تخطي الروابط

الاحتلال الإسرائيلي 25– 31 يوليو 2025

الملخص

تُظهر تطورات الملف الفلسطيني تعثرًا متزايدًا في مسار المفاوضات، مقابل صعود نهج فرض الوقائع الميدانية بديلاً عن التفاهمات السياسية. فمع انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، ودخولها في نفق مسدود، وقد جاءت الاتهامات المتبادلة عقب انسحاب الوفود لتكرّس هذا الانهيار: فبينما حمّلت واشنطن وتل أبيب حركة حماس مسؤولية إفشال الاتفاق، اتهمت حماس الوسيط الأميركي “ويتكوف” بالانحياز المسبق للاحتلال.

وفي ظل هذا الانسداد، لم تكتف الإدارة الأميركية برفع الغطاء عن حماس، بل انتقلت إلى مستوى غير مسبوق من التهديدات العلنية، حيث توعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقضاء على الحركة، في خطاب يشي بنقل الملف من طاولة التفاوض إلى ساحة التصفيات. ورغم الإعلان عن هدنة إنسانية يومية محدودة لعشر ساعات وتسهيل إدخال مساعدات إنسانية عبر البر والجو، فإن هذا الترتيب بلم يُفذ عمليا، ولازالت المجاعة تضرب غزة.

في هذا السياق، برزت الخطة الإسرائيلية لـ”الضم التصاعدي” لقطاع غزة، التي حظيت بمباركة ترامب، كمؤشر على تحوّل جذري في المقاربة الإسرائيلية للصراع. فبعد سنوات من اعتماد الضغط العسكري والسياسي كأداة لإخضاع القطاع، تنتقل إسرائيل اليوم إلى سياسة فرض الأمر الواقع عبر السيطرة التدريجية والميدانية، وهي مقاربة تهدف داخليًا إلى طمأنة التيار الديني القومي، والحفاظ على تماسك الائتلاف الحاكم. 

في المقابل، حاولت فرنسا تقديم مخرج رمزي من الأزمة عبر إعلان اعترافها بدولة فلسطينية، لكن الاعتراف جاء مشروطًا بتفكيك سلاح حماس وإنهاء المقاومة المسلحة، مما حوّله إلى اعتراف شكلي يؤسس لدولة بلا أدوات سلطة حقيقية بهدف وحيد هو ضمان أمن إسرائيل. 

واللافت أن هذا التوجه وجد له صدى في مواقف عربية كانت حتى وقت قريب داعمة لحماس. فخلال المؤتمر الدولي الأخير، أيّدت دول كمصر وقطر والسعودية، ولأول مرة بشكل مشترك، المطالبة بنزع سلاح حماس وإنهاء سيطرتها على غزة تحت شعار “توحيد الحكم والأمن الفلسطيني”.

أما على الجبهة السورية، فقد تزامنت هذه التحولات مع ما وصفه مراقبون بلحظة مفصلية في مسار الصراع السوري-الإسرائيلي. إذ أعادت كل من فرنسا والولايات المتحدة فتح قنوات التواصل بين دمشق وتل أبيب، في محاولة لضبط إيقاع التدخلات الإسرائيلية في الجنوب السوري، وتثبيت تفاهمات أمنية مثل “اتفاق فصل القوات 1974”. وتقوم الرؤية الإسرائيلية الجديدة على إخضاع الجنوب السوري لترتيبات أمنية تُنزع فيها السيادة السورية عمليًا، من خلال فرض منطقة منزوعة السلاح على تخوم الجولان، تمتد حتى درعا.وتبدو إسرائيل، مدفوعة بتفويض أميركي غير مسبوق من إدارة ترامب، عازمة على رسم خريطة أمنية جديدة في محيطها، تستبدل فيها الحلول التفاوضية بالسيطرة التدريجية، وتُعيد هندسة الكيانات المجاورة بما يضمن لها الأمن.