تخطي الروابط

سوريا 4 -10 يوليو 2025

الملخص

تكشف التطورات الأخيرة عن توجّه أمريكي واضح لدعم حكومة أحمد الشرع بوصفها بديلاً مقبولًا للنظام السابق، حيث يمثل إلغاء تصنيف “هيئة الشام” كمنظمة إرهابية أحد مؤشرات إعادة هيكلة السياسة الأمريكية تجاه الملف السوري. ويبدو أن إدارة ترامب تسعى لاستثمار مرحلة ما بعد الأسد لإدخال سوريا تدريجيًا في مسار إقليمي جديد أكثر تقاربًا مع إسرائيل والدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، وهو ما يفسّر التلميحات المتزايدة حول احتمال تطبيع سوري–إسرائيلي في عهد الشرع، ضمن تسوية أوسع تُرضي واشنطن وتتيح احتضانًا عربيًا وغربيًا للحكومة الجديدة.

على المستوى الإقليمي والدولي، تشير العودة التدريجية للعلاقات الدبلوماسية مع دول مثل بريطانيا والمغرب، وزيارة الشرع للإمارات، إلى قبول متزايد بشرعية النظام الجديد. فزيارة وزير الخارجية البريطاني لدمشق، وفتح سفارة المغرب بعد تخلي الشرع عن موقف النظام السابق بشأن الصحراء الغربية، يعكسان براغماتية سياسية من الطرفين، وتوظيفًا سوريًا ناجحًا لتبدّل السياسات الخارجية لتحقيق مكاسب دبلوماسية. كما يشير الاجتماع بين الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي، برعاية أمريكية وفرنسية، إلى تنسيق أمني وسياسي يهدف إلى صياغة توازنات داخلية تُمكّن الشرع من حكم سوريا.

هذا الاحتضان السياسي ترافق مع دعم أمريكي ملموس، تمثل في تخصيص البنتاغون 130 مليون دولار لمواجهة “داعش”، ما يوضح التقاء المصالح في ملف مكافحة الإرهاب. في المقابل، اتخذ الشرع خطوات أمنية ضد الحرس الثوري الإيراني، أبرزها حملة على “الفوج 47″، في رسالة داخلية وخارجية تعكس رغبة واضحة في القطيعة مع النفوذ الإيراني العسكري، والانتقال إلى نموذج دولة مركزية لا تحتمل تعدد مراكز القوة. وتشير التحركات الإسرائيلية قرب الحدود اللبنانية، واستهداف عناصر يُشتبه بانتمائهم للحرس، إلى تداخل غير مباشر في دعم هذا التحول عبر تقليص قدرة إيران على المناورة في الجغرافيا السورية.

اقتصاديًا، تبدي حكومة الشرع توجها بالاعتماد على أدوات داخلية مستقلة كإنشاء صندوق تنمية وصندوق سيادي، في ظل رغبتها بتجنّب الوقوع في فخ المشروطية السياسية للمؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد. هذا الخيار يعكس رغبة في بناء نموذج اقتصادي سيادي، مع استيعاب دروس التجارب الأخرى في المنطقة، التي دفعت أثمانًا باهظة لقاء قروض مشروطة. ورغم أن الموارد المتاحة قد لا تواكب طموحات إعادة الإعمار، فإن الرؤية التي يقودها الشرع تمثل محاولة لبناء شرعية اقتصادية من الداخل، توازي المسار السياسي الخارجي الجاري بناؤه بدعم أمريكي وإقليمي متصاعد.