تخطي الروابط

الإمارات 8– 14 أغسطس 2025

الملخص

شهدت السياسة الخارجية الإماراتية حراكًا نشطًا ومتعدد المسارات، اتسم بتكثيف الاتصالات والزيارات الرفيعة المستوى، بما يعكس مسعى منظم لتعزيز النفوذ في مناطق استراتيجية متباينة جغرافيًا وسياسيًا. فعلى صعيد الانخراط في القوقاز، أجرى الرئيس محمد بن زايد اتصالًا بنظيره الأذري إلهام علييف لتهنئته باتفاق السلام مع أرمينيا، في خطوة تعكس دعم أبوظبي لمسار التسوية هناك. بالتوازي، اتصل وزير الخارجية عبد الله بن زايد برئيس وزراء مونتينيغرو ميلويكو سباجيك، لبحث آفاق التعاون الثنائي، بما يعزز تموضع الإمارات في فضاء البلقان.

أما على الصعيد الدفاعي، فقد زار وكيل وزارة الدفاع كوريا الجنوبية، واطلع على مقاتلات FA-50 والنموذج الأولي للطائرة KF-21، وأعاد افتتاح الملحقية العسكرية في سول، في مؤشر على رغبة الإمارات في توسيع شراكاتها الدفاعية شرقًا. وفي المسار ذاته، زار قائد الحرس الوطني الإماراتي الولايات المتحدة لحضور مراسم تبديل قيادة القيادة المركزية الأمريكية، في رسالة تؤكد حرص أبوظبي على تثبيت روابطها الأمنية مع واشنطن والحفاظ على ضمانات الدعم العسكري والسياسي منها.

إلا أن المشهد لم يخلُ من إشارات للتوترات الإقليمية، إذ أصدرت السفارة الأمريكية في أبوظبي تحذيرات لرعاياها من زيارة أماكن مرتبطة بالجاليتين اليهودية والإسرائيلية، على خلفية تصاعد التوتر بعد إعلان إسرائيل عزمها توسيع سيطرتها على غزة.

في المقابل، واصلت الإمارات توظيف أدواتها الاقتصادية كرافعة للنفوذ السياسي؛ إذ وقّع مصرف الإمارات المركزي مذكرة تفاهم مع بنك جنوب السودان المركزي، بحضور وزير الدولة شخبوط بن نهيان، لتطوير أنظمة الطباعة النقدية وبطاقات الدفع. وجاء ذلك بعد يوم واحد فقط من زيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار لجوبا، ما يضفي على التحرك الإماراتي بعدًا سياسيًا واضحًا يتجاوز الطابع التنموي المعلن، نحو تعزيز موطئ قدم في القرن الأفريقي والتأثير على موازين القوى في محيط السودان، الذي يشهد حالة هشاشة سياسية.

ويتكامل هذا النهج مع تحركات أبوظبي في إقليم بونتلاند الصومالي، حيث رُصدت رحلتان جويتان متتاليتان من أبوظبي إلى بوصاصو، وسط تقديرات ترجّح أن تكون تلك الشحنات جزءًا من خطة إمداد عسكري أو مشروع نفوذ طويل المدى يهدف للسيطرة على الممرات البحرية الحيوية في القرن الأفريقي.

وعليه، يتضح أن النشاط الإماراتي في بونتلاند وجنوب السودان يأتي ضمن تحرك أوسع يهدف إلى إحكام النفوذ على المحيط الإقليمي للسودان بما يقوّض فرص استقراره، ويعزز قدرة أبوظبي على المناورة في بيئة إقليمية تتسم بالتنافس على الموارد والممرات الحيوية.