012 وفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS). وبالمقابل يقدم الجيش المصري عدة تسهيلات توفر ميزة استراتيجية للقوات الأميركية المنتشرة في البحر المتوسط والخليج العربي، والمحيط الهندي، مما يساعدها على القيام بعمليات يعد الوقت عنصرًا هاما فيها، ومن تلك التسهيلات:
أـ إعطاء أسبقية المرور في قناة السويس للسفن الحربية الأمريكية مع توفير إجراءات الحماية لها أثناء العبور، علما بأن القانون المصري ينص على إعطاء مهلة 30 يوما قبل التصديق على عبور قناة السويس إلا أن مصر تسمح بمرور السفن الأمريكية خلال 24 ساعة إلى 48 ساعة من إخطارها بطلب العبور .
ب- التصديق على المرور الجوي للطائرات الحربية الأمريكية في المجال الجوي المصري.
2- العلاقة مع دول الخليج العربي:
تتسم علاقة نظام السيسي منذ انقلابه منتصف عام 2013 بالتقارب والتحالف مع السعودية والإمارات والبحرين نظرا لموقفهم الموحد تجاه عدد من القضايا المشتركة، مثل العداء للتيارات الإسلامية، ورفض تغيير الأنظمة الحاكمة عبر ثورات شعبية، والتعاون مع إسرائيل في مواجهة التمدد الإيراني بالمنطقة.
وقد اتخذت القيادة السياسية الإماراتية منذ اليوم الأول للانقلاب في مصر موقفا داعما للتغيرات التي شهدتها الساحة الداخلية المصرية، كما لعبت دورا محوريا في تخفيف الضغوط الإقليمية والدولية التي تعرض لها النظام الانقلابي آنذاك، سواء عبر تحركات منفردة مع مختلف الدول الغربية الهامة أو من خلال التنسيق الوثيق مع مصر على الصعيد الدولي متعدد الأطراف لإجهاض أي مساعي لطرح الشأن المصري الداخلي على الأجندة الأممية. وقد كان للدعم المالي الذي قدمته الإمارات والسعودية والكويت للنظام المصري عقب الانقلاب والمقدر بثلاثين مليار دولار دورا هاما في منع الاقتصاد المصري من الانهيار في تلك الفترة الحرجة.
وقد تميزت علاقة السيسي بولي عهد الإمارات محمد بن زايد بخصوصية كبيرة. وامتد التنسيق بينهما إلى الشأن الليبي ودعم اللواء خليفة حفتر، كما تتسم توجهاتهما تجاه إيران بحد أدنى من التوتر مقارنة بالموقف السعودي، حيث يكتفيان بالتشديد على مطالبة إيران بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية دون التلويح بانتهاج خيارات عسكرية ضد إيران. وكذلك يتوافق الموقف المصري مع نظيره الإماراتي تجاه الأزمة السورية، حيث يرفضان الإطاحة بنظام الأسد أو حدوث انهيار كامل للدولة في ظل الخشية من أن يدفع ذلك الجماعات الجهادية إلى صدارة المشهد السوري. وفي سياق التجاوب مع المحور السعودي الإماراتي البحريني شاركت مصر فيما اشتهر بأزمة حصار قطر التي اندلعت في مايو 2017.
ورغم ما سبق إلا أن السيسي لم يستجب للمطالبات الخليجية الرامية لدفع مصر للمشاركة بقوات برية في أي عمليات عسكرية تقوم بها الدول الخليجية سواء في اليمن أو غيرها. واكتفى بالمساهمة ببعض القطع البحرية والقوات الجوية ضمن عملية عاصفة الحزم التي شنها التحالف العربي ضد الحوثيين باليمن بدءا من عام 2015.
3- العلاقة مع روسيا:
عمل السيسي على تحسين العلاقات الثنائية مع روسيا، وتعزيز التعاون التجاري والعسكري معها. فعقد عدة صفقات أسلحة معها، ومن أبرزها صفقة أُعلن عنها في سبتمبر 2014 بمقدار 3,5 مليار دولار. وقد وصل الحال إلى عقد تدريبات عسكرية دورية مشتركة بين البلدين منذ عام 2016 بعنوان (حماة الصداقة). ويتفق البلدان في رؤيتهما تجاه الوضع في سوريا، وأهمية مكافحة التنظيمات الإسلامية. وكذلك يتفقان على دعم خليفة حفتر في ليبيا. كما ينسقان جهودهما الأمنية والاستخبارية بخصوص مكافحة التنظيمات الجهادية.
