تخطي الروابط

الاحتلال الإسرائيلي 4– 10 يوليو 2025 

الملخص

تُكثّف الحكومة الإسرائيلية بقيادة “بنيامين نتنياهو” جهودها لإقناع إدارة “دونالد ترامب” بصفقة تبادل رهائن ووقف إطلاق نار في غزة، حيث وصلت التحركات ذروتها خلال زيارة “نتنياهو” إلى واشنطن في 7 يوليو، في ظل تراجع شعبية الحرب خاصة بعد الهدنة مع إيران وعودة تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف تحركاتها العسكرية. اللقاءات المغلقة البعيدة عن المرصد الإعلامي، وترشيح “نتنياهو” لصديقه “ترامب” لجائزة نوبل، تكشف توظيفًا رمزيًا لمحاولة تحقيق إنجاز سياسي يدعم صورة الحكومتين في الداخل والخارج؛ حيث دعم صورة الولايات المتحدة داخليًا وخارجيًا كصانعة سلام، ودعم صورة إسرائيل كمنتصر. يوازي ذلك تحرك دبلوماسي من المعارضة الإسرائيلية عبر زعيمها “يائير لابيد”، الذي التقى وزير الخارجية الإماراتي في أبو ظبي في مسعى لتفعيل مفاوضات مباشرة وتقديم تصورات بديلة لوقف الحرب، مع طرح مشروطات تشمل وصاية مصرية على غزة مقابل إعفاءات ديون.

وفي سياق المفاوضات مع حماس، أعلنت إسرائيل إرسال وفد تفاوضي إلى قطر، لاستئناف محادثات غير مباشرة مع “حماس” بشأن هدنة محتملة، مع استمرار التعنت الإسرائيلي بشأن بنود سحب القوات الإسرائيلية من القطاع والمساعدات الإنسانية، بينما يُستكمل النهج الرمزي بزيارة وفد أئمة أوروبا إلى القدس برئاسة الإمام “حسن شلغومي”، في حدث دعائي أثار رفضًا واسعًا في الأوساط الإسلامية. وتكرّس هذا النمط من “التطبيع الانتقائي” بما فيه الانفتاح السوري على إعادة تفعيل اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، دون التطرق لملف الجولان، كدلالة على سلوك إسرائيلي يعزل ملفات الأراضي المحتلة عن مسارات التهدئة وملفات التفاوض على التطبيع.  

أمَّا على الصعيد العسكري، يستمر التعنت الإسرائيلي في فتح جبهات عسكرية لفرض السيطرة على حزب الله ومقتدراته العسكرية لتفكيك سلاحه؛ حيث تشنّ إسرائيل تصعيدًا متعدد الاتجاهات، يشمل لبنان، اليمن، وسوريا، ما يُظهر رغبة عسكرية في الضغط وتوسيع النفوذ رغم خطابات التهدئة السياسية. 

وأبرز توجهات إسرائيل العسكرية هذا الأسبوع تتمثل في الآتي: في 9 يوليو، نفذ الجيش الإسرائيلي توغلات برية في جنوب لبنان، وصفها بـ”عمليات مركزة” ضد بنى تحتية لـ”حزب الله”، سبقتها ضربات جوية في “خلدة” ضد عنصر من “فيلق القدس”، وضربات مماثلة يوم 6 يوليو في البقاع. في اليمن، شهدت مدينة الحديدة سلسلة غارات عنيفة في 6 و7 يوليو، استهدفت موانئ ومنشآت كهرباء يُعتقد أنها مرتبطة بتهديدات بحرية إيرانية، في تطور ينذر بإعادة فتح الجبهة اليمنية كمسرح ميداني ضد نفوذ “أنصار الله”، وتنفيذًا لتهديدها السابق بمعاملة اليمن كإيران، أمَّا في سوريا، فقد واصلت إسرائيل عملياتها عبر وحدات “810” و”يهلوم”، مستهدفة مواقع عسكرية في جبل الشيخ، واعتقلت عناصر تابعة لفيلق القدس في عملية قرب تل قدنة، وسط محادثات أمنية غير معلنة بوساطة أميركية، تكشف عن استعداد إسرائيلي لتوسيع الفجوة الأمنية دون الالتزام الفوري بمنطقة عازلة متفق عليه.

على الجبهة الداخلية، استدعاء الجيش الإسرائيلي لـ54 ألفًا من “الحريديم”، تسبب في أزمة داخل الائتلاف الحاكم، دفعت الأحزاب الدينية لمقاطعة الكنيست والمعارضة للمطالبة بانتخابات مبكرة، تكشف هذه الأزمة هشاشة التوازن داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث يُظهر الصدام حول قانون التجنيد أن التحالف الحاكم بات مهددًا بالانهيار من داخله، بفعل ضغط الحريديم على “نتنياهو”. استدعاء واسع دون تسوية مسبقة أعاد تفجير التوترات القديمة بين مؤسسات الدولة والتيارات الدينية، وفتح المجال أمام المعارضة لإعادة طرح خطاب الانتخابات، مستفيدة من التعثر التشريعي والجمود داخل الكنيست. يبدو أن “نتنياهو” بات عالقًا بين مطالب المؤسسات الأمنية ومتطلبات الحلفاء المتشددين، في مشهد يعزز فكرة أن أزمات الداخل باتت تشكل خطرًا عليه كتحديات الخارج.. إذن يبدو أن ” نتنياهو” يشهد أزمة حقيقية شرعية داخلية ربما لن تفلح مجهودات “ترامب” في إنقاذه منها. 

أمَّا عن السلطة الفلسطينية بالأراضي المحتلة، تشهد الساحة الفلسطينية تصاعدًا في التفكك الداخلي بسبب الانقسامات الإسرائيلية التي تحدثها داخليًا، كما تشهد تحركات دبلوماسية غايتها محاولة السلطة الحفاظ على ماء الوجه؛ حيث شهد الأسبوع الماضي محاولات إسرائيلية لتوظيف الانقسامات العشائرية والأمنية. اقترح خمسة من شيوخ الخليل، بقيادة الشيخ “وديع الجعبري”، تأسيس كيان عشائري مستقل تحت مسمى “إمارة الخليل”، يعترف بإسرائيل وينفصل عن السلطة الفلسطينية، مع انضمام لاتفاقيات “أبراهام” كمقابل سياسي واقتصادي. ورغم ترحيب وزير الاقتصاد الإسرائيلي “نير بركات”، قوبلت المبادرة بتحفظ من “نتنياهو” ومعارضة أمنية من “الشاباك”، وسط مخاوف من تفكك الضفة الغربية وتكريس الانقسام الداخلي.

في الوقت ذاته، تحاول القيادة الفلسطينية تأطير الأزمة ضمن جهود دبلوماسية أوروبية؛ إذ التقت وزيرة الخارجية “فارسين أغابيكيان شاهين”بالمبعوث الأوروبي “كريستوف بيغو”، للضغط من أجل وقف الإبادة وتعزيز حل الدولتين. كما نائب الرئيس الفلسطيني “حسين الشيخ”، ، مع وفد “يووبام” آليات إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وعلى الجانب الأمني، أعلن “ياسر أبو شباب”، قائد مجموعة “القوات الشعبية”، تنسيقًا مع الجيش الإسرائيلي ودعمًا من السلطة، ما أثار جدلًا واسعًا واتهامات بالخيانة من “حماس”، في ظل ازدواجية الولاءات والانهيار الميداني المتسارع.