
السودان 29 أغسطس – 4 سبتمبر 2025
الملخص
تشهد الساحة السودانية حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا من قبل مسؤولي الحكومة بهدف كسب دعم دولي في مرحلة ما بعد الحرب، وسط تعقيدات داخلية عميقة ومخاطر إقليمية متزايدة. وفي هذا السياق، يبرز الدور المصري بوصفه الشريك الإقليمي الأكثر قربا للخرطوم، حيث شارك وفد فني مصري في صيانة جسري الحلفايا وشمبات، ليكون أول وفد عربي يساهم فعليًا في جهود إعادة الإعمار. وقد عكست اللقاءات المكثفة بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان والسفير المصري، والاجتماعات الوزارية الثنائية، عمق التنسيق السياسي بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي وسد النهضة، الذي شكّل محورًا رئيسيًا لاجتماع آلية “2+2″، حيث جرى التأكيد على رفض التحركات الأحادية من قبل إثيوبيا.
تسعى الخرطوم أيضًا لتعزيز علاقاتها مع أطراف إقليمية ودولية أخرى، إذ ناقش وزير الداخلية مع السفير السعودي ملفات مكافحة الإرهاب والتهريب، فيما حمل حاكم دارفور، مني أركو مناوي، ملف الفاشر إلى باريس مطالبًا بتدخل عاجل وفتح ممرات إنسانية. وعلى الصعيد الأمني، شكّلت الهجمات على منشأة هجليج النفطية بطائرات مسيّرة تطورًايُهدد عائدات النفط لكل من السودان وجنوب السودان.
ورغم هذه التحديات، واصلت الحكومة جهودها الإنسانية، حيث أعادت فتح معبر “أدري” مع تشاد لتسهيل إيصال المساعدات، رغم اتهامات بتسريب أسلحة إلى الدعم السريع. كما تم تعيين الكندية “دينيس براون” منسقة أممية جديدة للسودان.
تزامنًا مع ذلك، صعّد ناشطون سودانيون تحركاتهم ضد المرتزقة الكولومبيين، من خلال احتجاجات أمام سفارة كولومبيا في لندن. في المقابل، تتزايد الانتهاكات بحق اللاجئين السودانيين في أفريقيا، حيث سُجلت حالات اختفاء قسري في النيجر، واعتقالات لتجار سودانيين في تشاد، إلى جانب إصابات واعتداءات على لاجئين في أفريقيا الوسطى. وفي المقابل، أعلنت “أطباء بلا حدود” استئناف عملها في مستشفى زالنجي بولاية وسط دارفور، بعد توقف بسبب هجوم مسلح، وسط تحذيرات من تزايد الإصابات بالكوليرا، وتأكيد المنظمة أن استمرار تقديم خدماتها مرهون باحترام حياد المرافق الصحية.
ومحاولة الدعم السريع تشكيل حكومة موازية أحد أخطر مظاهر الانقسام السياسي، حيث أدى “حميدتي” اليمين الدستورية رئيسًا لمجلس رئاسي غير معترف به، ضم عبد العزيز الحلو نائبًا للرئيس و13 عضوًا آخرين، وهو ما قوبل برفض واسع إقليميًا ودوليًا، واعتُبر محاولة لفرض الأمر الواقع.
ورغم هذه التحديات، واصل المسؤولون السودانيون تحركاتهم لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة. فقد زار “البرهان” مركز صحي في أم درمان، وصدّق على مشاريع بنية تحتية جديدة، إلى جانب تغييرات قضائية وعسكرية شملت تعيين نائب عام، ورئيس للمحكمة الدستورية، وقائد لقوات الدفاع الجوي. في السياق نفسه، قام رئيس الوزراء “كامل إدريس” بجولة تفقدية في ولاية الجزيرة، وأعلن قرارات لدعم مشروع الجزيرة الزراعي، وتحسين الخدمات الصحية، ومكافحة تهريب الذهب، وترأس اجتماع لجنة الطوارئ الاقتصادية.
كما تفقد نائب رئيس مجلس السيادة “مالك عقار” أوضاع العائدين في النيل الأزرق، بينما واصل الفريق أول شمس الدين كباشي جولاته في ولايات الخرطوم وكردفان لتقييم الأوضاع الخدمية. أما مساعد القائد العام “إبراهيم جابر”، فقد دشّن إعادة تشغيل مصنع راينو للزيوت بعد توقف دام عامين، وتفقد مستشفى سوبا الجامعي، كما التقى الفريق الهندسي المصري المسؤول عن صيانة جسري الحلفايا وشمبات، في خطوة تعكس تفعيلًا حقيقيًا لمسار إعادة إعمار العاصمة. ومن جهته، أعلن “مناوي” عن اكتمال بناء سد “بوبا” واقتراب الانتهاء من سد “إيري مارا”، وصيانة السدود المتضررة، رغم الحصار المفروض على الفاشر.
ميدانيًا، تصاعدت الهجمات في مدينة الفاشر، حيث كثّفت قوات الدعم السريع قصفها المدفعي والجوي على الأحياء السكنية والمخيمات، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، ونزوح واسع النطاق. في المقابل، أعلن الجيش السوداني تحقيق تقدم في المحور الجنوبي وشنّ غارات جوية استهدفت مواقع للدعم السريع في نيالا، وسط تبادل كثيف للقصف بين الجانبين. وزاد من فداحة المأساة انهيار أرضي مروع في جبل مرة دمّر قرية ترسين بالكامل، وأودى بحياة نحو ألف شخص، في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدها السودان مؤخرًا، ما استدعى دعوات عاجلة لتدخل دولي إنساني مكثف.