4- العلاقة مع بريطانيا:
حرص السيسي على توطيد العلاقات الاقتصادية مع بريطانيا باعتبارها مركزًا عالميًا للمال والأعمال حيث تمر عبر لندن أغلب تدفقات رؤوس الأموال الدولية المعنية بالاستثمار في الشرق الأوسط. كما تعد بريطانيا المستثمر الأجنبي الأول في مصر، حيث تناهز الاستثمارات البريطانية نسبة 50 % من الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بمتوسط 5 مليار دولار سنويا.
وعمل السيسي كذلك على تطوير آليات التعاون والتنسيق السياسي والأمني والعسكري مع بريطانيا. فأعاد تفعيل لجان التعاون العسكري المشترك بين البلدين في نوفمبر 2014 بعد توقفها منذ عام 2010. وهي لجان تختص بالتنسيق في مجالات (التدريب المشتركة – التطوير والإنتاج – الفرق والدورات التدريبية – التسليح). وقد انعكس التعاون بين الطرفين على تبادل زيارات الوفود الأمنية. ومن أبرزها زيارة وفد بريطاني إلى القاهرة في 5 مارس 2015 برئاسة نائب مستشار الأمن القومي ومشاركة كبار مسئولي وزارات الخارجية والدفاع والأجهزة الأمنية المعنية بملفات الشرق الأوسط، وذلك في إطار عقد أولى جولات الحوار بين الجانبين المصري والبريطاني بشأن مختلف القضايا الإقليمية والأمنية ومكافحة الإرهاب.
ورغم ما سبق، فقد مرت العلاقة بين الطرفين بقدر من التوتر المؤقت، حيث أوقفت بريطانيا في أغسطس 2013 عدد “49” رخصة معدات تسليح لمصر بناءً على قرار من الاتحاد الأوروبي بحجة التأكد من عدم استخدام الأسلحة ضد المدنيين والمتظاهرين. وكذلك تدهورت العلاقات إثر إعلان السلطات الأمنية البريطانية أثناء زيارة السيسي للندن أن الطائرة الروسية التي تحطمت فوق سيناء، سقطت إثر تفجير عبوة ناسفة على متنها. وهو ما اعتبرته القاهرة قلة لياقة في التعامل مع الجانب المصري. مما انعكس في هجوم إعلامي مصري حاد ضد بريطانيا آنذاك.
5- العلاقة مع فرنسا:
حرص السيسي على توثيق علاقاته مع فرنسا نظرا لثقلها الأوروبي، واتفاق السياسة الفرنسية مع رؤيته بخصوص مكافحة التيارات الإسلامية، ودعم حفتر في ليبيا. وبالمقابل يدرك السيسي أن فرنسا تدعم الاستقرار السياسي للعديد من الأنظمة الاستبدادية نظرا لأهمية تلك الأنظمة الاستراتيجية والجيوسياسية، ومساهمتها في تأمين مسارات الطاقة من شمال أفريقيا مما يحافظ على استقرار أسعار النفط والغاز[65].
ومن مؤشرات توطد العلاقة بين البلدين، حضور الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند حفل افتتاح التوسعة الجديدة لقناة السويس كضيف شرف في عام 2015. وعقد فرنسا مع مصر عدة صفقات عسكرية ضخمة تضمنت بيع 24 طائرة مقاتلة طراز رافال وفرقاطات بحرية وسفن إنزال (من طراز ميسترال) تحمل طائرات هليكوبتر ومدرعات (من طراز ميسترال) بمقدار يقترب من 10 مليار دولار.
السياسة الخارجية تجاه المحاور الاستراتيجية الأربعة:
المحور الغربي: ويختص بليبيا. يتبنى السيسي سياسة تجاه الشأن الليبي تقوم على دعم جهود خليفة حفتر لفرض سيطرته على كامل الأراضي الليبية بالرغم من رفض حفتر الالتزام بمخرجات العملية السياسية في ليبيا والتي تحظى بدعم من أغلب المجتمع الدولي. وفي هذا السياق طالب السيسي مجلس الأمن الدولي برفع حظر الأسلحة الذي فُرض ضد تسليح قوات حفتر باعتباره قائدا للجيش الوطني الليبي التابع لبرلمان طبرق.
ويأتي الدعم المصري لحفتر تحت ذريعة مساندة الحكومة والبرلمان الليبيين الشرعيين (يُقصد بذلك حكومة طبرق وبعض نواب البرلمان الليبي) في مكافحة الإرهاب والتصدي للمليشيات المتطرفة لتحقيق الاستقرار[66]. وكي لا تتحول ليبيا إلى بؤرة للإرهاب تؤثر على جوارها الإقليمي.
أما دوافع موقف السيسي في ليبيا، فتعود إلى أن خلفية حفتر العسكرية وبغضه للجماعات الإسلامية بمختلف توجهاتها يجعله حصان الرهان المفضل للسيسي. حيث تضمن القاهرة بذلك ألا تتحول ليبيا إلى قاعدة خلفية للتيارات الإسلامية. فضلا عن الحيلولة دون تقارب ليبيا مع قطر وتركيا المقربتين من حكومة الوفاق بطرابلس.
