
سوريا 1-7 أغسطس 2025
الملخص
بعد مرور قرابة شهر على اندلاع أزمة السويداء، ما تزال هذه الأزمة تتصدر المشهد السوري، مع مؤشرات على تعقّدها وتحوّلها إلى ورقة سياسية وأمنية ذات أبعاد داخلية وخارجية. فعلى الأرض، شهد اتفاق وقف إطلاق النار بداية أغسطس خروقات متكررة من قبل مجموعات وصفتها السلطات السورية بأنها “خارجة عن القانون”، نفذت هجمات على مواقع الجيش النظامي. هذه التطورات تعزز المخاوف من إطالة أمد الأزمة، وتلمّح إلى تحركات يقودها الزعيم الدرزي “الهجري” لإبقاء الوضع متفجّرًا، بهدف انتزاع مكاسب سياسية قد تتراوح بين الحكم الذاتي والانفصال.
بالتوازي، تستمر أزمة (قسد) مع الحكومة المركزية. فبينما أكد قائدها مظلوم عبادي التزامه باتفاق 10 مارس مع دمشق، وأعلن فريقه التفاوضي استعداده للعودة إلى طاولة الحوار، جاءت المؤشرات الميدانية معاكسة، إذ اندلعت اشتباكات بين الجيش السوري و”قسد” في منبج بريف حلب، تبادل الطرفان الاتهامات بشأنها. هذا التصعيد يعكس هشاشة المسار التفاوضي، ويؤشر إلى أن الخلافات الجوهرية حول مستقبل الحكم الذاتي لم تُحسم بعد. في هذه المعادلة، تظل تركيا الطرف الأكثر دعمًا للحكومة في مواجهة “قسد”.
وفي ظل هذه التعقيدات، برز التحرك العسكري الروسي عبر تسيير دورية في القامشلي، دون مشاركة “قسد”، في أول نشاط عسكري من نوعه مع زيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى موسكو الأسبوع الماضي. هذا التحرك يعكس تنسيقًا عسكريًا متجددًا بين دمشق وروسيا، ويشير إلى رغبة موسكو في لعب دور موازن لصالح حكومة الشرع في مواجهة القوى المدعومة أمريكيًا.
على صعيد العلاقات الخارجية، حملت زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إلى جانب زيارة مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، دلالات على حرص أنقرة ولندن على تعزيز التنسيق مع حكومة الشرع. فتركيا تتحرك في إطار دعم حليفها السوري في مواجهة التحديات الأمنية، بينما تسعى بريطانيا إلى حجز موطئ قدم في “سوريا ما بعد الأسد”، في سياق التنافس الدولي المتصاعد، على غرار التحركات الفرنسية النشطة في الساحة السورية.
أما اقتصاديًا، ورغم انشغال الحكومة بتعقيدات الداخل، فقد شهدت الفترة الأخيرة نشاطًا لافتًا، تمثل في افتتاح خط أنابيب الغاز الطبيعي بالتعاون مع تركيا وأذربيجان وقطر. كما زار وزير الاقتصاد محمد الشعار تركيا، حيث وقع سلسلة من الاتفاقيات التي تبرز عمق التعاون بين دمشق وأنقرة، فيما تم الإعلان عن توقيع مذكرات تفاهم لإطلاق 12 مشروعاً لتعزيز البنية التحتية بقيمة تبلغ 14 مليار دولار على هامش المنتدى الاستثماري السوري-السعودي.