إنتليجنس أونلاين، تاريخ النشر 28/7/2023
يتمتع قائد القوات المسلحة اللبنانية جوزيف عون بشبكة سياسية واسعة في الولايات المتحدة أدارت محاولة لنقله من الثكنات إلى القصر الرئاسي.
إنَّ الموجة الجديدة من الهجمات على البنوك في لبنان في منتصف يوليو من قبل المودعين اليائسين الساعين لسحب مدخراتهم تمثل أحدث جرعة من الأخبار السيئة للبلاد الغارقة في أزمة تبدو مستعصية على الحل، وتمثل الحالة الكئيبة للبنان أيضًا تحديًّا كبيرًا أمام الولايات المتحدة، حيث يعد الرأي الجماعي بين صانعي السياسة أن العماد جوزيف عون قائد القوات المسلحة اللبنانية، هو الحليف الأساسي لواشنطن في السعي لتجنب تداعيات سياسية خطيرة.
الولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للمساعدات للجيش اللبناني، والتي تعتبرها الوسيلة الأكثر فعالية لمواجهة حزب الله، وهي أولوية سياسية طويلة الأمد رغم أنَّها فشلت فشلًا ساحقًا في تحقيق ذلك الهدف. يُقال حاليًّا إنَّ عون على علاقة ودية مع كبار المسؤولين مثل الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة وبريت ماكغورك منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عهد الرئيس بايدن. وقد أسس عون علاقاته لأول مرة في واشنطن منذ أكثر من 30 عامًا عندما حضر برنامجًا تدريبيًّا في البنتاغون.
كان جوزيف عون دائمًا الخيار المفضل لواشنطن ليحل محل الرئيس ميشال عون بعد أن انتهت ولاية الأخير في الخريف الماضي، ونظم حملة للفوز بالسلطة دعمتها أيضًا فرنسا والسعودية وقطر ومصر. في الوقت الحالي، تعثر ترشيح الجنرال كما تعثرت عملية الخلافة. ومن المشكوك فيه أنَّه كانت لديه فرصة حقيقية للفوز بسبب معارضة حزب الله الذي يعتقد أن جوزيف عون مقرب جدًّا من الولايات المتحدة.
واجهت مساعي العماد عون عقبة كبيرة أخرى تتطلب إجراء تعديل دستوري، حيث يُمنع المسؤولون العسكريون من الترشح للرئاسة ما لم يتقاعدوا قبل ستة أشهر على الأقل من الانتخابات، وتنتهي فترة ولاية عون قائدًا للجيش اللبناني في يناير المقبل، لم يفعل ذلك قط.
لم يتمكن البرلمان حتى الآن من اختيار رئيس جديد بسبب الجمود السياسي بين المرشحَين المفضلين اللذين اختاراهما سماسرة النفوذ في لبنان. جهاد أزعور مدير الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، والذي جاء دعمه في الأساس من الأحزاب المسيحية والسنية، وتجده الولايات المتحدة وحلفاؤها مقبولًا؛ وسليمان فرنجية المدعوم من حزب الله وحركة أمل إلى جانب إيران وشركاء الحزبين الشيعيين الآخرين في الخارج.
سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبعض رؤساء الدول الأخرى الصديقة للولايات المتحدة إلى التفاوض على اتفاق لدفع فرنجية عبر خط النهاية، لكن واشنطن لم تكن راضية عن هذا الاحتمال. إنَّ فرنجية هو صديق الطفولة للرئيس السوري بشار الأسد، وهو عدو رسمي للولايات المتحدة وشريك رئيسي مقرب من حزب الله.
بغض النظر عن نتيجة الرئاسة في لبنان، سيحتفظ العماد جوزيف عون بمكانته عبر الطيف السياسي الأمريكي بأكمله تقريبًا بصفته القائم بأعمال واشنطن في البلاد. يقول بلال صعب مدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط، إنَّ عون والجيش اللبناني هما “اللعبة الوحيدة في المدينة التي يمكنها الحفاظ على مكانة الولايات المتحدة ونفوذها في البلاد”.
