تخطي الروابط

السودان 1 – 7 أغسطس 2025

الملخص

تمر السياسة الخارجية والأمنية السودانية بمرحلة بالغة التعقيد، تتشابك فيها التهديدات الإقليمية مع الانقسامات الداخلية، وسط سباق دبلوماسي وعسكري لتعزيز المواقف في مواجهة التحديات المتصاعدة.

فعلى الصعيد الإقليمي، برزت زيارة رئيس الوزراء كامل إدريس إلى القاهرة ولقاؤه بالسيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي كمؤشر على توجه نحو تنسيق سياسي واقتصادي وأمني متقدم مع مصر. مع التركيز على ملفات استراتيجية، أبرزها إعادة الإعمار ومياه النيل وأمن البحر الأحمر. 

وفي المقابل، تتصاعد التوترات مع إثيوبيا، حيث شهدت ولاية القضارف اعتداءات من ميليشيات إثيوبية أسفرت عن مقتل أربعة رعاة وعمليات نهب واسعة.  فيما تشهد العلاقات مع الإمارات تصعيدًا إضافيًا بعد تعليق أبوظبي جميع الرحلات الجوية من وإلى السودان، وسط اتهامات سودانية لها بدعم مرتزقة أجانب في هجوم على الفاشر.

دوليًا، عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة بطلب من بريطانيا والدنمارك لمناقشة الوضع في دارفور وكردفان. كما أثار اعتقال قائد “فيلق البراء بن مالك” في القاهرة جدلًا واسعًا، إذ اعتُبر مؤشراً على حساسية مصر تجاه تحركات بعض القيادات العسكرية والدينية السودانية، وأثارت الحادثة قلقًا في صفوف الفيلق، وسط اتهامات لمجلس السيادة بالضلوع في الاعتقال.

ميدانيًا، يسعى البرهان عبر زيارات ميدانية للمؤسسات المتضررة إلى استعادة المبادرة السياسية والتأكيد على التزام الدولة بإعادة الإعمار وتهيئة بيئة العودة، في مواجهة واقع أمني هش تستغله قوات الدعم السريع لتكريس عسكرة دارفور وإنشاء حكومة موازية في نيالا. 

الفراغ في إدارة الأطراف ظهر جليًا مع غياب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي بحجة السفر، وتكليف والي وسط دارفور بمهام الإدارة مؤقتًا، وسط جدل حول مغادرة ميناوي في مهمة خارجية لم يُكشف عن تفاصيلها. تصريحات مناوي لاحقًا حذرت من عرض دولي لتقسيم السودان، ورفض أي مقترحات لانفصال دارفور، متهمًا المسؤولين في المركز بالتركيز على الخرطوم والجزيرة وإهمال الفاشر وتركها للحصار، ما يعكس قلقًا متزايدًا من تهميش الأقاليم. فيما برزت تحالفات قبلية مثل “حلف الكرامة – درع كردفان”، وهو ما يعكس تعميق الطابع القبلي للنزاع، بما يحمله من مخاطر تفكك مجتمعي إذا لم يُحتوَ في إطار وطني جامع.

المحصلة أن المشهد السوداني يتسم بتوازن هش بين التحركات الدبلوماسية لتعزيز الشرعية والبحث عن الحلفاء، وبين التصعيد العسكري الذي يزداد تشابكًا مع أبعاد إقليمية ودولية. وفي تلك الأجواء تظل البلاد عرضة لمخاطر التفكك السياسي والمجتمعي إذا لم يُبنَ مسار موحّد يوازن بين مقتضيات الأمن ومتطلبات التسوية الوطنية.