ولم يتوانَ السيسي عن تنفيذ غارات جوية مباشرة على بعض المجموعات المناهضة لحفتر بذريعة تورطها في أحداث عنف داخل مصر أو ضد مصريين في ليبيا. مثلما حدث في شن الطيران المصري لغارات على مدينة درنة في اليوم التالي لنشر تنظيم الدولة الإسلامية مشاهد لقطع رؤوس 21 قبطيا مصريا على سواحل مدينة سرت الليبية في 15 فبراير 2015.
ويفارق الموقف المصري تجاه ليبيا الموقف الأوروبي (وتحديدا موقف بريطانيا وإيطاليا وألمانيا)، حيث تؤكد تلك الدول على أهمية عدم تأثير جهود مكافحة الإرهاب بالسلب على فرص نجاح العملية السياسية على المدى البعيد. وضرورة ضم المعتدلين (وفق المعايير الأوروبية) وعزل العناصر الأكثر تشددًا في معسكر طرابلس. ثم الانطلاق لتمكين الحكومة الليبية من ممارسة مهامها من العاصمة. وتنظر تلك الدول إلى حفتر باعتباره جزءا من المشكلة لرفضه الخضوع لسلطة المدنيين أو القبول بالحل السياسي. ورغم ذلك نجحت القاهرة ومن خلفها أبوظبي وباريس في إبقاء حفتر كلاعب فاعل في المشهد الليبي.
-المحور الجنوبي، ويختص بالسودان والقرن الأفريقي. ويتمثل أبرز تحدي ضمنه في الحفاظ على حصة مصر من مياه النيل. ويعد مشروع سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل الأزرق الذي يمثل المصدر الرئيس للإيراد الحالي من مياه النيل (بنسبة 86٪) من أهم التحديات والمخاطر التي تواجه الأمن القومي المصري، وتتزايد تعقيداته في ضوء اعتزام إثيوبيا بِـناءَ مجموعة سدود أخرى لتوليد الطاقة الكهربية مما يمكن إثيوبيا من التحكم المنفرد في ضخ المياه لدولتي المعبر والمصب. وتجاه هذا التحدي يسعى السيسي للتوصل إلى اتفاق (سياسي – قانوني) ينظم الحقوق والواجبات بين الدول الثلاث (مصر والسودان وأثيوبيا) حول حصص المياه، وسياسة الإدارة والتشغيل خلال فترة ملء الخزان وصولًا إلى الشراكة في إدارة المياه والكهرباء.
وكذلك يعمل السيسي على تكوين شراكة مع الجانب الأثيوبي في مجالات متنوعة. ففي المجال التنموي يعمل على دعم مشاريع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية والمبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل. وفي المجال الأمني يعمل على التنسيق مع أثيوبيا في مكافحة التطرف والتنظيمات الدينية المسلحة.
6- السودان:
يمثل السودان عمقا مهما للأمن القومي المصري، وينظر إليه نظام السيسي بعناية نظرا لوجود عدة ملفات عالقة من أبرزها: الأمن المائي، وتقارب الموقف السوداني من أثيوبيا بخصوص إنشاء سد النهضة، والنزاع حول ملكية مثلث حلايب وشلاتين، وتواجد عدد من الإسلاميين المصريين المعارضين في الأراضي السودانية في ظل حماية نظام البشير (قبل سقوطه) لهم.
اعتمدت سياسة السيسي تجاه السودان – بالأخص في عهد البشير- على المزج بين النهج التعاوني والتلويح باستعمال أوراق الضغط. أما النهج التعاوني فيتم عبر التنسيق مع الجانب السوداني لتعزيز فرص الاستثمار الزراعي المصري بالسودان، والسعي لربط مصالح الجانبين عبر تشغيل الطرق البرية والمنافذ، وزيادة حجم التبادل التجاري. أما التلويح باستعمال أوراق الضغط فعبر زيادة الحضور المصري بدولة جنوب السودان في المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية. وتنشيط حركة المعارضة السودانية بالقاهرة، وتقليص الدعم السياسي المصري للسودان في القضايا المتعلقة بالبعد الدولي مثل المحكمة الجنائية الدولية. وقد حدثت تغيرات في تلك المقاربة مع الإطاحة بنظام البشير من الحكم، حيث تقاربت القاهرة مع النظام السوداني الجديد بشكل كبير.
