تخطي الروابط

السودان 27 يونيو – 2 يوليو 2025

الملخص

يعكس حضور الفريق أول عبد الفتاح البرهان لمؤتمر تمويل التنمية في إشبيلية محاولة سودانية منظمة لكسب الشرعية الدولية في مرحلة ما بعد الحرب، وتسويق الحكومة الحالية بوصفها شريكًا قابلًا للدعم في مشروعات إعادة الإعمار. خطابه الذي طالب بإصلاح النظام المالي العالمي وسعى لتمييز الدعم “المستدام” عن “التعاطف” يشير إلى محاولة إعادة تقديم السودان كدولة ذات سيادة وليس مجرد دولة فاشلة تتلقى المساعدات. غير أن غياب الولايات المتحدة والإمارات، وهما لاعبان محوريان في الملف السوداني، أثار تساؤلات حول الدعم الفعلي للبرهان.

وتأتي اللقاءات التي جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بكل من البرهان وخليفة حفتر في ذات اليوم، في سياق إقليمي متداخل، أبرز معالمه احتدام الصراع في المثلث الحدودي بين السودان وليبيا وتشاد. اللقاءات بعثت رسالة بأن القاهرة لن تسمح بخلخلة ميزان القوى عند حدودها الجنوبية. لكن يبقى هذا التحرك حذرًا، ويعكس رغبة مصر في الحفاظ على توازن دقيق مع كل أطراف الأزمة.

داخليًا، تتشكل معالم مشهد سياسي مزدوج في السودان، يتراوح بين محاولات بناء “شرعية مؤسسية” من طرف الحكومة عبر استكمال التشكيل الوزاري، وتشكيل “مشروع سياسي موازٍ” تقوده قوات الدعم السريع وتحالف السودان التأسيسي بزعامة حميدتي وعبدالعزيز الحلو. إعلان التحالف أنه يسعى لبناء دولة جديدة يشير إلى نوايا انقلابية على النظام السياسي القائم، ويستدعي تساؤلات عن قابلية هذا التحالف للتماسك، نظرًا لتعدد المرجعيات الأيديولوجية فيه. 

على الصعيد العسكري، يستمر النزاع في التمدد جغرافيًا مع تكتيكات جديدة من الطرفين؛ فالدعم السريع كثف الحصار حول الفاشر عبر الخنادق كما رفض مبادرة الهدنة، بينما لجأ الجيش لتكثيف الضربات الجوية في نيالا وجنوب كردفان، مع صد هجمات معقدة في شمال السودان. اللافت هو التوتر على الجبهة الشرقية، مع رصد توغل قوات أمهرا الإثيوبية في القلابات، ما يعيد إلى الواجهة أزمة الفشقة ويهدد الأمن الزراعي في موسم حرج. هذا التصعيد المتعدد الجبهات يعكس تحول السودان إلى ساحة صراع إقليمي مفتوح، تهدد فيه قدرة الحكومة على التحكم بمسارات الأزمة في ظل محاولات تدويلها.