تقرير الخارجية الأمريكية السنوي لمكافحة الإرهاب
نشرت وزارة الخارجية الأمريكية مطلع شهر نوفمبر 2019 تقريرها السنوي عن مكافحة الإرهاب لعام 2018 فيما يزيد عن 260 صفحة. وهو تقرير تُلزم الوزارة بتقديمه سنويا إلى الكونغرس وفقًا للمادة 22 من قانون الولايات المتحدة حيث يتناول ما تعتبره الوزارة أنشطة إرهابية على مستوى العالم سواء من قبل بلدان أو جماعات وتنظيمات.
تقييم عام للتطورات في أحداث 2018
أشار التقرير إلى أن أميركا وشركاؤها تمكنوا في عام 2018 من إنهاء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على كافة الأراضي التي كان يتحكم بها في سوريا والعراق مما مهد الطريق لاحقا في عام 2019 للقضاء بشكل كامل على دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم.
كما واصلت أميركا وشركاؤها تتبع عناصر تنظيم القاعدة على مستوى العالم، والضغط بأقصى قدر على الجماعات المقربة من إيران، وتوسيع العقوبات بشكل كبير على الجهات الفاعلة والحكومية الإيرانية.
وعلى الرغم من هذه النجاحات حسب التقرير، فقد أثبت تنظيم الدولة قدرته على التكيف، وتمكن من شن هجمات في الشرق الأوسط وجنوب وشرق آسيا وأفريقيا. كما مثلت عودة عدد من مقاتلي التنظيم إلى بلادهم الأصلية أو انتقالهم إلى بلاد جديدة عقب مغادرتهم سوريا والعراق خطرا جديدا. وكذلك أظهر حادث إطلاق النار في ستراسبورج بفرنسا في ديسمبر 2018، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح 12 آخرين، قدرة معتنقي أفكار التنظيم المحليين على الضرب في قلب أوروبا الغربية.
اتهم التقرير إيران بإنفاق ما يقرب من مليار دولار سنويا لدعم الجماعات المقربة منها مثل حزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد الفلسطينيين، فضلا عن توفير ملاذ آمن لعدد من أعضاء تنظيم القاعدة.
كما كشف التقرير عن إدراج وزارة الخزانة الأمريكية 157 اسما لكيانات وأشخاص على قائمة الإرهاب من أجل وقف تدفق الموارد التي يمكن استخدامها لشن هجمات إرهابية.
كما وقعت أميركا في عام 2018 ثلاثة اتفاقيات جديدة لمشاركة قوائم مراقبة الإرهابيين مع دول أخرى، ليصل بذلك إجمالي عدد الدول الشريكة إلى 72 دولة مما يساهم في تقييد سفر المتهمين بالإرهاب
وكذلك تم توسيع نظام تحديد الهوية الشخصية الذي تستخدمه أميركا ليشمل 227 منفذ دخول في 23 دولة، يتم خلالهم فحص أكثر من 300000 مسافر يوميًا.
كما أطلقت وزارة الخارجية مبادرة أدلة ميدان المعركة بالتنسيق مع وزارتي الدفاع والعدل، لتمكين أميركا وشركاؤها من استخدام المواد الخاصة بالأعداء والمتحفظ عليها في ميادين المعارك، بشكل أكثر فعالية في الملاحقات الجنائية.
السعودية و الإمارات و قطر في التقرير
و فيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية أشار التقرير إلى مواصلة السعودية جهودها للترويج لما تسميه “الإسلام المعتدل”، على الرغم من استمرار تقديمها بعض الدعم لوجهات النظر غير المتسامحة في بلدان أخرى، واستمرار بعض الكتب المدرسية السعودية في تضمين لغة تعزز التمييز والتعصب والعنف.
كما أشار إلى انتقادات المنظمات الحقوقية لتوظيف السعودية لقانون مكافحة الإرهاب في تقييد حرية التعبير، ومنع تكوين جمعيات مدنية من خلال وضع تعريف واسع للغاية للإرهاب يتم تطبيقه على الجرائم غير العنيفة، بما في ذلك النشاط السياسي أو الاجتماعي السلمي.
كما شكك التقرير في مدى فعالية برامج إعادة تأهيل المتهمين بالتطرف قائلا أنها تفتقر إلى مقاييس تثبت فعالية تلك البرامج التي تصفها الحكومة السعودية بأنها ناجحة.
و فيما يخص دولة الإمارات أشار التقرير إلى تأكيد المنظمات غير الحكومية والناشطين في مجال حقوق الإنسان على أن الإمارات تستخدم قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية كغطاء لمتابعة القضايا ضد المعارضين السياسيين والنشطاء السلميين. كما أشار إلى إدراج عدد من الناشطين والأكاديميين والصحفيين الذين كتبوا انتقادات حول سياسة الإمارات العربية المتحدة في قوائم الترقب والمنع من دخول الإمارات.
وحسب تعبيرات التقرير، مازالت الإمارات تمثل مركزًا ماليًا وعالميًا للتواصل بين التنظيمات الإرهابية لإرسال الدعم المالي وتلقيه، وبالأخص في ظل تباين امتثال المناطق التجارية الحرة بالإمارات لأفضل الممارسات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما في ذلك دور الصرافة المرخصة، والشركات التجارية التي تقوم بدور المرسل للأموال.
وفيما يتعلق بقطر أشار التقرير إلى استمرار الولايات المتحدة وقطر في زيادة التعاون في مكافحة الإرهاب في عام 2018 ، بناءً على التقدم المحرز بعد توقيع وزير الخارجية الأمريكي ووزير الخارجية القطري مذكرة تفاهم لمكافحة الإرهاب في يوليو 2017.
كما أشار إلى تقديم وزارة الخارجية الأمريكية لبرنامج تدريبي على مكافحة الإرهاب مدته ثلاث سنوات يشمل تدريبا متعلقا باستعدادات قطر لاستضافة كأس العالم في عام 2022. وتعزيز التعاون لدعم قدرات أجهزة الجمارك وأمن الحدود على فحص ما يقدر بنحو 30 مليون مسافر يمرون عبر مطار حمد الدولي كل عام.
الخلاصة
بطبيعة الحال يعكس التقرير المنظور الأميركي تجاه الدول والتنظيمات التي يتطرق لها، لكنه يوضح جديد الإجراءات الأميركية فيما يتعلق بالتنسيق الأمني مع الدول الأخرى، وبرامج التدريب التي تقدمها الحكومة الأمريكية لحلفائها، فضلا عن تناول التقرير للخطوات الإيجابية وجوانب القصور التي تتسم بها الإجراءات الأمنية في معظم دول العالم. وهو ما يجعل الإطلاع عليه مفيدا للمهتمين بمجال مكافحة الإرهاب، والباحثين والخبراء في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية.