الملخص
يشير قرار الرئيس ترامب بإلغاء جزء من العقوبات المفروضة على سوريا إلى توجه أمريكي بدعم مرحلة “التعافي” في سوريا. وفي المقابل، حرصت موسكو على إرسال رسالة إيجابية تجاه حكومة الشرع من خلال الإشارة لدعوتها رسميا للمشاركة في القمة العربية–الروسية المقبلة، ما يعكس توجّهًا روسيًا لتطوير العلاقة مع السلطة الناشئة في دمشق. وبينما لا يمكن الحديث عن تنسيق مباشر بين واشنطن وموسكو في هذا الصدد، فإن تعدد مؤشرات الانفتاح الدولي على الحكومة الجديدة يعكس إدراكًا متزايدًا بأنها باتت واقعًا سياسيًا لا يمكن تجاوزه، وأن التعامل معها أصبح ضرورة تفرضها معطيات ما بعد الأسد.
في الداخل، تسعى حكومة الشرع إلى بلورة رموز سيادية تُعبّر عن قطيعة مع مرحلة الأسد وتؤسس لهوية وطنية جديدة، وقد تجلّى ذلك في اعتماد “العُقاب الذهبي” شعارًا للجمهورية. وعلى الصعيد الديني، يشير قرار حل المجلس السوري الإسلامي بطلب حكومي إلى اتجاه نحو تقليص الفاعلين الدينيين المستقلين لصالح سلطة مركزية أكثر إحكامًا في رسم ملامح المشهد العام.
رغم مؤشرات الاستقرار السياسي، فإن المشهد الأمني لا يزال معقدًا ومفتوحًا على احتمالات التصعيد. فزيارة رئيس الأركان الإسرائيلي إلى الجولان السوري وعمليات التوغل والمداهمات التي ينفذها جيش الاحتلال في الجنوب تؤكد استمرار انتهاكات تل أبيب للسيادة السورية. وفي الشرق، يعكس التعاون بين “التحالف الدولي” و”قسد” استمرار الدعم الأميركي، فيما تكشف الهجمات المتكررة لداعش عن هشاشة البيئة الأمنية.
اقتصاديا، تُدرك حكومة الشرع أن الشرعية لا تُكتسب فقط من الدعم السياسي، بل من قدرتها على استعادة الدورة الاقتصادية وفتح البلاد أمام الاستثمار والشراكات. ولذلك، تسارعت وتيرة الاتفاقيات الثنائية مع قوى إقليمية ودولية، حيث اتجهت سوريا لتوسيع علاقاتها الاقتصادية مع تركيا، عبر ملفات تتجاوز التجارة إلى التعاون في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، في دلالة على تطلع نحو إعادة بناء اقتصاد المستقبل. كما تسعى دمشق إلى تنويع الشركاء الدوليين، وهو ما ظهر في الشراكة مع شركة أمريكية بمجال الطاقة، وتشكيل مجلس أعمال مع كندا، فضلًا عن الحضور المكثف في المنتديات الدولية مثل مؤتمر إشبيلية. هذه التحركات لا تُعزز فقط التعافي الاقتصادي، بل توظف أيضًا كأداة دبلوماسية لإعادة تأهيل سوريا دوليًا.