7- القرن الأفريقي:
يحظى القرن الأفريقي بأهمية كبيرة، وذلك لدوره في تأمين المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وتنوع شبكة التحالفات الإقليمية والدولية المتواجدة فيه. ويسعى السيسي لتأمين المصالح المصرية في القرن الأفريقي عبر تعزيز العلاقات الثنائية مع العديد من دوله مثل إرتيريا وجيبوتي، وتعزيز الدور المصري في “تجمع الساحل والصحراء “. وهو التجمع الإقليمي الوحيد الذي يضم مصر ودول القرن الإفريقي الثلاثة، وقد استضافت مصر لأول مرة تدريبا مشتركا تابعا للتجمع شاركت فيه قوات من (مصر والسودان ونيجيريا وبوركينافاسو) في ديسمبر 2018 بقاعدة محمد نجيب العسكرية[67]. أما صور التواجد العسكري المصري في بعض دول القرن الأفريقي مثل أريتريا، فيتنوع ويتدرج من إرسال خبراء ومستشارين إلى إقامة مراكز تدريب، وتنفيذ مشاريع تنموية عبر جهاز الخدمة الوطنية.
-المحور الشمالي: ويختص بالبحر الأبيض المتوسط، والعلاقات مع الدول الأوروبية وتركيا.
تعتمد سياسة النظام تجاه الدول الأوروبية على اعتماد مبدأ الشراكة من أجل مواجهة التحديات المشتركة. فمع إدراك نظام السيسي أهمية مصر للاتحاد الأوروبي، وحرص الاتحاد على تطوير التعاون الأمني مع مصر والتنسيق بخصوص مكافحة الهجرة غير الشرعية. حيث إن واحدًا من كل ثلاثة لاجئين في العالم هو من العرب[68]. وفي هذا السياق يتجاهل السيسي المناصحات الأوروبية بالحد من مستويات القمع لتيقنه من حرص الاتحاد الأوروبي على منع انهيار الدولة بمصر، وهو ما قد يجعل مصر بجانب سوريا مصدرا رئيسيا للهجرة الحدودية إلى أوروبا، ويساهم في تنامي قوة التنظيمات الجهادية جنوب البحر المتوسط.
أما بالنسبة للعلاقة مع تركيا. فتتسم نظرة السيسي إلى تركيا بالعدائية نظرا للموقف التركي الرافض للانقلاب العسكري ضد د. مرسي. فضلا عن استضافة تركيا لعدد كبير من المعارضين المصريين، وتحالف تركيا مع قطر التي تُعد الداعم الأبرز للمعارضة المصرية، وتتحالف أنقرة مع حكومة الوفاق في ليبيا.
وردا على ذلك حرص السيسي على توثيق علاقاته مع اليونان وقبرص، فأوجد منذ عام 2014 آلية للتعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص عبر عقد قمة رئاسية دورية بين رؤساء الدول الثلاثة، مرورا بإجراء أول تدريب جوي مشترك بين مصر واليونان في عام 2015 تحت اسم (حورس 2015)، ووصولا إلى عقد تدريب جوي بحري ثلاثي مشترك تحت اسم (ميدوزا)[69].
وفي هذا السياق يمكن عزو مسارعة السيسي لتطوير سلاح الجو المصري، والبحرية المصرية بصفقات أسلحة ضخمة خلال السنوات الأخيرة، إلى استعداده لاحتمالات تطور العداء مع تركيا إلى حرب واسعة على خلفية النزاع حول استكشاف آبار الغاز الطبيعي في المناطق البحرية المتنازع على ملكيتها في البحر المتوسط.
–المحور الشرقي: ويختص بالبحر الأحمر وفلسطين والكيان الصهيوني. فبالنسبة للعلاقة مع الكيان الصهيوني. ينظر نظام السيسي وإسرائيل إلى بعضهما البعض باعتبارهما حلفاء استراتيجيين يواجهون أعداء مشتركين. حيث استنفر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سفراءهُ بالخارج لتدشين حملة علاقات عامة دعما لانقلاب السيسي في يوليو 2013. وكذلك سمحت إسرائيل للجيش المصري بزيادة تعداد قواته في سيناء في سياق عملياته العسكرية ضد عناصر تنظيم ولاية سيناء. في حين أعطى النظام المصري تفويضا مفتوحا للجيش الإسرائيلي لشن غارات جوية على المسلحين بسيناء[70]. وهي الغارات التي بلغ تعدادها مائة غارة جوية منذ عام 2015 إلى فبراير 2018[71]. وكذلك امتدت العلاقات إلى الإطار الاقتصادي حيث تعاقدت شركة (دولفينيس)المصرية المملوكة للمخابرات العامة المصرية في عام 2017 على استيراد 64 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من إسرائيل لمدة عشر سنوات مقابل 15 مليار دولار[72]. وهو ما يجعل إسرائيل تتحكم في أحد العوامل المؤثرة في الأمن القومي المصري حيث تستهلك محطات توليد الكهرباء لوحدها 62% من استهلاك الغاز الطبيعي في مصر. في حين يستهلك القطاع الصناعي 12% آخرين. أي أن نسبة كبيرة من شريان ديمومة عمل القطاعين الكهربي والصناعي صارت بيد إسرائيل. مع التنبيه إلى أن إعلام النظام يردد أن هذا الغاز يستورد لتسييله وتصديره إلى الخارج لا للاستعمال الداخلي في مصر، وهو أمر محل جدل بين المختصين.
