هل ينجح التحرك السعودي في إحياء محادثات السلام في السودان؟

مع جمود مبادرات السلام منذ أغسطس الماضي، تكافح السعودية لإقناع شركائها الإقليميين باستئناف جولة مفاوضات جديدة.

رغم إخفاقاته السابقة وتشككه الإقليمي، لا يزال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعتقد أنَّ الحرب المدمرة في السودان يمكن حلها من خلال الوساطة، وطرح الفكرة على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 13 مايو خلال جولة الأخير في منطقة الخليج. ولم تُدلِ واشنطن بأي تعليق علني حول فكرة إحياء عملية السلام التي انهارت بالفعل مرتين، الأولى في ديسمبر 2023 في جدة والثانية في أغسطس التالي في جنيف.

يأمل محمد بن سلمان في إشراك مفوضية الاتحاد الإفريقي في الوساطة، والتي من المقرر أن يصل رئيسها الجديد محمود علي يوسف إلى العاصمة السعودية في 29 مايو لمناقشة سبل إنهاء الحرب. وبعد فترة وجيزة من تصاعد الصراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى صراع شامل في أبريل 2023، تمكنت الولايات المتحدة والسعودية من جمع ممثلين عن الطرفين المتحاربين على طاولة الحوار، ولكن في أعقاب الوعود الكاذبة بشأن وقف إطلاق النار والممرات الإنسانية سقطت مبادرة جدة في ديسمبر التالي.

غداء دبلوماسي

في الأسابيع الأخيرة، أبلغ مبعوثون سعوديون دبلوماسيين مصريين وقطريين سرًا أنَّ محمدًا بن سلمان يريد إحياء العملية، وإن كان ذلك بإطار مختلف. طُرح الموضوع خلال غداء في 11 مايو في بورتسودان، حضره سفراء السعودية وتركيا وإيران والصين وروسيا وقطر الذين بقوا في المدينة بعد الغارات الجوية التي شُنت عليها في أوائل مايو، بينما لم يُخفف ذلك من التشاؤم السائد بين العديد من الدبلوماسيين الغربيين والسياسيين السودانيين. 

وبينما حافظت الرياض في البداية على موقف محايد في الصراع، إلا أنَّها أصبحت منذ ذلك الحين أقرب بشكل ملحوظ إلى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان. لكن الطموحات السعودية تأتي في لحظة محورية في حرب السودان، فرغم التقدم العسكري الذي حققه الجيش السوداني، لا سيما استعادة الخرطوم في مارس الماضي، فإنَّ زخمه توقف فجأةً بسبب ضربات الطائرات المسيرة على معاقله في بورتسودان في أوائل مايو. ومع بدء موسم الأمطار الذي حدّ من قدرة أيٍّ من الجانبين على شنّ هجمات برية جديدة، يبدو أنَّ ميزان القوى قد بدأ يتغير مرة أخرى.

بالنسبة للسعودية فإنَّ الجزء الأصعب من القضية هو إقناع البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي). من جانبه، امتعض البرهان لعدم دعوته إلى المؤتمر الدولي الذي عُقد في لندن في 15 أبريل في محاولة فاشلة لتشكيل مجموعة اتصال لتسهيل محادثات السلام. كما فشلت محاولة لإحالة شكوى ضد الإمارات بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية إلى محكمة العدل الدولية؛ وذلك لأنَّ أبو ظبي اتخذت الحيطة بإضافة “تحفظ” يضمن الحصانة عند مصادقتها على اتفاقية الإبادة الجماعية. وفي 19 مايو، اتُّهمت الإمارات رسميًّا بمسؤوليتها عن هجمات الطائرات المسيرة على بورتسودان.

تاريخ النشر في 27/5/2025         أفريقيا انتليجنس

مشاركات الكاتب