أجريت السبت 5 أكتوبر 2019 في دولة الإمارات انتخابات المجلس الوطني الاتحادي لاختيار 20 عضوا بالمجلس. بينما أعضاء المجلس الوطني المتبقون، والبالغ عددهم عشرون عضوا آخرين، فيختارهم حكام إمارات الاتحاد السبعة، حيث يسمي كل حاكم ممثلي إمارته ليصير إجمالي عدد أعضاء المجلس الوطني 40 عضوا، بواقع: 8 مقاعد لإمارة أبو ظبي، و8 مقاعد لإمارة دبي، و6 مقاعد لإمارة الشارقة، و6 مقاعد لإمارة رأس الخيمة، و4 مقاعد لإمارة عجمان، و4 مقاعد لإمارة الفجيرة، و4 مقاعد لإمارة أم القيوين.
ويمثل المجلس الوطني الاتحادي السلطة الاتحادية الرابعة من حيث الترتيب في سلم السلطات الاتحادية المنصوص عليها في الدستور الإماراتي، وهي:
1-المجلس الأعلى للاتحاد:
الذى يعد بمثابة السلطة العليا في الدولة. ويختص برسم السياسة الداخلية والخارجية، والتصديق على القوانين الاتحادية قبل إصدارها. وتصدر قراراته في المسائل الموضوعية بأغلبية خمسة من أعضائه على أن يكون من بينهم صوتا أبو ظبي ودبي. بينما في المسائل الإجرائية تصدر القرارات بأغلبية الأصوات.
2- رئيس الدولة:
يُختار رئيس الدولة ونائبه من بين حكام الإمارات السبعة أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد. ويرأس رئيس الدولة المجلس الأعلى للاتحاد. ويوقع القوانين والمراسيم الصادرة عنه، ويعين الممثلين الدبلوماسيين لدى الدول الأجنبية. وقد جرت العادة منذ تأسيس الإمارات عام 1971 أن يكون رئيس الدولة هو حاكم إمارة أبو ظبي.
3- مجلس الوزراء الاتحادي:
هو الهيئة التنفيذية للدولة، ويعمل تحت رقابة رئيس الاتحاد والمجلس الأعلى على تصريف الشؤون الداخلية والخارجية للدولة. وفي حين تتمتع الحكومة الاتحادية بسلطات محددة وفقا للدستور، تتمتع حكومات الإمارات السبعة كل على حدة بسلطات واسعة، حيث تحتفظ كل إمارة بالسيطرة على نفطها وثرواتها المعدنية وأمنها الداخلي.
4- المجلس الوطني الاتحادي:
وهو مجلس استشاري يفترض
نظريا أن يتولى مناقشة مشاريع القوانين والموازنة[1]. وكان أعضاؤه يُختارون
بالتعيين من قبل حكام الإمارات السبعة، ثم صار نصفهم يختار عبر انتخابات غير
مباشرة منذ عام 2006. ومنذ ذلك الحين أجريت 3 انتخابات منذ عام 2011 كل 4 سنوات. ويقتصر
حق الاقتراع على عدد محدود من مواطني الإمارات، حيث بلغ في الانتخابات الجارية
مؤخرا 337738 مواطنا فقط من بين نحو مليون
مواطن إماراتي.
الانتخابات الأخيرة للمجلس الوطني:
بدأت رسميا حملة الدعاية من قبل المرشحين لانتخابات المجلس الوطني في بداية سبتمبر 2019، واستمرت 27 يوما حتى الجمعة 4 أكتوبر. وأجريت الانتخابات يوم 5 أكتوبر في 39 مركزا انتخابيا داخل الإمارات بين 495 مرشحا ومرشحة. في حين فُتح باب التصويت بالخارج في 118 مركزا انتخابيا بسفارات وقنصليات الدولة خلال يومي الأحد والإثنين الموافقين 22 و23 من سبتمبر الماضي.
وحسب اللجنة الوطنية للانتخابات المشرفة على سير العملية الانتخابية؛ فقد شارك في التصويت 117592 مواطنا بنسبة 34.8% ممن يحق لهم الانتخاب. وهي نسبة ضئيلة تعكس إحجام المواطنين عن المشاركة بفاعلية في عملية التصويت. وقد شهدت تلك الانتخابات رفع نسبة تمثيل المرأة لتصبح 50% من أعضاء المجلس الوطني بإجمالي 20 مقعدا في حين كانت نسبة تمثيل المرأة 20% في انتخابات 2006.
وقد تمحورت برامج المرشحين حول توطين
الوظائف، وتمكين الشباب، وتطوير التعليم والصحة، والاستفادة من خبرات المتقاعدين
ومساعدتهم، وتحفيز الاستثمار والسياحة. في حين غاب عن برامج المرشحين الحديث عن
السياسة الخارجية للإمارات، سواء في اليمن، أو ليبيا، أو ما يخص أزمة حصار قطر،
فضلا عن اختفاء أي حديث عن المطالبة بإصلاح سياسي. وهذا الاختفاء للحديث عن الشأن
السياسي في البرامج الانتخابية تفسره سياسات أبو ظبي التي لا تسمح بأي معارضة من
قبل المواطنين لقرارت وسياسات الدولة. وهو ما تشدد عليه القوانين الإماراتية التي
تحظر تشكيل أحزاب سياسية. بل وينص قانون مكافحة الجرائم الإرهابية الصادر عام 2014
على أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من أعلن بإحدى الطرق العلنية
عداءه للدولة أو لنظام الحكم فيها أو عدم ولائه لقياداتها[1].
انسحاب 4 مرشحين
شهدت الانتخابات انسحاب 4 مرشحين على رأسهم المرشح عن دبي عبد الله غيث الذي يحمل شهادة بكالوريوس في القانون والسياسة فضلا عن شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة لندن. وقد عزا غيث انسحابه إلى وجود قيود على مناقشته “قضايا وطنية جادة، كتطوير المجلس الوطني بصلاحيات تشريعية، ورفع سقف حرية التعبير والنقد البناء” مضيفا في بيان نشره على حسابه بتويتر: “من غير المعقول عدم السماح لمرشح سياسي بطرح قضايا سياسية ووطنية جادة”.
ومن خلال ما سبق يتضح أن انتخابات المجلس الوطني الإماراتي لا تعكس ديموقراطية حقيقية، حيث يجري التحكم في أعداد من يحق لهم الانتخاب، فضلا عن تعيين النصف الآخر من أعضاء المجلس، بالإضافة إلى فرض قيود على أي مرشح يحاول الاقتراب من تناول القضايا السياسية. وهو ما يجعل نشاط المجلس مقتصرا على دعم الخط السياسي للدولة ويغلق باب النقاشات الحرة حول التهديدات الاستراتيجية التي تجابه الإمارات وكيفية مجابهتها انطلاقا من الصالح العام بعيدا عن الخط السياسي لبعض المتنفذين من أمراء الأسر الحاكمة.
المراجع
[1]– مجلة درع الوطن, الإمارات العربية المتحدة، مديرية التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة الإماراتية، العدد 513، أكتوبر 2014، ص47.
[1]– لمزيد من التفاصيل عن شكل نظام الحكم بالإمارات واختصاصات مؤسساته انظر: دستور الإمارات الصادر عام 1971 والتعديلات عليه وصولا إلى عام 2009.
اضغط لتحميل الملف