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فيوجد توتر معلن مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بسبب خلافه الحاد مع محمد دحلان، وتعنته في قضية المصالحة مع حركة حماس. ورغم أن النظام المصري ينظر إلى حماس باعتبارها جناحا من أجنحة جماعة الإخوان المسلمين[73]. إلا إنه مضطر للتعامل معها باعتبار الضرورات الواقعية نظرا لأن ملف التهدئة مع إسرائيل، وتبادل الأسرى، والمصالحة الوطنية الفلسطينية تمثل أحد أوراق التأثير التي تجعل لمصر حضورا في المشهدين الإقليمي والدولي. ومن ثم فقد حدث تقارب مصري حمساوي منذ نهاية عام 2017، إلا إنه يظل تقاربا تكتيكيا تمليه الأوضاع الراهنة لحين تمكن بديل مثل دحلان من إعادة التموضع داخل غزة، أو النجاح في الضغط على حماس وتجريدها من عوامل قوتها عبر تطويعها للتخلي عن خيار المقاومة وإضعاف ارتباطاتها بالإخوان وقطر وتركيا وإيران مع إلزامها بضبط الحدود مع مصر لمنع تهريب الأسلحة أو الأفراد إلى سيناء.
أما بالنسبة لتأمين الملاحة في البحر الأحمر، فقد افتتح السيسي في 5 يناير 2017 الوحدات الخاصة بالأسطول الجنوبي بميناء سفاجا. وقد ضم هذا الأسطول الجديد لواء مدمرات، ولواء لنشات، ولواء مرور ساحلي، ولواء عمليات خاصة. وسيشمل ميدان عمل هذا الأسطول الجديد البحر الأحمر، والذي تطل سواحل مصر والسعودية واليمن والسودان والصومال وأريتريا على سواحله.
الخلاصة
تختلط نظرة السيسي إلى الأمن القومي المصري بنظرته الشخصية إلى أمن نظامه واستقراره. ومن ثم تنبثق سياساته الداخلية والخارجية من أرضية الحفاظ على تماسك وبقاء نظامه. فيعتمد داخليا سياسات قمعية تجاه أي قوة معارضة لسياساته وبالأخص تجاه التيارات الإسلامية. كما يتبنى سياسات اقتصادية نيوليبرالية تسحق الطبقات الوسطى والفقيرة وتكرس الفوارق في الثروة بين مكونات الشعب المصري بما يكفل انشغال المواطنين بتحصيل معاشهم الدنيوي بعد أن ينقسم المجتمع إلى نخبة محدودة تحوز الثروة وتعيش في غنى مطغي، وأغلبية كبيرة تعيش في فقر مُنسي.
أما سياساته الإقليمية فتقوم على دعم استقرار الأنظمة الاستبدادية، والتعاون في مكافحة التيارات الإسلامية بالمحيط الإقليمي وبالأخص في ليبيا، وتسول المساعدات من دول الخليج دون التورط معها ميدانيا في مغامرات عسكرية قد تؤلب عليه القوات المسلحة التي يعتمد عليها داخليا لبسط نفوذه.
ولا يعادي السيسي سوى الدول التي تستقبل المعارضين المصريين وتقدم لهم غطاء سياسيا وإعلاميا مثل قطر وتركيا. في حين يحرص على علاقات وثيقة حتى مع الدول التي تمثل تهديدا تقليديا للأمن القومي المصري مثل إسرائيل طالما تدعم وجوده على رأس السلطة.
أما دوليا فيعتمد السيسي على تصدير
نفسه باعتباره مكافح الإرهاب الأول بالمنطقة، والضامن لاستقرارها، ويستخدم ظاهرة
الهجرة غير الشرعية لابتزاز أوروبا، كما يوظف علاقته الوثيقة مع إسرائيل للترويج
داخل أميركا لأهمية بقاء نظامه الحليف لإسرائيل.
الهامش
[1] – علي عباس مراد. الأمن والأمن القومي مقاربات نظرية، الجزائر، دار الروافد الثقافية، ط1، 2017، ص38.
[2]– كمال عامر، الأمن القومي – الأسس والمفاهيم النظرية – مقال على منتدى المجموعة 73 مؤرخين. باختصار وتصرف.
