
سوريا 11- 17 يوليو 2025
الملخص
شهدت الساحة السورية تصعيدًا أمنيًا حادًا مع تداخل المعطيات الداخلية والإقليمية في صورة معقدة من التوتر والعنف. ففي الداخل، انفجرت الأوضاع بمحافظة السويداء نتيجة اشتباكات عنيفة بين عشائر البدو والدروز إثر حادثة اختطاف، سرعان ما تطورت لتخلخل استقرار المحافظة. تدخلت السلطات السورية لمحاولة احتواء الاشتباكات، غير أن تدخلها قوبل برد إسرائيلي عنيف؛ إذ شنت تل أبيب ضربات جوية على مواقع عسكرية في السويداء ودرعا، ووسّعت نطاقها لتشمل محيط القصر الرئاسي وهيئة الأركان بدمشق، ومواقع في اللاذقية، في تصعيد يستهدف إحراج النظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع، وإظهاره بمظهر العاجز عن تأمين البلاد.
ورد “الشرع” في خطاب متلفز بتصعيد خطابي مقابل، مشددًا على أنه لا يخشى المواجهة مع إسرائيل، مما عكس نية الحكومة الجديدة في الحفاظ على خط سيادي رغم إدراك محدودية قدرتها العسكرية. وفي هذا السياق، تحاول إسرائيل استثمار الفجوة بين الخطاب السوري الجديد وسياق ما بعد الأسد لفرض معادلات ردع وقواعد اشتباك، وربما توظيف التصعيد للضغط في المفاوضات السرية التي تُعقد بين الطرفين. هذه المفاوضات، وإن لم تسفر عن نتائج ملموسة، تكشف رغبة “الشرع” في فتح قنوات تفاوضية من دون تنازل مجاني، وفي ظل حسابات إقليمية ودولية معقدة.
في هذا الإطار، تأتي زيارة “الشرع” إلى أذربيجان كمحطة مهمة في سياسة تنويع الشراكات الإقليمية، واستغلال التقاطعات الجيوسياسية الجديدة، خصوصًا في قطاع الطاقة. ويعكس توقيع اتفاقية مع شركة “سوكار” الأذربيجانية لتوريد الغاز إلى سوريا، بوساطة تركية، طموحًا لتجاوز العزلة الاقتصادية، وإعادة بناء البنية التحتية للطاقة. وحملت زيارة أذربيجان أهدافًا سياسية واضحة، إذ لعبت باكو دور الوسيط في المحادثات السرية السورية-الإسرائيلية، مدعومًة بالعلاقات الوثيقة مع تركيا، وبتوجه إماراتي للتنسيق السياسي مع سوريا.
اقتصاديًا، تسارعت خطوات الانفتاح الإقليمي على سوريا، حيث وقّعت الحكومة الجديدة اتفاقية بقيمة 800 مليون دولار مع “موانئ دبي العالمية” لتطوير البنية التحتية، في تحرك يُعزز موقع الإمارات كأحد أبرز اللاعبين في مشهد إعادة الإعمار السوري. ولم تكد تمضي أيام على الاتفاق حتى وصل وفد سعودي رفيع المستوى إلى دمشق، ما يعكس تنافسًا خليجيًا حثيثًا على الاستثمار والنفوذ في سوريا ما بعد الأسد.