إفريقيا انتليجنس
قبيل بضعة أيام على افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة، تكافح الكتلتان الأوروبية والأمريكية لتوحيد وجهات النظر مع تزايد الصراعات في إفريقيا وجفاف تمويل المانحين الغربيين.
تسعى الصومال إلى استبدال القوات الإثيوبية الموجودة حاليًّا في مهمة الاتحاد الإفريقي الانتقالية بقوات مصرية، وتريد بذلك إضفاء الطابع الرسمي على الأمر قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر ولذا، ينبغي أن يصل طلبها إلى مكتب مفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلام والأمن بانكول أديوي قبل نهاية الأسبوع.
تعتمد مقديشو بشكل كبير على تقويم الأمم المتحدة لدفع أجندتها الدبلوماسية نحو نهاية العام، فبعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال تنتهي ولايتها في ديسمبر المقبل وستحل محلها في يناير قوة مخفضة قوامها نحو 12 ألف جندي. وفي الوقت نفسه، سترث حكومة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود مقعدًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
لكن المشكلة هي أنَّ بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال لم تمول بعد، كما لم يتفق داعموها الرئيسيون على رأي واحد. فبينما يرغب جزء من الكتلة الأوروبية في أن يحكم التمويل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2719، الذي تعارضه فرنسا، تعارض الولايات المتحدة بشدة هذه الفكرة.
نتائج مخيبة للآمال
كان من المفترض أن يبشر هذا القرار الذي تبناه المجلس بالإجماع في ديسمبر الماضي بعهد جديد من التعاون الأمني بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وهو ينص على فحص كل حالة من طلبات المساهمات المالية من الأمم المتحدة لعمليات دعم السلام في القارة الإفريقية على حدة. وعلاوة على ذلك، يحدد هذا الإطار الجديد سقفًا لهذه المساهمات بنسبة 75% من المبلغ الإجمالي، ويترك النسبة المتبقية البالغة 25% ليتحملها الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي.
يرى البعض في الكتلة الأوروبية أنَّ استخدام هذا الإطار الجديد للصومال من شأنه أن يسمح للاتحاد الأوروبي، الداعم الرئيسي تاريخيًّا لعمليات السلام في الصومال، بتحمل حصة أفضل بالنسبة له من العبء المالي. ولكن واشنطن تعتقد أنَّ بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال لا تقدم ضمانات كافية للنجاح، كما تشك وزارة الخارجية الأمريكية فيما إذا كانت ستحظى بدعم الكونجرس للإفراج عن أموال جديدة.
فمنذ العام 2007، عندما نشرت بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال لأول مرة، وحتى يومنا هذا، أنفقت بروكسل نحو 2.7 مليار يورو في الصومال في ظل نتائج مخيبة للآمال. فبالإضافة إلى الفساد المستشري، حيث تحتل الصومال المرتبة الأخيرة دائمًا في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية غير الحكومية، فشل النموذج الفيدرالي الصومالي في إثبات جدارته فيما لا تزال حركة الشباب المجاهدين منتشرة على نطاق واسع في البلاد. ورغم أنَّ الرئيس حسن شيخ محمود أعلن عند وصولها إلى السلطة أنَّه سيجعل من التصدي لحركة الشباب أولوية لحكومته، فإنَّ طموحاته تراجعت أمام الضربات التي تلقتها قوات الأمن الصومالية منذ عام 2022.
آلية المتابعة
بدلًا من الصومال، تفضل واشنطن تجربة إطار التمويل الجديد للأمم المتحدة في السودان الذي يشهد حربًا مدمرة منذ أبريل 2023، وهذه على الأقل هي الفكرة التي يطرحها الدبلوماسيون الأمريكيون بانتظام. فمنذ أغسطس، يحاول المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو انتزاع وقف إطلاق النار من طرفي الحرب في البلاد، وسيرحب بإنشاء آلية مراقبة يمكن أن تندرج ضمن نطاق القرار 2719. لكن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لا يظهران أي مؤشرات إيجابية في الوقت الحالي، في ظل عجز بيرييلو عن إقناع الجانبين بالجلوس على طاولة مفاوضات واحدة.
في تقريرها الأول الذي نُشر في 6 سبتمبر، أوصت بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة في السودان المكلفة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر 2023 “بنشر قوة مستقلة ومحايدة مفوضة لحماية المدنيين في السودان”. لكن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لا يسمح بنشر مثل هذه القوة، والتي لم تدرج بعد في أجندات مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي أو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كانت للأمم المتحدة بعثة مساعدة انتقالية متكاملة في السودان حتى ديسمبر 2023، ولكن بعد مفاوضات مكثفة لم يجدد تفويض البعثة. ومع ذلك، جدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 11 سبتمبر 2024 نظام العقوبات ضد السودان.
فراغ دبلوماسي
من المقرر في نهاية سبتمبر أن يسافر البرهان إلى مانهاتن ليلتقي بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حيث لا تزال واشنطن تأمل في أن تتمكن من إقناع البرهان بالمشاركة في مفاوضات اللحظة الأخيرة. وجدير بالذكر أنَّ الولايات المتحدة ستدخل بعد ذلك في فترة من الاضطرابات السياسية، التي من شأنها أن تترك فراغًا دبلوماسيًّا في شرق إفريقيا.
تاريخ النشر في 18/9/2024 إفريقيا انتليجنس
اضغط لتحميل الملف