[3]– المصدر السابق باختصار وتصرف.
[4]– تعتمد هذه الفقرة على دراسة صادرة عن قسم السياسات بالمديرية العامة للسياسات الخارجية بالبرلمان الأوروبي في فبراير 2018 بعنوان (مصر المستقرة من أجل منطقة مستقرة، الاقتصاد الاجتماعي – التحديات والآفاق) للباحث عادل عبدالغفار. وعلى المصادر الواردة في الدراسة أعلاه.
Abdel Ghafar, A stable Egypt for a stable region: Socio-economic challenges and prospects, European Parliament’s online database, ‘Think tank’, 2018
[5] ‘Keeping Egypt’s Politics on the Agenda’, International Crisis Group, 30 April 2017.
[6] ILO Statistics, ‘Egypt’, 10 August 2017
[7] ‘Egypt 2020: The Impact of Military Consolidation on Long-Term Resilience’, IRIS, May 2017, p.5
[8] – انخفضت إيرادات مصر من القناة في عام 2015 إلى 5.175 مليار دولارًا، مقابل 5.465 مليار دولارًا في عام 2014، حسب إعلان هيئة قناة السويس في يناير 2016. وسط تصاعد الحديث عن تزايد الاعتماد في المستقبل القريب على الملاحة في القطب الشمالي كبديل عن قناة السويس، موقع الغد، ممرات الملاحة العالمية الجديدة تهدد قناة السويس والاقتصاد المصري، 21 إبريل 2016.
[9] – كلمة للسيسي بتاريخ 24 فبراير 2016.
[10] – Abdel Ghafar, A stable Egypt for a stable region, p8.
[11] ‘Egypt’s Progress Towards Millennium Development Goals’, UNDP 2015.
[12]World Bank, ‘Egypt, Arab Rep.’, 10 August 2017.
[13] Adel Abdel Ghafar, ‘Youth Unemployment in Egypt: A Ticking Time Bomb’, Brookings Institution, Markaz, 28 July 2016.
[14] Henrik Urdal, ‘A Clash of Generations? Youth Bulges and Political Violence’, International Studies Quarterly 50, no. 3 (Sep. 2006): 607-629
[15] -FIVE YEARS OF EGYPT;S WAR ON TRROR, The Tahrir Institute For Middle East Policy, 2018.
[16] – Adel Abdel Ghafar, A stable Egypt for a stable region, P 26.
[17]– Adel Abdel Ghafar, A stable Egypt for a stable region, P26.
[18] – Adel Abdel Ghafar, A stable Egypt for a stable region, P26,27.
[19]– Adel Abdel Ghafar, A stable Egypt for a stable region, P30.
[20] – المادة 205 من الدستور المصري لسنة 2014.
[21] – صحيفة الأهرام: 26 فبراير 2014.
[22] – العربية نت : 16 نوفمبر 2015. لأول مرة اجتماع الأمن القومي المصري برئاسة السيسي.
[23] – قال السيسي في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة رقم 28، والمنعقدة في 28 إبريل 2018: (التحدي الموجود أمام مصر هو تماسك الدولة المصرية، احنا التحدي مش خارجي، التحدي مش خارجي، التحدي داخلي ازاي تأكلوا بعضكم ازاي تموتوا بعضكم ازاي تكسروا بعضكم ،ركزوا وانتبهوا).
[24]– قال السيسي في كلمة له بتاريخ 24 فبراير 2016 (احنا الهدف بتاعنا هو الحفاظ على الدولة المصرية، الدولة غايتها القومية هي بقاء الدولة، بقاء الدولة، الحفاظ على الدولة ده معناه ايه، معناه ان الدولة المصرية خلال الفترة اللي فاتت او السنوات اللى فاتت كانت معرضة لتهديد حقيقي ومازالت).
[25]– قال السيسي في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة رقم 24، والمنعقدة في 9 فبراير 2018: (احنا حاولنا إن احنا خلال الثلاثة سنين اللي فاتوا أو أكتر نشتغل في إطار هدف استراتيجي لتثبيت الدولة. واستدعينا الإعلاميين وقلنا لهم أنتم في معركه معانا من أجل مصر. التحديات الموجودة جوه البلد ضخمه جدا. وتداعيات حالة الثورة اللي بقالها 6 سنين كانت كبيره جدا جدا. والمؤسسات يعني تأثرت تأثرا شديد جدا).
[26]– المصدر السابق. يقول السيسي (الرسالة اللي عايز أقولها للجيش دلوقتي، عرفت قد إيه عظم وشرف مهمتك، عرفت قد ايه أنت والشرطة مهمتك مقدسة. أنت مش بتنتصر على عدو. أنت بتحمي شعب. أنت بتحمي دولة من الضياع ….إحنا في حرب حقيقيه للحفاظ علي الدولة حتى لا تكون مثل الدول الأخرى).
