تخطي الروابط

السودان 4 – 10 يوليو 2025

الملخص

يعكس إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قمة دبلوماسية تجمع مصر والإمارات والسعودية في واشنطن، تحولًا ملحوظًا في موقف الولايات المتحدة تجاه الأزمة السودانية، بعدما كانت تكتفي بإجراءات عقابية ضد أطراف النزاع. ويأتي هذا التحول بعد دخول العقوبات حيز التنفيذ، إثر اتهام الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية، مما يشير إلى رغبة إدارة ترامب في تقليل تكاليف الانخراط غير المباشر، واستعادة زمام المبادرة عبر مسار دبلوماسي تقوده واشنطن. وتُعد استضافة القمة محاولة لإعادة ضبط التوازن بين حلفاء أمريكا المتباينين في الملف السوداني، وتفادي المزيد من التصعيد الإقليمي الذي يهدد الاستقرار في القرن الإفريقي.

من جهتها، تحاول القاهرة حماية مصالحها الأمنية واحتواء تصدير الفوضى من السودان إلى ليبيا، والعكس، فاستضافت اجتماعًا ثلاثيًا مع مسؤولين ليبيين وسودانيين، في ظل اتهامات سودانية للمشير حفتر بدعم قوات الدعم السريع عبر المثلث الحدودي. 

تتكشف تدريجيًا أبعاد التورط الإماراتي في دعم الدعم السريع، ليس فقط عبر الدعم اللوجستي، بل من خلال استخدام أدوات ناعمة كالرياضة والتطبيع، وهو ما تُظهره رحلة “حميدتي” إلى آسيا ولقائه جهات إسرائيلية في إطار وساطة إماراتية، مع محاولات الضغط على حلفاء الخرطوم عبر المحافل الدولية. وتسلط التقارير المتواترة الضوء على شبكة تهريب عابرة للحدود تشارك فيها شركات وهمية ومستشفيات ميدانية وطائرات خاصة، وهو ما يعكس نموذجًا معقدًا من الحرب بالوكالة تستخدم فيه أبوظبي واجهات مدنية لتحقيق أهداف عسكرية واستراتيجية، خصوصًا في المناطق الرخوة كجنوب ليبيا وغرب السودان وتشاد.

على الجبهة الداخلية، يحاول رئيس الوزراء السوداني تثبيت الاستقرار عبر التعيينات الوزارية وفتح قنوات مع القوى السياسية والدول الصديقة، في ظل استمرار انقسام النخبة الحزبية وتداخل الولاءات بين الجيش والدعم السريع. وتكشف التحركات الأخيرة عن هشاشة التوازن الداخلي، حيث يظل الصراع على تمثيل الشرعية قائمًا، وسط محدودية قدرات الدولة على ضبط الأمن في المناطق الحدودية، كما يُظهره فتح طريق الكفرة–الزرق مجددًا بدعم ليبي للدعم السريع، وإغلاق معبر الرقيبات من قِبل قوات جنوب السودان. وهو ما يؤكد أن المعضلة السودانية ليست شأنًا داخليًا فقط، بل أزمة إقليمية مُعقدة تتداخل فيها الحسابات الأمنية والسياسية والاقتصادية بين أكثر من طرف فاعل.