شهد شهر يناير حزمة لقاءات إسرائيلية أمريكية تهدف إلى ضبط علاقة واشنطن مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وللتنسيق بخصوص الملف الإيراني وتطوير عملية التطبيع مع الدول العربية. ففي 10 يناير وصل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن للقاء كبار المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية، كما تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت مع نظيره الأمريكي لويد أوستن، ثُمّ زار مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إسرائيل، ليصبح أول مسؤول أمريكي يزورها بعد تشكيل حكومة نتنياهو الجديدة، وقبل وصوله جمد الاحتلال بطلب من السفارة الأمريكية تنفيذ 100 مخطط بناء في بلدية القدس.
لقاءات سوليفان وأزمة بؤرة “أور حاييم” الاستيطانية
اجتمع سوليفان مع الرئيس الإسرائيلي ووزيري الخارجية والدفاع ورئيس أركان الجيش، وركزت اجتماعاته على الملف الإيراني والتعاون بين إيران وروسيا في حرب أوكرانيا والأوضاع على الساحة الفلسطينية وإمكانية التطبيع بين إسرائيل والسعودية، كما طلب من الحكومة الإسرائيلية الامتناع عن التحركات والإجراءات أحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين. وفور مغادرته صدر قرار بإخلاء البؤرة الاستيطانية “أور حاييم” قرب نابلس بطلب من وزير الدفاع الإسرائيلي جالانت. وردًا على ذلك، قال زعيم الصهيونية الدينية الوزير سموتريتش إنَّ جالانت أمر بإخلاء النقطة الاستيطانية دون تنسيق، وفي تناقض صارخ مع الاتفاقيات الائتلافية للحكومة، كما اتهم أنصاره جالانت بمنع نقل صلاحيات الإدارة المدنية إلى سموتريتش باعتباره وزيرًا داخل وزارة الدفاع مسؤولًا عن الإدارة المدنية. وقرر وزراء الصهيونية الدينية مقاطعة اجتماع الحكومة في 21 يناير؛ احتجاجًا على عملية الإخلاء، وتدخل نتنياهو لعقد لقاء في مكتبه بين جالانت وسموتريتش لحل الأزمة بينهما. ويتوقع تزايد الاحتكاكات بين جالانت وسموتريتش في ظل تداخل الصلاحيات بينهما.
زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية ووزير الخارجية بلينكن
في 24 يناير سافر وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت إلى واشنطن لعقد سلسلة من الاجتماعات الأمنية، وحل مكانه وزير الخارجية إيلي كوهين وليس الوزير داخل وزارة الدفاع سموتريتش، ثُمّ قطع غالانت الزيارة في 27 يناير عائدًا إلى تل أبيب عقب وقوع هجوم القدس الذي أسفر عن مقتل 7 إسرائيليين.
وفي 27 يناير زار مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بيل بيرنز تل أبيب ورام الله؛ سعيًا لتهدئة الأجواء، فضلًا عن بحث الملف الإيراني مع الإسرائيليين، ثُمّ زار وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إسرائيل في 30 يناير، وأكد على التزام واشنطن بمنع إيران من حيازة قنبلة نووية، كما دعا إلى تهدئة الأوضاع في الأراضي المحتلة.
تدريبات مشتركة
ومن الناحية العسكرية، شاركت طائرات مقاتلة إسرائيلية من طراز F-35 رفقة ست طائرات أمريكية من طراز F-15 في مناورات مشتركة استمرت عدة أيام في قاعدة نيفاتيم الجوية جنوب إسرائيل. كما جرت مناورة عسكرية بين الجانبين بمشاركة 140 طائرة وقطعة بحرية تحاكي تنفيذ هجوم ضد إيران. وتأتي تلك المناورات استجابة للطلب الإسرائيلي بالمزج بين الضغوط الاقتصادية والتهديد العسكري ضد إيران لردعها عن مواصلة برنامجها النووي. وأعقب تلك التدريبات شن إسرائيل غارة بطائرات مسيرة صغيرة على منشأة عسكرية إيرانية في أصفهان تختص بتطوير صواريخ فوق صوتية، وهو ما يبدو أنّه حدث بضوء أخضر أمريكي للجم إيران عن مواصلة تقديم أسلحة إلى روسيا في حرب أوكرانيا، فضلًا عن التلويح بوجود الخيار العسكري ضمن حزمة الخيارات المتاحة للتعامل مع الملف النووي الإيراني، وهو نهج أمريكي إسرائيلي لم ينجح حتى الآن في تحقيق هدفه.