[27] – كلمة السيسي بمناسبة المولد النبوي الشريف 26 ديسمبر 2016
[28] – انظر كلمة السيسي في عيد الشرطة 24 يناير 2017.
[29] – كلمة السيسي أثناء افتتاح حقل ظهر ببورسعيد في 31 يناير 2018.
[30] – مداخلة السيسي الهاتفية مع عمرو أديب بتاريخ 9 يناير 2017.
[31] – كلمة السيسي في عيد الشرطة 24 يناير 2017.
[32] – كلمة السيسي في المؤتمر الرابع للشباب بالإسكندرية في 24 يوليو 2017.
[33] – كلمة السيسي في الجلسة الختامية للقاء الشباب الدوري الثاني في أسوان 28 يناير 2017.
[34] – كلمة السيسي في 24 فبراير 2016. حيث قال فيها (الروح المعنوية للمصريين لما الناس تبقى قلقانة وخايفة ومش مطمنة على بكرة، في احباط، في يأس في تشكك، وده خطر، خطر جدا).
[35] – انظر : كلمة السيسي بمناسبة المولد النبوي الشريف 26 ديسمبر 2016.
[36] – كلمة السيسي في 24 فبراير 2016.
[37] – كلمة السيسي في افتتاح مشروع بشائر الخير بتاريخ 24 أكتوبر 2016.
[38] – كلمة السيسي في الجلسة الختامية للقاء الشباب الدوري الثاني في أسوان 28 يناير 2017.
[39] – كلمة السيسي في ختام أعمال منتدى شباب العالم في 9 نوفمبر 2017.
[40] – مداخلة السيسي في اللقاء الدوري الثاني للشباب بأسوان 28 يناير 2017
[41] – كلمة السيسي في مؤتمر الشباب بالإسماعيلية، جلسة الأربعاء 26 إبريل 2017.
[42] – كلمة السيسي في افتتاح مشروع بشائر الخير بتاريخ 24 أكتوبر 2016.
[43] – FIVE YEARS OF EGYPT;S WAR ON TERROR, The Tahrir Institute For Middle East Policy, 2018, P35.
[44] -FIVE YEARS OF EGYPT;S WAR ON TRROR, P13.
[45] – تلك الأرقام محصلة رصد شخصي لبيانات وزارة الداخلية فقط دون بيانات القوات المسلحة خلال الفترة المذكورة.
[46] — FIVE YEARS OF EGYPT;S WAR ON TRROR,P42.
[47]– وثق تقرير لـمنظمة هيومن رايتس وتش ما لا يقل عن 3255 عملية هدم بين يوليو 2013 وأغسطس 2015.
[48] – أخبار اليوم 29 يناير 2019، حوار: قائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب: العملية الشاملة فرضت سيادة الدولة على كل شبر.
[49] – أسمهان سليمان، يحدث في الخارجية: مساعي «الأجهزة» للهيمنة على الوزارة، مدى مصر: 1 مايو 2017.
[51] – اعتمدت في هذه الفقرة على التفاصيل المتعلقة بالسياق التشريعي والقانوني الواردة في دراسة:
FIVE YEARS OF EGYPT;S WAR ON TRROR, The Tahrir Institute For Middle East Policy, 2018.
[52] – الأناضول، 20 فبراير 2019.
[53] – أسمهان سليمان، يحدث في الخارجية: مساعي «الأجهزة» للهيمنة على الوزارة، مدى مصر: 1 مايو 2017.
[54] – الكهرباء: رفع دعم الكهرباء في 2022، موقع اقتصاد مصر، 27 يناير 2019.
[55]– قال السيسي خلال كلمته في مؤتمر الشباب المنعقد في 26 إبريل 2017: (القدرة الشرائية بتاعتنا هتقل. الحاجة دي كانت بجنيه، فكان في 10 بيقدروا يجيبوها، بقت بجنيهين، خمسة بس إللي هايقدروا، فحجم الطلب عليها هيتراجع).
[56]–كلمة السيسي في المؤتمر الوطني للشباب بتاريخ 27 يناير 2017.
[57]–كلمة السيسي في المؤتمر الوطني للشباب بتاريخ 27 يناير 2017.
[58] – سامي ترجمان، المعضلة الإسرائيلية في سيناء، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 236 إبريل 2018.
[59] – ديفيد كيركباتريك، التحالف السري: إسرائيل تنفذ ضربات جوية داخل مصر بموافقة القاهرة، نيويورك تايمز، ٣ فبراير ٢٠١٨.