لقد لعبت الولايات المتحدة دورًا مركزيًّا في الشؤون السياسية اللبنانية منذ عام 1958، عندما أرسل الرئيس دوايت أيزنهاور قوة من مشاة البحرية لإبقاء الزعيم الموالي للغرب كميل شمعون في السلطة. وبدأت واشنطن لاحقًا في تقديم دعم كبير للجيش اللبناني على أمل بناء قوة قتالية محلية موالية لها. وفي عام 2005 كثفت واشنطن جهودها لدعم الجيش اللبناني عندما انسحبت القوات السورية من لبنان بعد 29 عامًا من التواجد فيه، وأرسلت الولايات المتحدة نحو 2.5 مليار دولار مساعدات عسكرية للبنان منذ ذلك الحين. ويشمل ذلك مدفوعات منتظمة لدعم ضباط وجنود القوات المسلحة اللبنانية منذ أربع سنوات بعد أن انخفضت رواتبهم خلال المراحل الأولى من الانهيار الاقتصادي للبلاد.
إنَّ بناء مجمع عملاق جديد للسفارة الأمريكية في بيروت والذي يجري تنفيذه الآن، سيسمح لواشنطن بتوسيع وجودها محليًّا وفي المحيط الإقليمي الأوسع. لقد عملت وكالة الاستخبارات المركزية بشكل وثيق مع نظيرتها اللبنانية لسنوات، واتسع نطاق تبادل المعلومات الاستخباراتية كشرط لاستمرار تعهد الولايات المتحدة بدفع رواتب العسكريين. وفي المقابل، طُلب من مكتب الاستخبارات العسكرية B2 التابع للجيش اللبناني منح الاستخبارات العسكرية الأمريكية (DIA) حق الوصول إلى ملفاتها.
لقد بدأت علاقة عون الطويلة مع البنتاغون في عام 1988، عندما جاء إلى الولايات المتحدة لتلقي دورة مشاة. وقد شارك في العديد من التدريبات العسكرية والاستخباراتية الأخرى على مر السنين، بما في ذلك برنامج مكافحة الإرهاب لعام 2009 في جامعة الدفاع الوطني.
بعد أشهر قليلة من تعيينه في عام 2017 قائدًا للجيش اللبناني، عاد عون إلى واشنطن العاصمة لإجراء محادثات مع المسؤولين السياسيين والعسكريين، بما في ذلك الجنرال جوزيف دانفورد سلف ميلي في منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة والجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأمريكية آنذاك. خلال الزيارة استضافت جامعة الدفاع الوطني حدثًا على شرفه. ويعود عون إلى واشنطن بانتظام لمناقشة العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ولبنان.
في عام 2021، التقى برفاقه ماكغورك في البيت الأبيض وميلي في البنتاغون ووفد من أعضاء الكونجرس وموظفي السفارة اللبنانية.
سافر عدد كبير من وفود الكونجرس إلى لبنان لإجراء مناقشات مع عون أيضًا، وبعد لقاء عام 2019 مع الجنرال، قال أعضاء الكونغرس آدم كينزينجر وتوم جريفز وفيسنت غونزاليس إن مجموعتهم تضم أعضاء من كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين، لكنهم اتفقوا على أهمية الدعم الأمريكي القوي للجيش اللبناني.
يُنظر إلى عون أيضًا بإيجابية في مجموعة متنوعة من مراكز الأبحاث في واشنطن التي تمثل مجموعة متنوعة من وجهات النظر، من معهد واشنطن المحافظ الذي يدعم سياسة خارجية متشددة إلى مركز التقدم الأمريكي (CAP) الذي له علاقات عميقة مع الحزب الديمقراطي. وقد أرسل الأخير فريق بحث إلى لبنان للقاء مسؤولين من الجيش اللبناني وإدارات عسكرية واستخباراتية رئيسية أخرى وأصدر تقريرًا إيجابيًّا عن الرحلة تجاه عون وحث الكونجرس على “تعزيز قدرات لبنان في مكافحة الإرهاب”.
المصدر: إنتليجنس أونلاين، تاريخ النشر 28/7/2023
