تخطي الروابط

ليبيا 11– 17 يوليو 2025


الملخص

تشهد الساحة الليبية تصعيدًا أمنيًا لافتًا، مع تحركات عسكرية مناوئة لحكومة الوحدة الوطنية، كان أبرزها نشر آمر المنطقة العسكرية الجبل الغربي “أسامة جويلي” قواته في مدينة غدامس، في خطوة اعتُبرت تحديًا مباشرًا لرئيس الوزراء “عبد الحميد الدبيبة”، وسط اتهامات له بالسعي لتوسيع رقعة نفوذه. ويأتي هذا التصعيد ضمن سلسلة تحركات ميدانية، من بينها تعزيزات من مصراتة والزنتان باتجاه طرابلس، ما أثار قلقًا أمميًا من انهيار الهدنة الهشة في العاصمة طرابلس. وتتزامن هذه التحركات مع محاولة اغتيال فاشلة استهدفت مدير أمن بني وليد، ومؤشرات على تهديدات إرهابية من “داعش”، ما يكرّس واقعًا أمنيًا متفجّرًا، ويؤكد تعدد مراكز القرار العسكري في الغرب الليبي.

على الصعيد الخارجي، تحاول حكومة “الدبيبة” استثمار التوترات الجيوسياسية لتعزيز حضورها الدبلوماسي وإثبات نفسها كشريك متوازن أمام القوى الدولية. ويظهر ذلك بوضوح في تقديم مذكرة احتجاج ضد ترسيم الحدود من طرف اليونان، ثم استقبال وزير الخارجية اليوناني في طرابلس، وهي مفارقة تُظهر استخدام نهج “الدبلوماسية المرنة”، حيث توازن الحكومة بين إظهار الاستقلالية السيادية وفتح قنوات التعاون الاقتصادي. هذا النهج يشير إلى إدراك “الدبيبة” لمحدودية أوراق القوة الصلبة، فيلجأ لتعزيز شرعيته بالانفتاح الخارجي .

أما على مستوى العلاقات الليبية–المصرية، فيبدو أن الطرفين يتجهان نحو ترميم العلاقة ضمن منطق المصالح المشتركة. فاللقاء بين “المنفي” والسيسي، والنقاش حول إعادة فتح القنصلية المصرية في طرابلس، يعكسان تحولًا تدريجيًا في الموقف المصري الذي لطالما كان حذرًا من الاعتراف الكامل بحكومة “الدبيبة”. كما تترجم هذه الخطوات محاولة من طرابلس لكسر العزلة الإقليمية وتوسيع طيف الاعتراف الدولي بها، لا سيما من دولة مؤثرة كالقاهرة، بما يسهم في ترسيخ شرعيتها أمام المجتمع الدولي، ويخلق هامش مناورة في مواجهة خصومها في الشرق.

في المقابل، تسعى الحكومة الموازية بقيادة “حفتر” إلى إعادة تفعيل قنواتها الدولية، مستثمرة ملفي الطاقة والهجرة كأوراق ضغط فاعلة تجاه الأوروبيين، وهو ما ظهر في إرسال وفد أوروبي جديد إلى بنغازي بعد أزمة طرد الوفد السابق. كما أن التواصل المباشر مع تركيا بشأن إعادة فتح القنصلية التركية ، يشي برغبة في خلق توازن مع تحركات “الدبيبة” مما يكرس صياغة مفهوم “الشرعية” في البلاد وفق منطق النفوذ والتحالفات لا المؤسسات الدستورية.