[60]– وهو ما ظهر جليا في قضية التمويل الأجنبي التي اتهمت فيها القاهرة عددًا من المؤسسات الأجنبية مثل المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي الأمريكيين، وفريدم هاوس، ومؤسسة كونراد أديناور الألمانية.
[61]– مبعث التوتر في العلاقات بين أوباما والسيسي تكمن في تبني السيسي لخيار استئصال جماعة الإخوان في مصر، بينما تبنى أوباما أن نظام الحكم السلطوي وإنكار الحقوق الإنسانية والسياسية الأساسية يعملان على إيجاد شعور عام يفضي إلى زيادة التطرف والعنف. وعقب فض اعتصام رابعة العدوية ، ألغى أوباما تدريبات النجم الساطع المشتركة بين الولايات المتحدة ومصر، والتي كان من المحدد إجرائها في الشهر التالي، والتي كانت تعقد منذ عام (1981)، ولم تعد مجددا سوى في سبتمبر 2017. وفي أكتوبر من نفس العام، علقت إدارة أوباما 260 مليون دولار من المعونة الأميركية المقدمة إلى مصر، وجمد تسليم طائرات إف16 بالإضافة إلى 125 من قطع غيار الدبابة إبرامز إم1 أيه1. وظلت تلك المساعدات مجمدة حتى 31 مارس 2015.
[62]– أثناء جلسة استماع لجنة الدفاع الفرعية المنبثقة عن لجنة المخصصات بمجلس النواب الأمريكي، والتي عقدت في 17 إبريل 2013، سألت النائبة الجمهورية كاي جرانجر الجنرال مارتين ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية عما إذا كانت المؤسسة العسكرية في مصر هي لاعب مستقل، ويمكن الاعتماد عليه في ضوء أجواء الاضطرابات التي تمر بها مصر، فأجاب ديمبسي مصر هي إحدى ركائز الاستقرار في المنطقة، وأكد على أن استثمار الولايات المتحدة في علاقتها بالمؤسسة العسكرية المصرية هو استثمار جيد للغاية وكان له تأثيره الواضح في الحفاظ على الاستقرار والأمان. وكذلك أكد وزير الخارجية كيري أثناء جلسة الاستماع مع ذات اللجنة أن واحدًا من أهم استثمارات الولايات المتحدة الأمريكية مع مصر هي علاقتها بالمؤسسة العسكرية منذ أكثر من 30 عاما. وأكد تمتع تلك المؤسسة بالدراية الكاملة بطبيعة العلاقة مع واشنطن في ضوء تلقي العديد من جنرالات الجيش للتدريب والدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية مما سمح للإدارة الأمريكية أن تكون على اتصال لا ينقطع مع المؤسسة العسكرية أثناء الأزمات.
[63] – قال وزير الخارجية كيري أثناء جلسة استماع أمام اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية والمنبثقة عن لجنة المخصصات في مجلس النواب الأمريكي عقدت في 18 إبريل 2013 : إن الجيش المصري يقف كحصن منيع ضد التطرف بالمنطقة.
[64] – للمزيد عن التفاصيل الواردة في هذه الفقرة عن العلاقات العسكرية المصرية الأمريكية انظر:
– Jeremy M. Sharp, Egypt: Background and U.S. Relations, Congressional Research Service. 24 June 2013.
[65]Isaac, ‘The EU’s Democracy-Stability Dilemma Persists in Egypt’; see also Richard Youngs (Summer 2003), ‘European Approaches to Security in the Mediterranean’, Middle East Journal 57, No. 3, (Summer 2003): pp. 414-431.
[66] – تصريح للسيسي عقب لقائه خليفة حفتر بقصر الاتحادية في القاهرة يوم 14 إبريل 2019 في خضم هجوم حفتر على العاصمة الليبية طرابلس.
[67] – اليوم السابع، 9 ديسمبر 2018.
[68] – كلمة السيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 سبتمبر 2017.
[69] – الشروق ، بعد الجولة السادسة.. أبرز نتائج آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان. 10 أكتوبر 2018.
[70] – سامي ترجمان، المعضلة الإسرائيلية في سيناء، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 236 إبريل 2018.
[71] – ديفيد كيركباتريك، التحالف السري: إسرائيل تنفذ ضربات جوية داخل مصر بموافقة القاهرة، نيويورك تايمز، ٣ فبراير ٢٠١٨.
[72] – لمزيد من التفاصيل حول صفقة الغاز وأهدافها انظر: خالد فؤاد ، غاز المتوسط – السعي في طريق غير ممهد، المعهد المصري للدراسات، 2 يناير 2019.
[73] – ميثاق حركة المقاومة الإسلامية حماس، صدر في 18 أغسطس 1988.
أقرأ أيضا: المشهد الأمني السنوي لعام 2019