تصدرت أزمة الجنائية الدولية ومطالبتها بتسليم البشير الشهر الماضي، إذ زار مدعي المحكمة كريم خان السودان في 20 أغسطس لمدة 5 أيام لبحث سبل تعاون الحكومة السودانية في مثول المطلوبين أمام المحكمة، وصرح بأن الحكومة السودانية منعته من لقاء المطلوبين لديها طالبًا منها التعاون معهم. مضيفًا أن فريقًا من المحكمة سيصل الخرطوم في أكتوبر المقبل لافتتاح مكتب لتحقيق التواجد الميداني للمحكمة في الخرطوم.
وتطالب المحكمة الخرطوم بتسليم أربعة متهمين هم: البشير والقيادي بحزب المؤتمر الوطني أحمد محمد هارون ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين وعبد الله بندة أحد قادة المتمردين في إقليم دارفور غربي السودان.
وفي لقاء له مع مجلس الأمن عبر خاصية الفيديو كونفرانس من الخرطوم، أبلغ خان مجلس الأمن أن السلطات السودانية رفضت وصول محققي المحكمة إلى البشير، ولاحقًا طالبت 9 دول من أعضاء المجلس (من أصل 15) الخرطوم بالتعاون التام مع المحكمة. ونفت الحكومة السودانية أن يكون مدعي المحكمة الجنائية الدولية، قد تقدم بطلب لمقابلة المطلوبين لدى المحكمة خلال زيارته للخرطوم، وهو ما أعقبه اتهام سفراء 11 دولة غربية وبعثة الاتحاد الأوروبي، “العسكريين” في السودان بالتراجع عن التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية منذ “استيلائهم على السلطة” في 25 أكتوبر الماضي.
وكانت الحكومة السودانية السابقة قد أعلنت في فبراير 2020، أنها اتفقت مع الحركات المسلحة في دارفور على تسليم من صدرت بحقهم أوامر اعتقال من الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”، يشمل البشير.
التحليل
تتجدد قضية تسليم البشير ومعاونيه للجنائية الدولية باستمرار على الساحة السودانية، إلا أنه من المستبعد التعاون بين العسكريين السودانيين والجنائية الدولية في إتمام التسليم، نظرًا لعدة أمور من أهمها؛ وجود دور حتى الآن لأفراد الحركة الإسلامية في أجهزة الدولة وبالأخص الأمنية منها، بالإضافة إلى فاعلية الدور القبلي والاجتماعي في أروقة الحكم السودانية ومن ثَمّ يضع العسكريون هذا بعين الاعتبار، والأمر الأخير هو أن البشير رجل عسكري بالأساس وفتح باب تسليمه للجنائية سيعقبه تسليم آخرين متورطين في التهمة نفسها، وهذا يمس بتماسك المؤسسة العسكرية بجانب أن القيادات الحالية على رأس المؤسسة العسكرية وبالأخص رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه حميدتي أحد المدانين في هذه الجرائم، ومن ثَمّ لن يفتحوا على أنفسهم باب المطالبة بتسليمهم لاحقًا.