تصاريح العمل لأهالي قطاع غزة: جزرة إسرائيلية، ومتنفس للغزيين

في شهر مايو 2021، خاضت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة معركة سيف القدس التي حددت هي ولأول مرة بدايتها، والتي انتهت بتفاهمات مع الاحتلال الإسرائيلي قضت بتقديم تل أبيب تسهيلات لقطاع غزة شملت إعطاء تصاريح لأكثر من 15 ألف عامل من غزة للدخول إلى مدن الداخل المحتل والعمل فيها لدى أرباب عمل إسرائيليين.

يشترط الاحتلال لإعطاء التصريح للعامل الغزي بأن يكون متزوجًا أتم 28 عامًا، وليس له أي سوابق تنظيمية مع المقاومة، أو أي انتماء سياسي خاصة لحركتي حماس والجهاد، وألا يكون لأحد من أقاربه من الدرجة الأولى أي ارتباط بالمقاومة أو أن يكون له إخوة قُتلوا في صفوف المقاومة بحيث لا يفكر في المستقبل بالثأر لهم. وبعد التصريح له، يشترط الاحتلال أن تكفله المنشأة التي سيعمل بها.

التحليل

شكّل هذا النوع من التسهيلات متنفسًا لعائلات غزة التي تعاني  ارتفاع معدلات الفقر، وتعتمد بشكل كبير على المساعدات التي تأتيها من الخارج، فالعامل الغزي داخل القطاع يتقاضى يوميًا قرابة 20 شيكل، بينما يتقاضى من عمله لدى الإسرائيليين ما معدله 200 شيكل، أي عشرة أضعاف ما يتقاضاه في غزة. وفي المقابل، يستفيد الاحتلال الإسرائيلي من اليد العاملة الغزية الرخيصة، فالعامل الغزي يتقاضى ربع ما يتقاضاه الإسرائيلي تقريبًا، ونصف ما يتقاضاه العامل الفلسطيني من أبناء الضفة الغربية.

تنطوي تصاريح العمل المقدمة لأبناء قطاع غزة على مخاطر لكلا الجانبين، المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي. فقد تعرض العديد من أبناء القطاع الحاصلين على تصاريح للابتزاز ومحاولات التجنيد من قبل جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك). كما يدرك الاحتلال إمكانية استفادة المقاومة من الحاصلين على التصريحات، فضلًا عن اعتبارها مكسبًا لأهالي القطاع ككل. لكن الأمر ليس بهذه السهولة لكلا الجانبين، فالذين تعرضوا لمحاولات التجنيد من المصرح لهم بدخول الأراضي المحتلة معظمهم يبلغون أجهزة الأمن في غزة عن ذلك، علمًا منهم بأنهم مراقبون بشدة وخوفًا من أن يخسروا فرصة العمل هذه أمام سهولة كشف عمالتهم.

ومؤخرًا، أوقفت سلطات الاحتلال استقبال طلبات تصاريح العمل من غزة تزامنًا مع مضاعفتها لقرارات المنع الأمني من دخول الأراضي المحتلة، ليتقلص عدد المصرح لهم من 17 ألف عامل في نهاية نوفمبر الماضي إلى 13 ألفاً فقط حتى منتصف يناير من العام الجاري.

يدرك الاحتلال الإسرائيلي أهمية الحد من نسب البطالة وإنعاش الحالة الاقتصادية في غزة بالنسبة للمقاومة، لذا يوظف هذه “الجزرة” لتشكيل حالة من الضغط الشعبي عليها واستخدامها كورقة ضغط تشكل عقبة أمامها- في نظره- لو أرادت اتخاذ قرار بالتصعيد العسكري، فإيقاف آلاف العمال الغزيين مثلًا عن العمل دفعة واحدة سيكون له الأثر البالغ على الحالة الاجتماعية داخل القطاع. أما المقاومة فتسعى للحد من معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة، لما لذلك من آثار إيجابية على حاضنتها الشعبية والحالة الاجتماعية داخل القطاع، مع الأخذ بعين الاعتبار مراعاة الضوابط الأمنية والمخاطر التي ينطوي عليها هذا الأمر، وهو ما يجعلها قضية شائكة لدى الطرفين.

مشاركات الكاتب