تخطي الروابط

صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية بين حسابات الربح والخسارة

أبرمت مصر اتفاقًا جديدًا مع إسرائيل لمضاعفة وارداتها من الغاز الطبيعي، في صفقة تبلغ قيمتها نحو35 مليار دولار، توسّع اتفاق 2018 بين الطرفين، عبر زيادة الكميات من نحو 4.7 مليار متر مكعب سنويًا إلى 6.7 مليار متر مكعب سنويًا، حتى عام 2040، مع زيادة في الأسعار تصل إلى 14.8% مقارنة بالاتفاق السابق، وبموجب التعديل المعلن من شركة “نيو ميد” الإسرائيلية، سيتم تزويد مصر بكمية 130  مليار متر مكعب إضافية من الغاز على مرحلتين:

المرحلة الأولى: 20 مليار متر مكعب، ستبدأ زيادتها في الكميات اليومية اعتبارًا من أوائل 2026، بعد استكمال البنية التحتية اللازمة.

المرحلة الثانية 110 مليار متر مكعب، مشروطة بإتمام مشروع خط أنابيب نيتسانا، والمتوقع اكتماله في 2029، لترتفع الإمدادات اليومية إلى ما بين 11.9 و12.9 مليار متر مكعب سنويًا، مع مراعاة احتياجات السوق المحلية الإسرائيلية.

التحليل

منذ عام 2020، أصبح الغاز المستورد من إسرائيل يغطي ما يقرب من نصف واردات مصر من الطاقة. وتعقد الوضع مع وجود فجوة حقيقية بين العرض والطلب في السوق المحلية المصرية، تبلغ نحو 1.2 مليار قدم مكعب يوميًا، وهي فجوة مرشحة للاستمرار مع ارتفاع الطلب في مواسم الذروة مثل فصل الصيف.

رغم أن الاتفاق قد يكون مجدي اقتصاديا مقارنة باستيراد الغاز المسال من دول أخرى، إلا إنه من الناحية السياسية، يربط أمن الطاقة المصري بإسرائيل، ويجعل استمرار تشغيل محطات الكهرباء والمصانع مرتهنا بإرادة طرف خارجي قد يفرض شروطًا أو يمارس ابتزازًا سياسيًا تحت ضغط تأمين إمدادات الغاز.

إن الإعلان عن هذه الصفقة في التوقيت الحالي، بينما ما تزال الحرب الإسرائيلية على غزة مشتعلة ويُسجَّل فيها سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، يترك أثرًا سلبيًا مزدوجًا على المستوى الداخلي والخارجي بالنسبة لمصر.

داخليًا، يُنظر إلى التوسّع في التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، وفي ملف بالغ الحساسية كأمن الطاقة، باعتباره رسالة انفصال عن المزاج الشعبي الرافض لأي شكل من أشكال التطبيع الموسع في ظل المجازر الجارية.  وبالتالي قد يعمّق الإعلان عن الصفقة فجوة الثقة بين الشارع والسلطة، ويعزز الانطباع بأن القرارات الاستراتيجية تُتخذ بمعزل عن الاعتبارات الوطنية الأشمل أو الأخلاقية.

أما خارجيًا، فإن الإعلان في هذا الظرف يمنح إسرائيل مكسبًا دعائيًا يوحي بأن علاقاتها الإقليمية لم تتأثر بالحرب، بل تتعزز رغم الانتقادات الدولية، وهو ما قد يُستخدم في مواجهة الضغوط السياسية لوقف الحرب.