تاريخ النشر في 28/2/2025 أفريقيا انتليجنس
بعد مشاورات متسرعة مع حلفائه السياسيين، نشر المجلس السيادي السوداني وثيقة دستورية جديدة تزيل دور قوات الدعم السريع وتمنح الجيش مساحة أكبر في السلطة.
شكَّل نشر الحكومة في بورتسودان رسميًّا في 23 فبراير 2025 دستورًا معدّلًا مفاجأة لدى كثيرين، حيث عملت منذ عدة أشهر مجموعة صغيرة من الشخصيات القانونية والسياسية على مراجعة الدستور الذي يعود تاريخه إلى عام 2019، حيث أسس لفترة انتقالية بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير.
ورغم توصيات المحامي نبيل أديب وأمثاله من الحقوقيين، صدقت وزارة العدل السودانية على هذا الدستور المعدل الذي يمدد المرحلة الانتقالية لمدة 39 شهرًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية للبلاد، كما يتضمن زيادة التمثيل العسكري في مجلس السيادة الانتقالي. وأعيد تشكيل اللجنة الأمنية المؤقتة لتشمل ستة أعضاء من الجيش وثلاثة من الموقعين على اتفاق جوبا للسلام، مقارنة بخمسة عسكريين وخمسة مدنيين سابقًا.
ويشاع أنَّ اسمين آخرين سينضمان إلى اللجنة الأمنية المؤقتة، هما: رئيس أركان الجيش محمد عثمان الحسين، والمدير العام لشركة نظام الصناعات الدفاعية -التي استهدفتها العقوبات- الفريق أول ميرغني إدريس سليمان.
كما يلغي الدستور المعدل لجنة التحقيق في مذبحة 3 يونيو 2019، التي شهدت مقتل أكثر من مئة شخص شاركوا في اعتصام سياسي في الخرطوم خلال الثورة على البشير، والتي ترأسها المحامي نبيل أديب.
إعداد خارطة طريق
في أواخر العام الماضي، دعت اللجنة الأمنية المؤقتة شخصيات سياسية سودانية للمشاركة في مشاورات حول مشروع التعديلات، ولكن في الوقت نفسه عُينت مجموعة من الخبراء داخل وزارة العدل لصياغة النص دون أخذ المساهمات الخارجية في الاعتبار.
بالإضافة إلى المحامي أديب، كانت شخصيات بارزة أخرى مثل الزعيم السياسي لقوى الحركة الوطنية التيجاني السيسي، والمدير السابق للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول، وعبد العزيز نور عشر الأخ غير الشقيق لوزير المالية جبريل إبراهيم، جزءًا من المجموعة التي دعت إلى مراجعة الدستور.
في 8 فبراير، قدمت المجموعة المكونة من 11 عضوًا خارطة طريق إلى الجنرال البرهان للتحضير لفترة ما بعد الحرب، وأوصت بفترة عام واحد لوضع دستور ودعم الانتقال السياسي. وخلال هذه الفترة، يمكن تعيين رئيس وزراء مؤقت لكسر حالة الجمود السياسي الناجمة عن الانقلاب في 25 أكتوبر 2021 واستقالة عبد الله حمدوك في 3 يناير 2022.
القضاء على الحضور السياسي لقوات الدعم السريع
يأتي نشر هذا الدستور الجديد تزامنًا مع التقدم العسكري الذي حققه الجيش السوداني على الأرض، حيث حقق في نفس يوم نشر التعديلات انتصارًا استراتيجيًّا بإنهاء حصار دام عامين فرضته قوات الدعم السريع على مدينة الأبيض في جنوب البلاد، وبالتالي يريد تعزيز قوته استعدادًا لفترة ما بعد الحرب فيما لو تجددت المفاوضات مع قوات الدعم السريع.
في الوقت نفسه، عقدت قوات الدعم السريع اجتماعًا سياسيًّا في العاصمة الكينية نيروبي الأسبوع الماضي لإعداد ميثاقها الدستوري الخاص. لكن أصداء الصراع بين الجانبين تجاوزت الحدود السودانية، فقد أبدى الاتحاد الإفريقي استعداده لاستئناف عضوية السودان التي عُلقت منذ العام 2021 -بعد تعليق أولي وجيز في عام 2019- بمجرد إنشاء سلطة انتقالية بقيادة مدنية. ومن خلال هذا الدستور الجديد، يسعى الجيش السوداني أيضًا إلى إزالة أي ذكر لقوات الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير من النصوص التي تحكم توزيع السلطة في السودان.
صلاحيات أكبر
بموجب دستور 2019، كانت قوى الحرية والتغيير التي قادت الإطاحة بالبشير مسؤولة عن اختيار رئيس وزراء، والذي سيوافق عليه المجلس العسكري الانتقالي. ومع ذلك، انقسمت قوى الحرية والتغيير إلى عدة كتل ولم تعد جزءًا من المشهد السياسي في بورتسودان، التي نُقلت إليها الإدارات الرئيسية في البلاد منذ سقوط الخرطوم.
كما اشترط الدستور السابق حصول أي تعديل على أغلبية الثلثين في المجلس التشريعي، الذي لم يشكل في النهاية بسبب التأخيرات التي تسببت فيها الميليشيات والجيش وقوى الحرية والتغيير. وفي أحدث نسخة له، يحل النص الجديد محل هذا المجلس بسلطة تشريعية انتقالية يهيمن عليها الجيش إلى حد كبير. وستتكون هذه السلطة الجديدة من مجلس الوزراء والمجلس العسكري الانتقالي، الذي سيكون له بقيادة قائد الجيش صلاحيات موسعة لتعيين رئيس الوزراء وحكام الأقاليم.
اضغط لتحميل الملف