لماذا تقدم بعض الدول العربية عتادًا عسكريًّا لأوكرانيا؟

مع دخول الحرب الروسية ضد أوكرانيا عامها الثاني، تحافظ بعض الدول العربية على موقف عدم الانحياز لأي طرف من طرفي الحرب، لكن التزاماتها الدولية وشراكاتها الاستراتيجية باتت تفرض عليها بعض الخيارات من وراء الكواليس. تفيد المعلومات بأنَّ الإمارات عازمة على تقديم جزء من طائرات “ميراج 2000-9” الفرنسية المقاتلة لديها إلى أوكرانيا، وتأمل كييف في الحصول على قرابة 40 طائرة من التي تمتلكها القوات الجوية الإماراتية من صنع شركة “داسو” الفرنسية. بالإضافة إلى ذلك، قدمت الإمارات والسعودية وقطر مئات الأنظمة المضادة للطائرات من طراز “ميسترال” لتسلم إلى أوكرانيا، وذلك عبر الوسطاء الداعمين لكييف.

ضمن التفاصيل بحسب موقع انتلجنس أونلاين، فإنَّ هذه الصواريخ والأسلحة لا تُرسل مباشرة إلى أوكرانيا، إنّما تُرسل أولًا إلى الشركة المصنعة في فرنسا حيث تُزال العلامات المكتوبة باللغة العربية تحسبًا لوقوعها في أيدي الروس.

التحليل

أمام استخدام أوكرانيا المكثف للقذائف والصواريخ، بات يفرض على حلفائها في الغرب توفير إمدادات عسكرية جديدة، ما دفع إلى المزيد من الضغوط على الأنظمة العربية المرتبطة بالتزامات وشراكات استراتيجية مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. لكن معظم الدول العربية التي تزود كييف بالأسلحة سرًا تريد الحفاظ على موقفها الحيادي المعلن، فالسعودية والإمارات مثلًا لا تلتزمان بالعقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على روسيا. كما أصبحت الإمارات ملاذًا لرجال الأعمال الروس، الأمر الذي أثار استياء الولايات المتحدة، كما فتحت أبو ظبي أبوابها أمام خبراء الأمن السيبراني الروس الذين يسعون للهروب من التجنيد الإجباري حيث وفرت لهم وظائف في قطاع الدفاع السيبراني.

قد تمثل هذه الخطوات مرحلة جديدة في علاقات تلك الدول العربية مع موسكو، فلو وصلت طائرات “ميراج” الإماراتية إلى أوكرانيا، فسيصبح الدعم العسكري الإماراتي لأوكرانيا أكثر وضوحًا. بينما تبدي الإمارات حتى الآن حذرًا شديدًا حيال هذا الموضوع، مع حرصها على تأكيد عدم انحيازها إلى أي طرف من أطراف الحرب، وكذلك الأمر بالنسبة للسعودية وقطر. ورغم تراجع ثقتها بمظلة الحماية الأمنية الأمريكية في منطقة الخليج، لا تريد هذه الدول التخلي عن علاقة استراتيجية ممتدة مع واشنطن، كما لا تحبذ استعداء موسكو في حرب هي الأولى خارج المنطقة العربية منذ عقود.

لكن، من المستبعد أن تأخذ دول الخليج العربي موقفًا منحازًا بالكلية للغرب ضد روسيا، فهي وإن قدمت بعض العتاد والذخائر والأسلحة إلى كييف عبر وسطاء، إلا أنَّ صادراتها من السلع الحيوية إلى روسيا أيضًا تعزز جهود الجيش الروسي لسد النقص في المكونات اللازمة له في الحرب، خاصة الإمارات التي باتت مركزًا لشحن المعدات الإلكترونية إلى موسكو والتي يمكن استخدامها لتعزيز المجهود الحربي الروسي. فقد قفزت صادرات الأجزاء الإلكترونية من الإمارات إلى روسيا أكثر من سبعة أضعاف العام الماضي مسجلة 283 مليون دولار، وارتفعت صادراتها من الرقائق الإلكترونية الدقيقة بأكثر من 15 ضعفًا في عام 2022 مقارنة بعام 2021، وصدّرت أبو ظبي 158 طائرة مسيرة إلى روسيا العام الماضي، بقيمة تقارب 600 ألف دولار، وَفقًا لبيانات الجمارك الروسية التي حللتها مؤسسة روسيا الحرة.

يترجح أن تسعى الدول العربية المذكورة للحفاظ على سياسة عدم الانحياز في ظل تفاهمات إقليمية ودولية أجرتها مع إيران وروسيا من جهة، وعدم تخليها عن التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة من جهة أخرى.

مشاركات الكاتب