تخطي الروابط

السودان 11– 17 يوليو 2025


الملخص

تشير التحركات الدبلوماسية بشأن السودان إلى تصاعد الخلافات بين الأطراف الدولية المعنية بالأزمة، خصوصًا بين القاهرة وواشنطن. فبينما تصر مصر على إشراك الجيش السوداني في أي ترتيبات سياسية مستقبلية بوصفه الفاعل الأقوى ميدانيًا، ترفض الولايات المتحدة ذلك على خلفية العقوبات المفروضة على البرهان، وتدفع نحو استدعاء قوى مدنية أُقصيت عقب انقلاب 2021. هذا الخلاف عطّل اجتماع اللجنة الرباعية، وفتح المجال أمام الاتحاد الإفريقي للعب دور وسطي في محاولة لاحتواء التصعيد وتجنب تعليق عضوية السودان، ما يعكس اشتباكًا معقدًا بين الاعتبارات الغربية ومصالح الجوار الإقليمي.

في المقابل، يواصل السودان جهوده الدولية لتحسين صورته أمام المنظمات متعددة الأطراف، كما ظهر في مشاركته النشطة في اجتماعات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ويُقرأ ذلك في سياق محاولات نفي الاتهامات الأمريكية بشأن ارتكاب جرائم حرب، وخلق توازن سياسي عبر الدفع بتوسيع تحقيقات المحكمة الجنائية لتشمل أطرافًا إقليمية، خصوصًا الإمارات، التي تتهمها الخرطوم بتغذية النزاع عبر دعم قوات الدعم السريع ماديًا ولوجستيًا، سواء مباشرة أو عبر تسهيلات من ليبيا. 

أما على الجبهة الشرقية، فالتوتر مع إثيوبيا لا يزال قائمًا، رغم التصريحات المطمئنة من أديس أبابا. إذ تشير المعطيات الميدانية إلى استمرار الهجمات على قرى الفشقة من قبل مليشيات الشفتة، ما يعكس تناقضًا بين الخطاب السياسي الإثيوبي والممارسات الميدانية. ويبدو أن حكومة السودان باتت أكثر حذرًا من التورط في صراع جديد على الحدود، لكنها في الوقت نفسه ترفض أي وساطة، سواء من كينيا أو غيرها، ما لم تُقدّم ضمانات بعدم التواطؤ مع الدعم السريع. ومن شأن هذا الجمود أن يُبقي النزاع الحدودي مفتوحًا على احتمالات التصعيد، مع صعوبة الفصل بين الصراع الداخلي والضغوط الجيوسياسية المحيطة.

أما داخليًا، فتواجه حكومة “كامل إدريس” مأزقًا بين الطموح التكنوقراطي والواقع السياسي المعقد، إذ بدا واضحًا أن تشكيل الحكومة خضع لتوازنات عسكرية وجهوية قائمة على اتفاق جوبا مثلما يتجلى في احتفاظ “جبريل إبراهيم” بمنصب وزير المالية رغم الانتقادات الموجهة إليه، وتعيين قيادات من الحركات المسلحة في وزارات سيادية، يعكس استمرار منطق المحاصصة لا منطق الكفاءة. كما أن تدخل البرهان في اختيار وزراء الدفاع والداخلية يحد من استقلالية الحكومة، ويجعل من “إدريس” مجرد غطاء مدني لمنظومة الحكم العسكري، في محاولة لامتصاص الضغط الدولي دون تقديم تنازلات حقيقية في بنية السلطة.