الضفة الغربية تشتعل: هل سقطت قمة العقبة في مهدها؟

على وقع تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية والأراضي المحتلة إثر تصاعد اعتداءات الاحتلال، عُقدت في 26 فبراير قمة العقبة في الأردن بين كبار مسؤولي الأمن لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، وذلك برعاية أمريكية ومشاركة ممثلين عن الأردن ومصر. واتفق المجتمعون على تشكيل لجنة أمنية مشتركة لبحث استئناف التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية، بحيث تنظر هذه اللجنة في مدى استعداد السلطة وقدرتها على تحمل مسؤولية تفكيك البنية التحتية للمقاومة في الضفة الغربية. على أن يعقد الطرفان اجتماعًا آخر في مصر في مارس 2023 لبحث التقدم في المجال الأمني. فيما تضاربت الأنباء حول التزام المسؤولين الإسرائيليين بتجميد عمليات الاستيطان.

بينما المجتمعون مستغرقون في البحث عن السبل الأجدى لإيقاف مد المقاومة حدثت عملية إطلاق نار في بلدة حوارة جنوب نابلس أسفرت عن مقتل مستوطنين اثنين، فيما انسحب المنفذ من مكان العملية بسلام. تبع ذلك اقتحام عشرات المستوطنين للبلدة مساءً، حيث رشقوا منازل الفلسطينيين بالحجارة وأحرقوا عشرات السيارات والمنازل.

عقب انتهاء القمة، صرح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأنَّه لن يكون هناك تجميد لعمليات الاستيطان ولا ليوم واحد، كما قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أنَّ “ما كان في الأردن  سيبقى في الأردن”. وأعقب ذلك تصريحات لمسؤولين إسرائيليين تستنكر ما قاله سموتريتش وبن غفير في سجالات تعكس اتساع الفجوة داخل كيان الاحتلال. وفي اليوم التالي قُتل مستوطن في عملية إطلاق نار قرب أريحا، فيما انسحب المنفذ من المكان بسلام أيضًا.

التحليل

سعت قمة العقبة لتحقيق عدة أهداف من أبرزها إعادة السلطة الفلسطينية لدورها الوظيفي في مواجهة المقاومة في الضفة تحقيقًا لأمن واستقرار الاحتلال، لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي سفن المجتمعين. فقد كشف حادث عمق الأزمة التي يعيشها كل من الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية على حد سواء.

يعيش الاحتلال أزمة داخلية هي الأشد في تاريخه، مع حكومة تضم خليطًا من الصهاينة المتطرفين دينيًّا الذين يرفضون التهدئة التي تسعى إدارة الرئيس الأمريكي بايدن لفرضها في فلسطين والمنطقة. وتشير تصريحات سموتريتش وبن غفير والردود التي أعقبتها، وهجوم المستوطنين على منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم، إلى توجه بالتصعيد واتخاذ قرارات غير محسوبة العواقب، وتجاهل نصائح المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

علاوة على ذلك، تعيش السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس حالة من الشلل التام، في ظل فشل عملية التسوية السلمية مع الاحتلال وقناعة شريحة واسعة من الشباب الفلسطينيين بعدم جدوى هذا الخيار، فضلًا عن الخلافات المحتدمة بين أقطاب السلطة على من يخلف محمود عباس في الرئاسة. وهو ما جعل الأمور تتفلت من بين أيديها أكثر فأكثر.

من المتوقع أن تكون الأيام القليلة القادمة حاسمة فيما يتعلق بالوضع الأمني في الضفة الغربية، مع دفع الاحتلال بتعزيزات أمنية وعسكرية إلى الميدان وتخوف مسؤوليه من انتفاضة ثالثة تشعل المنطقة برمتها، وهو ما توقعه أيضًا مدير المخابرات المركزية الأمريكية وليم بيرنز في تصريحات له مؤخرًا. ولا أبلغ من أن يقال إنَّ قمة العقبة لها من اسمها النصيب الوافر، حيث تعوقها الكثير من العقبات على أرض الواقع.

مشاركات الكاتب